الكفاءة بالمفهوم المدرسي :
إن المقاربة بالكفاءات ليست مفهوما جديدا ، إلا أنها تختلف تماما في قطاع التعليم ، لأنه إذا كانت الكفاءة في التكوين المهني هي دائما في خدمة المؤسسة والشغل ، حيث ينظر إليها على أنها وظيفة إنتاجية ملزمة بالنتيجة ، فإنها في التعليم تعني المعلم كما تعني المتعلم الذي ينبغي أن تكون الكفاءة بالإضافة إلى المعرفة في خدمته .
بالنسبة للمعلم ، فلكي يكون كفء وبالإضافة إلى مختلف المعارف ، يجب عليه أن يوظف عددا من القدرات . كتحليل وضعية ، توقع ردود أفعال المتعلمين ، التعبير بوضوح ،التعمق في تناول بعض الوضعيات إذا لزم الأمر ،التواصل مع زملائه حول ما يقوم به من الأعمال ، القدرة على مراجعة نفسه عندما يتعين التكيف مع الأوضاع ..والمعلم الكفء ليس ذلك الذي يستطيع أن يذكر كيف ينظم قسمه الدراسي ، بل ذلك الذي يقدر على تنظيمهبكيفية ملموسة . فإذا كانت الكفاءة تستلزم تجنيد القدرات والمحتويات، فان هذا التجنيد لا يكفي ،بل يجب أن يتم في وضعية ما.من الوضعيات المتمثلة في القيام بمتعلمات في القسم الدراسي . إن تنظيم وضعية تعليمية بالنسبة للمعلم ، لا يقتصر على تعيين حدود محتوى المادة وتبليغها للتلاميذ، بل التأكد أيضا من مكتسبا تهم القبلية قبل الشروع في الدرس الجديد ،والقدرة على التعامل البيداغوجي مع الفروق الفردية الموجودة في القسم الواحد بحيث يأخذ في الحسبان مستويات المتعلمين المتفرقة ، والأخذ في الاعتبار بعض الجوانب الوجدانية والنفس حركية للمتعلمين ، وتقييم مكتسبا تهم ومساعدتهم على استيعاب هذه المكتسبات ، وغيرها من المطالب والشروط التي يجب إن تتوفر في المعلم الكفء الذي يتعامل مع المناهج ذات المقاربة بالكفاءات .
أما بالنسبة للمتعلمين ،فالمطلوب منهم أن يتعلموا كيف يستخدمون مختلف المعارف والقدرات في وضعية ما ،فلا ينبغي الاكتفاء في تعليمهم كتابة الكلمات المختلفة ، بل يجب أن يتمكنوا من كتابة نصوص من مختلف الأنواع ذات دلالة معنوية قصد تبليغ رسالة معينة ، كما لا يمكن في التربية الرياضية الاكتفاء بإجراء العمليات الأربعة (الجمع ، الطرح، الضرب، القسمة ) بل تمكين التلاميذ من اكتساب القدرة على إيجاد الحلول المناسبة لمختلف الإشكاليات الرياضية التي تواجههم في الحيات المدرسية والعملية .وكذا بالنسبة للمعارف الجغرافية والعلمية فانه لا يكتفي باكتساب عدد من المعارف المتعلقة بالبيئة، بل أن يقدر المتعلم على العمل من اجل صيانة هذه البيئة بعد فهمه لأهميتها في الحياة .
معنى ذلك أن ممارسة أي كفاءة بالمفهوم المدرسي لابد أن تتم في وضعية من الاندماج له دلالة معنوية ، أي أن الكفاءة تتجلى في استعمال عدة معارف ومهارات في نسق يؤدي إلى نتيجة معينة.كالإجابة عن رسالة صديق ، أو التعبير عن علاقة منطقية بين السبب والنتيجة ، أو حل مشكلة مطروحة بكيفية ملموسة ..إن وضعية الاندماج لعدد من عناصر التعلم ،تمنح التلميذ فرصة البرهنة على انه قادر على استعمال هذه العناصر بكيفية فعالة وإجرائية ، وتهدف إلى إعطاء التعليمات دلالات معنوية بالنسبة للمتعلم . مثلا .كتابة رسالة تحتاج إلى عناصر منها ( القراءة ، الكتابة ،مفردات متنوعة ، جمل متعدد ،قواعد اللغة ، الأسلوب ،النسج اللغوي بين المفردات والجمل .. هذه العناصر كلها وهي متكاملة أو كما يقال وهي مدمجة تؤدي إلى معنى أو دلالة معينة يسعى المرسل إلى توصيلها إلى المرسل إليه .فالكفاءة اللغوية تحتاج إلى تعلم اللغة كوحدة كاملة متكاملة من حيث العبارات والمعاني والأسلوب الذي يؤدي إلى معنى كاملا ، وليس كأجزاء منفصلة من العبارات والمعاني ، كما هو الشأن بالنسبة لتعلم اللغة في المدرسة الأساسية ،الأمر الذي أدى إلى ضعف التلاميذ في التعبير عن أفكارهم بأسلوب متكامل من حيث العبارات والمعاني ،كما اثر هذا الأسلوب سلبا في فهم وإدراك العلاقات القائمة بين الوضعيات والإشكاليات المختلفة التي تواجه التلاميذ على مستوى المواد الدراسية ، وخاصة في الامتحانات الرسمية التي تحتاج إلى إدراك العلاقات بين مختلف المفاهيم والمعارف والطرق التي تؤدي إلى النتائج المطلوبة .
هذه الميزة التي تتميز بها الكفاءة بالمفهوم المدرسي ، تعني انه عوض الاكتفاء بتعليم المتعلمين عدد من المعارف المنفصلة عن بعضها البعض ، يعمل المعلم على جعلهم قادرين على استعمال هذه المعارف في وضعيات اندماجية ذات دلالة معنوية .
مفهوم الكفاءة بالمعنى المدرسي ، هو مفهوم إدماجي يأخذ في الحسبان كلا من المحتويات المعرفية والأنشطة التعليمية والمواقف التي تمارس فيها هذه الأنشطة .ويؤكد الأستاذ رو جرس أكثر على ميزة الكفاءة بالمفهوم المدرسي حين يشير إلى ضرورة اعتبارها مكسبا كامنا لدى صاحبها بحيث يلجا إلى ممارستها كلما كان في حاجة إليها فهو يقول :
"أنا كفء إذا كنت أستطيع في كل وقت أن أبرهن على أنني كفء "
هذه الميزة مهمة أيضا في قطاع التربية والتعليم ، حيث يجب أن تكون الكفاءة دائما في خدمة الفرد ، وفي خدمة ما يريد القيام به كفرد .الشيء الذي يجعل الكفاءة المدرسية ، ابعد ما تكون عن مفهومها في التكوين المهني .
ويعرف (بيرنو Perrenoud )الكفاءة من النوع الذي تعد به المدرسة المتعلمين للحياة بقوله :
"هي قدرة عمل فاعلة لمواجهة مجال مشترك من المواقف التي يمكن التحكم فيها بفضل توفر كلا من المعارف الضرورية والقدرة على توظيفها عن دراية في الوقت المناسب ، من اجل التعرف على المشاكل الحقيقية وحلها "
لنأخذ كمثال على ذلك كفاءة البرهنة كمجال مشترك لعدة مواقف وهي :
***9679; الدفاع عن فكرة أو رأي
***9679; الحصول على المعلومات
***9679; تبرير سلوك معين
***9679; شرح الاختيارات
***9679; العمل على إقناع الغير باختيارات معينة
***9679; الدفاع عن حقوقه واستقلاله الذاتي
خلاصة القول عن الكفاءة في المدرسة : إنها ليست شيئا نعرفه فحسب ، بل هي شيء نحسن القيام به . وعليه لنقترح في مناهجنا ما يجعل المتعلمين قادرين على القيام بالنشاطات . وهم يوظفون من اجل ذلك معارفهم المكتسبة في المدرسة ومن التجربة المعاشة .
السلام عليكم
التعليم كله يهدف إلى إكساب الطالب كفاءات متنوعة تساعده في حياته اليومية.