الفرزدق
–
الفَرَزدَق
38 –
110 ه / 658 – 728 م
همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس.
شاعر من النبلاء، من أهل البصرة، عظيم الأثر في اللغة.
يشبه بزهير بن أبي سلمى وكلاهما من شعراء الطبقة الأولى، زهير في الجاهليين، والفرزدق في الإسلاميين.
وهو صاحب الأخبار مع جرير والأخطل، ومهاجاته لهما أشهر من أن تذكر. كان شريفاً في قومه، عزيز الجانب، يحمي من يستجير بقبر أبيه.
لقب بالفرزدق لجهامة وجهه وغلظه. وتوفي في بادية البصرة، وقد قارب المئة
هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ،
وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ،
هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ
هذا ابنُ فاطمَةٍ، إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ،
بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا
وَلَيْسَ قَوْلُكَ: مَن هذا؟ بضَائرِه،
العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ
كِلْتا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفعُهُمَا،
يُسْتَوْكَفانِ، وَلا يَعرُوهُما عَدَمُ
سَهْلُ الخَلِيقَةِ، لا تُخشى بَوَادِرُهُ،
يَزِينُهُ اثنانِ: حُسنُ الخَلقِ وَالشّيمُ
حَمّالُ أثقالِ أقوَامٍ، إذا افتُدِحُوا،
حُلوُ الشّمائلِ، تَحلُو عندَهُ نَعَمُ
ما قال: لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ،
لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ
عَمَّ البَرِيّةَ بالإحسانِ، فانْقَشَعَتْ
عَنْها الغَياهِبُ والإمْلاقُ والعَدَمُ
إذ رَأتْهُ قُرَيْشٌ قال قائِلُها:
إلى مَكَارِمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ
يُغْضِي حَياءً، وَيُغضَى من مَهابَتِه،
فَمَا يُكَلَّمُ إلاّ حِينَ يَبْتَسِمُ
بِكَفّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ،
من كَفّ أرْوَعَ، في عِرْنِينِهِ شمَمُ
يَكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ رَاحَتِهِ،
رُكْنُ الحَطِيمِ إذا ما جَاءَ يَستَلِمُ
الله شَرّفَهُ قِدْماً، وَعَظّمَهُ،
جَرَى بِذاكَ لَهُ في لَوْحِهِ القَلَمُ
أيُّ الخَلائِقِ لَيْسَتْ في رِقَابِهِمُ،
لأوّلِيّةِ هَذا، أوْ لَهُ نِعمُ
مَن يَشكُرِ الله يَشكُرْ أوّلِيّةَ ذا؛
فالدِّينُ مِن بَيتِ هذا نَالَهُ الأُمَمُ
يُنمى إلى ذُرْوَةِ الدّينِ التي قَصُرَتْ
عَنها الأكفُّ، وعن إدراكِها القَدَمُ
مَنْ جَدُّهُ دان فَضْلُ الأنْبِياءِ لَهُ؛
وَفَضْلُ أُمّتِهِ دانَتْ لَهُ الأُمَمُ
مُشْتَقّةٌ مِنْ رَسُولِ الله نَبْعَتُهُ،
طَابَتْ مَغارِسُهُ والخِيمُ وَالشّيَمُ
يَنْشَقّ ثَوْبُ الدّجَى عن نورِ غرّتِهِ
كالشمس تَنجابُ عن إشرَاقِها الظُّلَمُ
من مَعشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ، وَبُغْضُهُمُ
كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنجىً وَمُعتَصَمُ
مُقَدَّمٌ بعد ذِكْرِ الله ذِكْرُهُمُ،
في كلّ بَدْءٍ، وَمَختومٌ به الكَلِمُ
إنْ عُدّ أهْلُ التّقَى كانوا أئِمّتَهمْ،
أوْ قيل: «من خيرُ أهل الأرْض؟» قيل: هم
لا يَستَطيعُ جَوَادٌ بَعدَ جُودِهِمُ،
وَلا يُدانِيهِمُ قَوْمٌ، وَإنْ كَرُمُوا
هُمُ الغُيُوثُ، إذا ما أزْمَةٌ أزَمَتْ،
وَالأُسدُ أُسدُ الشّرَى، وَالبأسُ محتدمُ
لا يُنقِصُ العُسرُ بَسطاً من أكُفّهِمُ؛
سِيّانِ ذلك: إن أثَرَوْا وَإنْ عَدِمُوا
يُستدْفَعُ الشرُّ وَالبَلْوَى بحُبّهِمُ،
وَيُسْتَرَبّ بِهِ الإحْسَانُ وَالنِّعَمُ
وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ،
هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ
هذا ابنُ فاطمَةٍ، إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ،
بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا
وَلَيْسَ قَوْلُكَ: مَن هذا؟ بضَائرِه،
العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ
كِلْتا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفعُهُمَا،
يُسْتَوْكَفانِ، وَلا يَعرُوهُما عَدَمُ
سَهْلُ الخَلِيقَةِ، لا تُخشى بَوَادِرُهُ،
يَزِينُهُ اثنانِ: حُسنُ الخَلقِ وَالشّيمُ
حَمّالُ أثقالِ أقوَامٍ، إذا افتُدِحُوا،
حُلوُ الشّمائلِ، تَحلُو عندَهُ نَعَمُ
ما قال: لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ،
لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ
عَمَّ البَرِيّةَ بالإحسانِ، فانْقَشَعَتْ
عَنْها الغَياهِبُ والإمْلاقُ والعَدَمُ
إذ رَأتْهُ قُرَيْشٌ قال قائِلُها:
إلى مَكَارِمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ
يُغْضِي حَياءً، وَيُغضَى من مَهابَتِه،
فَمَا يُكَلَّمُ إلاّ حِينَ يَبْتَسِمُ
بِكَفّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ،
من كَفّ أرْوَعَ، في عِرْنِينِهِ شمَمُ
يَكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ رَاحَتِهِ،
رُكْنُ الحَطِيمِ إذا ما جَاءَ يَستَلِمُ
الله شَرّفَهُ قِدْماً، وَعَظّمَهُ،
جَرَى بِذاكَ لَهُ في لَوْحِهِ القَلَمُ
أيُّ الخَلائِقِ لَيْسَتْ في رِقَابِهِمُ،
لأوّلِيّةِ هَذا، أوْ لَهُ نِعمُ
مَن يَشكُرِ الله يَشكُرْ أوّلِيّةَ ذا؛
فالدِّينُ مِن بَيتِ هذا نَالَهُ الأُمَمُ
يُنمى إلى ذُرْوَةِ الدّينِ التي قَصُرَتْ
عَنها الأكفُّ، وعن إدراكِها القَدَمُ
مَنْ جَدُّهُ دان فَضْلُ الأنْبِياءِ لَهُ؛
وَفَضْلُ أُمّتِهِ دانَتْ لَهُ الأُمَمُ
مُشْتَقّةٌ مِنْ رَسُولِ الله نَبْعَتُهُ،
طَابَتْ مَغارِسُهُ والخِيمُ وَالشّيَمُ
يَنْشَقّ ثَوْبُ الدّجَى عن نورِ غرّتِهِ
كالشمس تَنجابُ عن إشرَاقِها الظُّلَمُ
من مَعشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ، وَبُغْضُهُمُ
كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنجىً وَمُعتَصَمُ
مُقَدَّمٌ بعد ذِكْرِ الله ذِكْرُهُمُ،
في كلّ بَدْءٍ، وَمَختومٌ به الكَلِمُ
إنْ عُدّ أهْلُ التّقَى كانوا أئِمّتَهمْ،
أوْ قيل: «من خيرُ أهل الأرْض؟» قيل: هم
لا يَستَطيعُ جَوَادٌ بَعدَ جُودِهِمُ،
وَلا يُدانِيهِمُ قَوْمٌ، وَإنْ كَرُمُوا
هُمُ الغُيُوثُ، إذا ما أزْمَةٌ أزَمَتْ،
وَالأُسدُ أُسدُ الشّرَى، وَالبأسُ محتدمُ
لا يُنقِصُ العُسرُ بَسطاً من أكُفّهِمُ؛
سِيّانِ ذلك: إن أثَرَوْا وَإنْ عَدِمُوا
يُستدْفَعُ الشرُّ وَالبَلْوَى بحُبّهِمُ،
وَيُسْتَرَبّ بِهِ الإحْسَانُ وَالنِّعَمُ
</B></I>
يا ظَمْي وَيْحَكِ إني ذُو مُحافَظَةٍ،
أنْمي إلى مَعْشَرٍ شُمّ الخرَاطِيمِ
مِنْ كخلّ أبْلَجَ كَالدّينَارِ غُرّتُهُ،
مِنْ آلِ حَنظَلَةَ البِيضِ المَطاعيمِ
يا لَيتَ شعريه على قيل الوُشاةِ لَنَا:
أصَرّمَتْ حَبْلَنَا أمْ غَيرَ مَصرومِ؟
أمْ تَنشَحَنّ على الحَرْبِ التي جَرَمتْ
مِني فُؤادَ امرِىءٍ حَرّانَ مَهْيُومِ
أهْلي فِداؤكَ مِن جارٍ عَلى عَرَضٍ،
مُوَدَّعٍ لِفِرَاقٍ غَيرَ مَذْمُومِ
يَوْمَ الَناقَةِ إذْ تُبْدِي نَصِيحَتَهَا
سِرّاً بمُضْطَمِرِ الحاجاتِ مَكْتُومِ
تَقُولُ وَالعِيسُ قَد كانَتْ سَوَالِفُها
دُونَ المَوَارِكِ قد عِيجَتْ بتَقوِيمِ
ألا تَرَى القَوْمَ مِمّا في صُدُورِهِمُ
كَأنّ أوْجُهَهُمْ تُطْلَى بِتَنّومِ
إذا رَأوْكَ،، أطالَ الله غَيرَتَهُمْ،
عَضّوا مِنَ الغَيْظِ أطْرَافَ الأبَاهيمِ
إني بِها وَبِرَأسِ العَينِ مَحْضَرُهَا،
وَأنْتَ نَاءٍ بِجَنْبي رَعْن مقْرُومِ
لا كَيْفَ إلاّ على غَلْبَاءَ دَوْسَرَةٍ
تَأوِي إلى عَيْدَةٍ للرّحْلِ مَلْمُومِ
صَهْبَاءَ قَدْ أخْلفَتْ عامَينِ باذِلَها،
تَلُطّ عَن جاذِبِ الأخلافِ مَعقُومِ
إحْدَى اللّواتي إذا الحَادي تَنَاوَلَها
مَدَّتْ لها شَطَنِ القُودِ العَيَاهِيمِ
حَتى يُرَى وَهُوَ مَحزُومٌ كَأنّ بِهِ
حُمّى المَدِينَةِ أوْ داءً مِنَ المُومِ
صَيْدَاءَ شأمِيّةٍ حَرْفٍ كمُشْتَرِفٍ
إلى الشِّخاصِ من التّضغانِ محْجومِ
أوْ أخُدَريَّ فَلاةٍ ظَلّ مُرْتَبِئاً،
على صَرِيمَةِ أمْرٍ غَيرِ مَقْسُومِ
جَوْنٌ يُؤجِّلُ عَانَاتٍ ويَجْمَعُهَا
حَوْلَ الخُدادَةِ أمْثَال الأنَاعِيمِ
رَعَى بهَا أشهُراً يَقْرُو الخَلاءَ بهَا،
مُعانِقاً للهَوَادي، غَيرَ مَظلُومِ
شَهْرَيْ رَبيعٍ يَلُسّ الرّوْضَ مُونقةً
إلى جُمَادَى بِزَهْرِ النَّوْرِ مَعْمُومِ
بالدَّحْل كُلَّ ظَلامٍ لا تَزَالُ لَهُ
حَشْرَجَةٌ أوْ سَحيلٌ بَعدَ تَدْوِيمِ
حَتى إذا أنْفَضَ البُهْمَى، وَكان لهُ
مِنْ نَاصِلٍ من سَفَاها كالمَخاذِيمِ
تَذَكّرَ الوِرْدَ وَانْضَمّتْ ثَمِيلَتُهُ
في بارِحٍ من نَهارِ النّجمِ مَسْمُومِ
أرَنَّ، وَانْتَظَرَتْهُ أينَ يَعْدِلُهَا،
مُكَدَّحاً، بجَنِينٍ غَيرِ مَهْشُومِ
غَاشي المَخارِمِ ما يَنْفَكّ مُغتَصِباً
زَوْجاتِ آخَرَ في كُرْهٍ وَتَرْغِيمِ
وَظَلّ يَعْدِلُ أيَّ المَوْرِدَينِ لها
أدْنَى بمُنْخَرِقِ القِيعانِ مَسْؤومِ
أضارِجاً، أمْ مياه السِّيفِ يَقرِبُهَا،
كَضَارِبٍ بِقِداَحِ القَسْمِ مَأمُومِ
حتى إذا جَنّ داجي اللّيلِ هَيّجَها
ثَبْتُ الخَبَارِ، وَثُوبٌ للجَرَاثِيمِ
يَلُمّهَا مُقْرِباً، لَوْلا شَكَاسَتُهُ،
يَنفي الجِحاشَ وَيُزْرِي بالمقَاحِيمِ
حتى تَلاقَى بهَا في مُسْي ثَالِثَةٍ
عَيْناً لَدى مَشرَبٍ مِنهُنّ مَعلُومِ
خافَ عَلَيها بَحِيراً قَدْ أعَدّ لهَا
في غامضٍ من تُرَابِ الأرْضِ مَدمومِ
نابي الفرَاشِ طَرِيُّ اللّحمِ مُطْعَمُهُ،
كَأنّ ألْوَاحَهُ ألْوَاحُ مَحصُومِ
عارِي الأشاجعِ مَسعُورٌ أخو قَنصٍ،
فَمَا يَنَامُ بْحيرٌ غَيرَ تَهْوِيمِ
حتى إذا أيْقَنَتْ أنْ لا أنِيسَ لهَا
إلاّ نَئِيمٌ كأصْوَاتِ التّرَاجِيمِ
تَوَرّدَتْ وَهْيَ مُزْوَرٌّ فَرَائِصُهَا
إلى الشّرَايِعِ بِالقُودِ المَقادِيمِ
وَاسْتَرْوَحَتْ تَرْهَبُ الأبْصَار أنّ لها
على القُصَيبَةِ مِنهُ لَيلَ مَشْؤومِ
حتى إذا غَمَرَ الحَوْماتُ أكْرُعَهَا،
وَعَانَقَتْ مُسْتَنِيماتِ العَلاجِيمِ
وَسَاوَرَتْهُ، بألْحَيْهَا، وَمَالَ بِهَا
بَرْدٌ يُخالِطُ أجْوَاقَ الحَلاقِيمِ
نَكَادُ آذانُهَا في المَاءِ يَقْصِفُهَا
بِيضُ المَلاغِيمِ أمْثَالُ الخَواتِيمِ
وَقَدْ تحَرّفَ حتى قَالَ قَدْ فَعَلَتْ،
وَاستَوْضَحتْ صَفَحاتِ القُرَّحِ الهِيمِ
ثمّ انْتَحَى بِشَدِيدِ العَيرِ يَحْفِزُهُ
حَدُّ امرِىءٍ في الهَوَادي غَيرِ محْرُومِ
فَمَرّ مِنْ تَحْتِ ألحَيهَا، وكَانَ لهَا
وَاقٍ إلى قَدَرٍ لا بُدّ مَحْمُومِ
فَانْقَعَرَتْ في سَوَادِ اللّيْلِ يَغصِبُها
بِوَابلٍ من عَمُودِ الشّدّ مَشهومِ
فَآبَ رَامي بَني الحرْمانِ مُلْتَهِفاً
يَمْشِي بِفُوقَينِ مِنْ عُرْيانَ محْطومِ
فَظَلّ مِنْ أسَفٍ، أنْ كانَ أخطأها،
في بَيتِ جوعٍ قَصِيرِ السّمكِ مهدومِ
مَحكانُ شَرُّ فُحولِ النّاسِ كُلّهِمِ،
وَشَرُّ وَالِدَةٍ أُمُّ الفَرَازِيمِ
فحْلانِ لمْ يَلْقَ شَرٌّ مِنْهُمَا وَلَداً،
مِمّنْ تَرَمّزَ بَينَ الهِنْدِ وَالرّومِ
يا مُرّ يا ابنَ سُحَيْمٍ كيْفَ تَشتمني،
عَبْدٌ لِعَبْدٍ لَئِيمِ الخالِ مَكْرُومِ
ما كُنْتَ أوّل عَبْدٍ سَبّ سَادَتَهُ
مُوَلَّعٍ بَينَ تَجْدِيعٍ وَتَصْلِيمِ
تُبْنى بُيُوتُ بَني سَعدٍ، وبَيَتُكمُ
على ذَلِيلٍ مِنَ المَخْزاةِ مَهْدُومِ
فَاهْجُرْ دِيَارَ بَني سَعْدٍ، فَإنّهُمُ
قَوْمٌ على هَوَجٍ فِيهِمُ وَتَهْشِيمِ
من كُلّ أقَعَس كالرّاقُودِ حُجزَتُهُ
مَمْلُوءةٌ مِنْ عَتِيقِ التّمْرِ وَالثّومِ
إذا تَعَشّى عَتِيقَ التّمْرِ قَامَ لَهُ
تَحْتَ الخَمِيلِ عِصَارٌ ذو أضامِيمِ
أنْمي إلى مَعْشَرٍ شُمّ الخرَاطِيمِ
مِنْ كخلّ أبْلَجَ كَالدّينَارِ غُرّتُهُ،
مِنْ آلِ حَنظَلَةَ البِيضِ المَطاعيمِ
يا لَيتَ شعريه على قيل الوُشاةِ لَنَا:
أصَرّمَتْ حَبْلَنَا أمْ غَيرَ مَصرومِ؟
أمْ تَنشَحَنّ على الحَرْبِ التي جَرَمتْ
مِني فُؤادَ امرِىءٍ حَرّانَ مَهْيُومِ
أهْلي فِداؤكَ مِن جارٍ عَلى عَرَضٍ،
مُوَدَّعٍ لِفِرَاقٍ غَيرَ مَذْمُومِ
يَوْمَ الَناقَةِ إذْ تُبْدِي نَصِيحَتَهَا
سِرّاً بمُضْطَمِرِ الحاجاتِ مَكْتُومِ
تَقُولُ وَالعِيسُ قَد كانَتْ سَوَالِفُها
دُونَ المَوَارِكِ قد عِيجَتْ بتَقوِيمِ
ألا تَرَى القَوْمَ مِمّا في صُدُورِهِمُ
كَأنّ أوْجُهَهُمْ تُطْلَى بِتَنّومِ
إذا رَأوْكَ،، أطالَ الله غَيرَتَهُمْ،
عَضّوا مِنَ الغَيْظِ أطْرَافَ الأبَاهيمِ
إني بِها وَبِرَأسِ العَينِ مَحْضَرُهَا،
وَأنْتَ نَاءٍ بِجَنْبي رَعْن مقْرُومِ
لا كَيْفَ إلاّ على غَلْبَاءَ دَوْسَرَةٍ
تَأوِي إلى عَيْدَةٍ للرّحْلِ مَلْمُومِ
صَهْبَاءَ قَدْ أخْلفَتْ عامَينِ باذِلَها،
تَلُطّ عَن جاذِبِ الأخلافِ مَعقُومِ
إحْدَى اللّواتي إذا الحَادي تَنَاوَلَها
مَدَّتْ لها شَطَنِ القُودِ العَيَاهِيمِ
حَتى يُرَى وَهُوَ مَحزُومٌ كَأنّ بِهِ
حُمّى المَدِينَةِ أوْ داءً مِنَ المُومِ
صَيْدَاءَ شأمِيّةٍ حَرْفٍ كمُشْتَرِفٍ
إلى الشِّخاصِ من التّضغانِ محْجومِ
أوْ أخُدَريَّ فَلاةٍ ظَلّ مُرْتَبِئاً،
على صَرِيمَةِ أمْرٍ غَيرِ مَقْسُومِ
جَوْنٌ يُؤجِّلُ عَانَاتٍ ويَجْمَعُهَا
حَوْلَ الخُدادَةِ أمْثَال الأنَاعِيمِ
رَعَى بهَا أشهُراً يَقْرُو الخَلاءَ بهَا،
مُعانِقاً للهَوَادي، غَيرَ مَظلُومِ
شَهْرَيْ رَبيعٍ يَلُسّ الرّوْضَ مُونقةً
إلى جُمَادَى بِزَهْرِ النَّوْرِ مَعْمُومِ
بالدَّحْل كُلَّ ظَلامٍ لا تَزَالُ لَهُ
حَشْرَجَةٌ أوْ سَحيلٌ بَعدَ تَدْوِيمِ
حَتى إذا أنْفَضَ البُهْمَى، وَكان لهُ
مِنْ نَاصِلٍ من سَفَاها كالمَخاذِيمِ
تَذَكّرَ الوِرْدَ وَانْضَمّتْ ثَمِيلَتُهُ
في بارِحٍ من نَهارِ النّجمِ مَسْمُومِ
أرَنَّ، وَانْتَظَرَتْهُ أينَ يَعْدِلُهَا،
مُكَدَّحاً، بجَنِينٍ غَيرِ مَهْشُومِ
غَاشي المَخارِمِ ما يَنْفَكّ مُغتَصِباً
زَوْجاتِ آخَرَ في كُرْهٍ وَتَرْغِيمِ
وَظَلّ يَعْدِلُ أيَّ المَوْرِدَينِ لها
أدْنَى بمُنْخَرِقِ القِيعانِ مَسْؤومِ
أضارِجاً، أمْ مياه السِّيفِ يَقرِبُهَا،
كَضَارِبٍ بِقِداَحِ القَسْمِ مَأمُومِ
حتى إذا جَنّ داجي اللّيلِ هَيّجَها
ثَبْتُ الخَبَارِ، وَثُوبٌ للجَرَاثِيمِ
يَلُمّهَا مُقْرِباً، لَوْلا شَكَاسَتُهُ،
يَنفي الجِحاشَ وَيُزْرِي بالمقَاحِيمِ
حتى تَلاقَى بهَا في مُسْي ثَالِثَةٍ
عَيْناً لَدى مَشرَبٍ مِنهُنّ مَعلُومِ
خافَ عَلَيها بَحِيراً قَدْ أعَدّ لهَا
في غامضٍ من تُرَابِ الأرْضِ مَدمومِ
نابي الفرَاشِ طَرِيُّ اللّحمِ مُطْعَمُهُ،
كَأنّ ألْوَاحَهُ ألْوَاحُ مَحصُومِ
عارِي الأشاجعِ مَسعُورٌ أخو قَنصٍ،
فَمَا يَنَامُ بْحيرٌ غَيرَ تَهْوِيمِ
حتى إذا أيْقَنَتْ أنْ لا أنِيسَ لهَا
إلاّ نَئِيمٌ كأصْوَاتِ التّرَاجِيمِ
تَوَرّدَتْ وَهْيَ مُزْوَرٌّ فَرَائِصُهَا
إلى الشّرَايِعِ بِالقُودِ المَقادِيمِ
وَاسْتَرْوَحَتْ تَرْهَبُ الأبْصَار أنّ لها
على القُصَيبَةِ مِنهُ لَيلَ مَشْؤومِ
حتى إذا غَمَرَ الحَوْماتُ أكْرُعَهَا،
وَعَانَقَتْ مُسْتَنِيماتِ العَلاجِيمِ
وَسَاوَرَتْهُ، بألْحَيْهَا، وَمَالَ بِهَا
بَرْدٌ يُخالِطُ أجْوَاقَ الحَلاقِيمِ
نَكَادُ آذانُهَا في المَاءِ يَقْصِفُهَا
بِيضُ المَلاغِيمِ أمْثَالُ الخَواتِيمِ
وَقَدْ تحَرّفَ حتى قَالَ قَدْ فَعَلَتْ،
وَاستَوْضَحتْ صَفَحاتِ القُرَّحِ الهِيمِ
ثمّ انْتَحَى بِشَدِيدِ العَيرِ يَحْفِزُهُ
حَدُّ امرِىءٍ في الهَوَادي غَيرِ محْرُومِ
فَمَرّ مِنْ تَحْتِ ألحَيهَا، وكَانَ لهَا
وَاقٍ إلى قَدَرٍ لا بُدّ مَحْمُومِ
فَانْقَعَرَتْ في سَوَادِ اللّيْلِ يَغصِبُها
بِوَابلٍ من عَمُودِ الشّدّ مَشهومِ
فَآبَ رَامي بَني الحرْمانِ مُلْتَهِفاً
يَمْشِي بِفُوقَينِ مِنْ عُرْيانَ محْطومِ
فَظَلّ مِنْ أسَفٍ، أنْ كانَ أخطأها،
في بَيتِ جوعٍ قَصِيرِ السّمكِ مهدومِ
مَحكانُ شَرُّ فُحولِ النّاسِ كُلّهِمِ،
وَشَرُّ وَالِدَةٍ أُمُّ الفَرَازِيمِ
فحْلانِ لمْ يَلْقَ شَرٌّ مِنْهُمَا وَلَداً،
مِمّنْ تَرَمّزَ بَينَ الهِنْدِ وَالرّومِ
يا مُرّ يا ابنَ سُحَيْمٍ كيْفَ تَشتمني،
عَبْدٌ لِعَبْدٍ لَئِيمِ الخالِ مَكْرُومِ
ما كُنْتَ أوّل عَبْدٍ سَبّ سَادَتَهُ
مُوَلَّعٍ بَينَ تَجْدِيعٍ وَتَصْلِيمِ
تُبْنى بُيُوتُ بَني سَعدٍ، وبَيَتُكمُ
على ذَلِيلٍ مِنَ المَخْزاةِ مَهْدُومِ
فَاهْجُرْ دِيَارَ بَني سَعْدٍ، فَإنّهُمُ
قَوْمٌ على هَوَجٍ فِيهِمُ وَتَهْشِيمِ
من كُلّ أقَعَس كالرّاقُودِ حُجزَتُهُ
مَمْلُوءةٌ مِنْ عَتِيقِ التّمْرِ وَالثّومِ
إذا تَعَشّى عَتِيقَ التّمْرِ قَامَ لَهُ
تَحْتَ الخَمِيلِ عِصَارٌ ذو أضامِيمِ
</B></I>
</B></I>
رد: الفرزدق
يا سلام على المعلومات القيمة شكرا لك جارة الوادي
رد: الفرزدق
شكرا على المعلومات بارك الله فيك