الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه ومن بهديهم اقتفى وبعد ..
انتشرت مقالة بعنوان (الآية التي أبكت إبليس) في الشبكة العنكبوتية بشكل كبير وهذا نصها :
الاية التي ابكت ابليس نعم بكى إبليس لما سمعها ويحق لك أن تأنس إذا سمعتها .. لكن قبل أن تستأنس بها وتطير فرحاً معها .. لا بد أن تأخذ على نفسك العهد – وهذا دينك – أن تعمل بها حتى تكون سعيداً ولا تفرط بما يسعدك ويسليك … فإليكم القصة ..
قال تعالى : {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران:135]
القضية باختصار أخي الشاب قرار جرئ وشجاع تتخذه , وبعد ذلك يتغير مجرى حياتك تلقائياً , ويهون ما بعده فهل تعجز عن اتخاذ هذا القرار ؟ لا أخالك كذلك وأنت الشاب الجريء في حياتك كلها .. إن الوقت المناسب لاتخاذ هذا القرار هو هذه اللحظة .. إن أي تأخير في اتخاذ القرار الذي تجدد به حياتك وتصلح به أعمالك يعني بقائك على الشقاء والظلام .. إن هذا القرار نقلة كاملة من حياة إلى حياة من الظلام إلى النور من التعاسة إلى السعادة من الضيق إلى السعة .. فبادر باتخاذ قرار التوبة وبسرعة لتبكي إبليس وحزبه…
فالحقيقة هي أن بكاء إبليس حين نزول هذه الآية الكريمة لا يُعرف في المرفوع أي ليس من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إنما رُوي ذلك في آثار عن بعض التابعين وغيرهم ، وإليكم بيان حالها بحول الله وقوته :
1. عن التابعي الجليل ثابت البناني قال: "لما نزلت: (ومن يعمل سواء أو يظلم نفسه) بكى إبليس فزعاً من هذه الآية" .
رواه الطبري في تفسيره "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" (6229) قال : حدثنا ابن حميد قال حدثنا يحيى بن واضح قال حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني فذكره .
وهذا الأثر ضعيف جداً فيه : ابن حُميد وهو : محمد بن حميد الرازي ضعيف جداً بل اتهمه بعض الأئمة بالكذب ، وكان لا يتقن حفظ القرآن الكريم ويخطئ في الآيات ، كما أخطأ هنا في الآية المذكورة
2. عن التابعي الجليل ثابت البناني قال : "بلغني أن إبليس حين نزلت هذه الآية : (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم) بكى عدو الله" .
رواه عبد الرزاق في التفسير (1/133) وعنه ابن جرير في تفسيره "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" (6229) ، قال : أخبرنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني فذكره .
هذا الأثر من بلاغات التابعي الجليل ثابت البناني رحمه الله تعالى ، ولا ندري من الذي بلّغه بهذا الأمر ، فهو في أحسن أحواله منقطع الإسناد ، ومثل هذا الأثر لا يثبت به حكمٌ ما ولا يعتدّ به ، لأنه من المسائل الغيبية التي لا تُعلم إلا من الوحيين الكتاب والسنة .
تنبيه : وقع في تفسير الحافظ ابن كثير (2/105) ما يلي : (وقد قال عبد الرزاق أنبأنا جعفر بن سليمان عن ثابت [عن أنس بن مالك رضي الله عنه] قال : بلغني أن إبليس حين نزلت هذه الآية " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم " الآية بكى)ا.هـوهذه الزيادة [عن أنس بن مالك رضي الله عنه] غير صحيحة ربما زادها أحد النساخ ، فهذا عبد الرزاق جعل الرواية في تفسيره من قول التابعي ثابت البناني لا من قول الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه ، وهو الموافق لما في التفاسير الأخرى كجامع البيان للطبري ومعالم التنزيل للبغوي والدر المنثور للسيوطي وفتح القدير للشوكاني وغيرها .
3. عن عطاف بن خالد قال: بلغني أنه لما نزل قوله تعالى: ( ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا…) صاح إبليس بجنوده، وحثا على رأسه التراب، ودعا بالويل والثبور حتى جاءته جنوده من كل بر وبحر، فقالوا: مالك يا سيدنا؟ قال: آية نزلت في كتاب الله لا يضر بعدها أحد من بني آدم ذنب. قالوا: وما هي؟ فأخبرهم. قالوا: نفتح لهم أبواب الأهواء فلا يتوبون ولا يستغفرون، ولا يرون إلا أنهم على الحق. فرضي منهم ذلك)
ذكر الحافظ السيوطي في "الدر المنثور في التفسير بالمأثور" (4/30) أن الحكيم الترمذي أخرجه عن عطاف بن خالد ولم يسق سنده ، ولو صحّ السند إليه فإن هذا الأثر من بلاغات عطاف بن خالد ، وهو من طبقة تابع التابعين ، والكلام فيه مثل الذي قبله ، بل هذا أشد انقطاعاً ولا يُعرف تمام سنده .
وقد سئل مركز الفتوى عن هذا الأثر فأجاب ما يلي:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسورة التي بكى الشيطان عندما أنزلت هى سورة الفاتحة ، فقد أخرج الطبراني في الأوسط من طريق مجاهد عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: ( رنَ إبليس حين أنزلت فاتحة الكتاب). وهناك آيات يبكي الشيطان عند تلاوتها، فقد أخرج مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول: ياويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار" ووردت روايات ضعفها بعض أهل العلم في أنه بكى عند نزول بعض الآيات. فقد أخرج عبد الرازق وعبد بن حميد وابن جرير عن ثابت البناني قال: بلغني أن إبليس عندما نزلت هذه الآية بكى: ( والذين إذا فعلوا فاحشة…) [آل عمرآن:135] وأخرج الحكيم الترمذي عن عطاف بن خالد قال: بلغني أنه لما نزل قوله تعالى: ( ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا…) صاح إبليس بجنوده، وحثا على رأسه التراب، ودعا بالويل والثبور حتى جاءته جنوده من كل بر وبحر، فقالوا: مالك يا سيدنا؟ قال: آية نزلت في كتاب الله لا يضر بعدها أحد من بني آدم ذنب. قالوا: وما هي؟ فأخبرهم. قالوا: نفتح لهم أبواب الأهواء فلا يتوبون ولا يستغفرون، ولا يرون إلا أنهم على الحق. فرضي منهم ذلك)
والله أعلم.
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/S…Option=FatwaId
وقد صحّ بكاء إبليس كلما مرّ القارئ بسجدة تلاوة فسجد فيها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد ، اعتزل الشيطان يبكي يقول : يا ويله –وفي رواية أبي كريب يا ويلي–أُمِرَ ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة ، وأمرتُ بالسجود فأبيت فلي النار) .
[أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (81) ]
قال الإمام الآجري رحمه الله تعالى في كتابه "أخلاق حملة القرآن" (ص198) :
(وأحب للقارئ أن يأخذ نفسه بسجود القرآن كلما مر بسجدة سجد فيها، وفي القرآن خمس عشرة سجدة، وقد قيل أربع عشرة سجدة، وقد قيل إحدى عشرة سجدة، والذي أختار له أن يسجد كلما مرت به سجدة، فإنه يرضي ربه عز وجل، ويغيظ عدوه الشيطان)ا.هـوهنا تجدون أحكام سجود التلاوة :http://www.islam-qa.com/index.php?cref=448&ln=ara
هذا والله تعالى أعلم .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .