الاستمناء في اللغة: استدعاء خروج المني بغير الجماع، سواء كان باليد أم بغيرها من الطرق المستعملة في ذلك. ويسمى الاستمناء بالخضخضة أيضا، وبجلد عميرة، كما ذكره أبو حيان في البحر المحيط. واشتهر بالعادة السرية لأن الغالب في هذه الخصلة الخبيثة أنها تمارس في السر.
الاستمناء حرام.. هذا ما ذهبت إليه المالكية والشافعية والحنفية وجمهور العلماء واستدلوا بقوله تعالى: ”والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون” المؤمنون الآية: 5/6/7 وجه الدلالة من هذه الآية الكريمة ظاهر، فإن الله تعالى مدح المؤمنين بحفظهم لفروجهم مما حرم عليهم، وأخبر برفع الحرج واللوم عنهم في قربانهم لأزواجهم وإمائهم المملوكات لهم، مستثنيا ذلك من عموم حفظ الفروج الذي مدحهم به. ثم عقب بقوله تعالى: ”فمن ابتغى” أي طلب ”وراء ذلك” أي سوى ذلك المذكور من الأزواج والإماء ”فأولئك هم العادون” أي الظالمون المتجاوزون الحلال إلى الحرام، لأن ”العادي” هو الذي يتجاوز الحد، ومتجاوز ما حدّه الله ظالم، بدليل قوله تعالى: ”ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون” البقرة آية .229 فكانت هذه الآية عامة في تحريم ما عدا صنفي الأزواج والإماء. ولا شك أن الاستمناء حرام، ومبتغيه ظالم بنص القرآن. قال الإمام القرطبي في تفسيره عند الكلام على هذه الآية ”قال بعض العلماء: إنه كالفاعل بنفسه، وهي معصية، أحدثها الشيطان، وأجراها بين الناس، حتى صارت مسألة ويا ليتها لم تقل، ولو قام الدليل على جوازها، لكان ذو المروءة يعرض عنها لدناءتها.
فإن قيل: فقد قيل: إنه خير من نكاح الأمة. قلت: نكاح الأمة ولو كانت كافرة ـ على مذهب العلماء ـ خير من هذا، وإن كان قد قال به قائل أيضا. ولكن الاستمناء ضعيف في الدليل، عار بالرجل الدنيء، فكيف بالرجل الكبير؟
وقال الإمام البغوي في تفسير قوله تعالى: ”فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون” ما لفظه: أي الظالمون المتجاوزون الحلال إلى الحرام، فيه دليل على أن الاستمناء حرام، وهو قول أكثـر العلماء.
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره: ما لفظه: وقد استدل الإمام الشافعي ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد، بهذه الآية الكريمة: ”والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم”. قال: فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين، وقد قال الله تعالى: ”فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون” .
وقال النسفي في تفسيره: ”فمن ابتغى وراء ذلك” طلب قضاء شهوة من غير هذين ”فأولئك هم العادون” الكاملون في العدوان. وفيه دليل تحريم المتعة والاستمتاع بالكف لإرادة الشهوة” .
كما استدلوا على تحريم الاستمناء بقوله تعالى: ”وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله” النور الآية: .33 وتدل هذه الآية على حرمة الاستمناء من وجهين: الأول: أن الله تعالى أمر فيها بالاستعفاف، والأمر يدل على الوجوب، كما تقرر في علم الأصول، فيكون الاستعفاف واجبا، وحيث وجب، وجب اجتناب ما ينافيه، كالزنا واللواط والاستمناء ونحوها، فتكون هذه الأشياء واجبة بها جميعا.
الوجه الثاني: أن الله تعالى أوجب في الآية، الاستعفاف على من لم يستطع القيام بتكاليف النكاح، حيث قال تعالى: ”وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله”.
ولم يجعل بين النكاح والاستعفاف واسطة، فاقتضى ذلك تحريم الاستمناء. ولو كان مباحا لبينه في هذا الموطن. لأن هذا مقام بيانه، إذ أحوج ما يكون الرجل إلى جواز الاستمناء، إذا لم يجد سبيلا إلى النكاح، ولاسيما عند توقان نفسه إلى الوطء، فلما سكت عنه في هذا المقام الذي يقتضي بيانه، دل على أنه حرام. لأن القاعدة المقررة عند الأصوليين: أن السكوت في مقام البيان، يفيد الحصر.