من خلال قراءتي لكتاب دلائل النبوة للامام البيهقي وجدت سبب علو القرآن كمعجزة على باقي معجزات الانبياء, وسأذكر ثلاثة أوجه منها:
أن الذي أورده المصطفى على العرب من الكلام الذي أعجزهم عن الإتيان بمثله أعجب في الآية وأوضح في الدلالة من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص لأنه أتى أهل البلاغة وأرباب الفصاحة ورؤساء البيان والمتقدمين في الألسن بكلام مفهوم المعنى عندهم فكان عجزهم أعجب من عجز من شاهد المسيح عن إحياء الموتى لأنهم لم يكونوا يطيقون فيه ولا في إبراء الأكمه والأبرص ولا يتعاطون علمه وقريش كانت تتعاطى الكلام الفصيح والبلاغة والخطابة فدل أن العجز عنه إنما كان لأن يصير علماً على رسالته وصحة نبوته وهذا حجة قاطعة وبرهان واضح
الخبر عن الغيب وذلك في قوله عز وجل (ليظهره على الدين كله) وقوله (ليستخلفنهم في الأرض) وقوله في الروم (وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) وغير ذلك من وعده إياه بالفتوح في زمانه وبعده ثم كان كما أخبر ومعلوم أنه كان لا يعلم النجوم ولا الكهانة ولا يجالس أهلها
الخبر عن قصص الأولين من غير خلاف ادعى عليه فيما وقع الخبر عنه من كان من أهل تلك الكتب ومعلوم أنه كان أمياً لا يقرأ كتاباً ولا يخطه ولا يجالس أهل الكتب للأخذ عنهم وحين زعم بعضهم أنما يعلمه بشر رد الله ذلك عليهم فقال (لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين) فزعم أهل التفسير أنه كان لابن الحضرمي غلامان نصرانيان يقرآن كتاباً لهما بالرومية وقيل بالعبرانية فكان يأتيهما فيحدثهما ويعلمهما فقال المشركون إنما يتعلم محمد منهما فأنزل الله عز وجل هذه الآية
و كلما تقدم العلم كلما كشف لنا القرآن عن وجه من وجوه اعجازه الى يوم القيامة
و اسال الله أن يعلمنا ما ينفعنا و ان ينفعنا بما علمنا و قل ربي زدني علما