الثبات يا أهل القرآن
الثبات يا أهل القرآن
على مر الأزمان
بسم الله والحمد لله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
على مر الأزمان
بسم الله والحمد لله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
في خلال هذه السنوات الطوال تباينت كثير من الأحوال, وتبدلت العديد من الأوضاع على مستوى الفرد والمجتمعات في سائر الأماكن والبلدان- والله المستعان- وهذا مادعى نفسي للحديث عن موضوع هام في خضم هذه الأحداث ألا وهو الثبات.
فعلى أهل القرآن الثبات حتى لا تتحول وتتبدل الأنفس بتبدل الأحوال والأزمان بل تبقى أنفساً مستقيمة ثابتة كما ينبغي أن تكون أنفس أهل الله وخاصته من حملة القرآن.
وللثبات وسائل عدة اخترت منها عشرة تناسباً مع الأعوام العشرة للمسابقة:
1- الإيمان بالله: قال الله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ…) الآية 27 سورة إبراهيم
قال قتادة: وأما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح وفي الآخرة في القبر وكذا روي من غير واحد من السلف "تفسير ابن كثير490"
وفي البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( المسلم إذا سئل في القبر شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)) فذلك قوله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ …), ويقول الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية: ( يخبر تعالى: أنه يثبت عباده المؤمنين أي الذين قاموا بما عليهم من الإيمان القلبي التام الذي يستلزم أعمال الجوارح و يثمرها فيثبتهم الله في الحياة الدنيا, عند ورود الشبهات بالهداية إلى اليقين, وعند عروض الشهوات بالإرادة الجازمة على تقديم ما يحبه الله على هوى النفس ومرادها, وفي الآخرة عند الموت بالثبات على الدين الإسلامي والخاتمة الحسنة, وفي القبر عند سؤال الملكين للجواب الصحيح إذا قيل للميت من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ هداهم للجواب الصحيح بأن يقول المؤمنالله ربي والإسلام ديني ومحمد نبي).
والإيمان يزيد وينقص, وعلى المؤمن أن يتفقد إيمانه و يتعاهده وينميه حتى يستطيع أن يثبت على الرغم من كل مايشوب الحياة على مر الأزمان من الفتن والمحن والشبهات والشهوات.
قال تعالىوَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)الآية 66 سورة النساء يقول السعدي (حصول التثبيت والثبات وزيادته, فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان الذي هو القيام بما وعظوا به, فيثبتهم في الحياة الدنيا عند ورود الفتن في الأوامر والنواهي والمصائب فيحصل لهم ثبات يوفقون به لفعل الأوامر, وترك الزواجر التي تقتضي النفس فعلها وعند حلول المصائب التي يكرهها فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو للرضا أو الشكر.
فينزل عليه معونة من الله للقيام بذلك, ويحصل له الثبات على الدين عند الموت وفي القبر وأيضاً فإن العبد القائم بما أمر به لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها ويشتاق إليها وإلى أمثالها فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات.
2– الاستعانة بالله: لا بد للعبد المؤمن أن يستشعر شدة حاجته وافتقاره إلى عون ربه في أمر دينه ودنياه وذاك ما علمنا الله إياه وأدبنا عليه في قوله سبحانه: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
يقول ابن تيمية: (العبد محتاج في كل وقت إلى الاستعانة بالله على طاعته, وتثبيت قلبه, ولاحول ولا قوة إلا بالله)
3- الدعاء: دعاء الله عزوجل وسؤاله الثبات على دينه, فإنه وحده سبحانه المثبت والهادي والمعين. وفي هذا يخبر الله عن عباده المؤمنين أن من دعائهم: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)الآية 8 سورة آل عمران
وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يكثر من سؤال الله التثبيت ويقول: (( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)), وأعجز الناس من عجز عن الدعاء.
4-العلم والبصيرة: فالعلم النافع الذي يسعى إليه عباد الله الصالحون والذي تعوذ نبينا صلى الله عليه وسلم من ضده ((اللهم أني أعوذ بك من علم لا ينفع)) هذا العلم سلاح يتسلح به أهل القرآن أهل أعظم علم – علم مستمد من الكتاب والسنة بفهم صحيح سليم – يستطيعون بهذا العلم مواجهة كل مايكون في أي زمان من شر وفساد وبدع وضلال, لأن الانحراف والزيغ عن الصراط إنما هو طريق من جهل بالدين وشرائعه ومقاصده .
5- الصبر والمصابرة: لكي يتحقق لأهل القرآن الثبات على الصراط يلزمهم الصبر والمصابرة وهو دواء نافع عواقبه حميدة وآثاره جليلة فمن حرص على التزام الصبر في كل أموره سواء أكان صبراً على الطاعة أو عن المعصية أو على أقدار الله رزقه الله صبراً وثباتاً وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( ومن يتصبر يصبره الله)) "البخاري و مسلمَ", بل يطلب من أهل القرآن أن يتميزوا عن غيرهم في كل أمر وحال, لا مايحدث من بعضهم من تساهل وتجاهل وتحايل. وعلى العبد التقي أن يتصابر ويتعالى وأن يترك التحايل والتجاهل الذي بات مسألة كثير من المتخاذلين الطامعين في لذات الدنيا فحسب المتتبعين لرخص علماء جهالاً كانوا أو غير أتقياء للوصول إلى رغباتهم وشهواتهم وفي معرض هذا يقول الأمام ابن القيم: (فحقيق بمن أتقى الله وخاف نكاله أن يحذر استحلال محارم الله بأنواع المكر والاحتيال, وأن يعلم أنه لا يخلصه من الله ما أظهره مكراً وخديعة من الأقوال والأفعال)
6- صحبة الصالحين: (يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) الآية 119سورة التوبة, ولاشك أن صحبة الصالحين من أعظم ما يعين على الثبات
قال ابن عقيل الحنبلي: ( وعصمني الله من عنفوان الشبيبة بأنواع من العصمة وقصر محبتي على العلم وأهله فما خالطت لعاباً قط, ولا عاشرت إلى أمثالي من طلبة العلم).
ولهذه الصحبة كذا أثر في راحة وأنس الثابتين فها هو ابن القيم يقول عن أنسه بخير صحبة عن ابن تيمية رحمهما الله: ( وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض آتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه, فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحاً وقوة ويقيناً وطمأنينة)
ولعل مما يدخل في هذا الشأن كذلك تأمل أخبار الثابتين وقراءة أخبارهم والتأسي بهم والسير على نهجهم. وكثيراً مايدفع الناس إلى العمل وترك التواني والكسل نظرهم وسماعهم لأخبار الصالحين الثابتين
7– الاهتداء بالأنبياء: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ…) الآية 90 سورة الأنعام
أن أعلم الناس بالله عزوجل هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام, وهذا العلم به سبحانه وتعالى أثر فيهم خشية وتعظيماً, وخوفاً وإجلالاً, واستقامة وثباتاً. والمرء كلما كان بربه أعلم كان له أخوف وأشد محبة وإخلاصاً والعكس بالعكس وأهل القرآن يحسن بهم أن يهتدوا بهؤلاء الأنبياء الذين قال في وصفهم سبحانه: (إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ ) الآية 90 سورة الأنبياء, وقال فيهم: (أُولَـئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم….) الآية 58 سورة مريم, فهؤلاء الأنبياء مثلوا لنا أعظم قدوة وأسوة في قوة الطاعة لله وحسن العبادة وكمال التوكل والاستعانة وحسن الظن بالله والرضا بحكمه, وأجلّ الهدي في السلوك والخلق والهدي الظاهر, وأكمل الهدي في الدعوة والتبليغ, ودوام الثبات ولزومه على مر الأزمان مع عظم الابتلاءات والآلام فهاهو نوح -عليه السلام- يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً, ليلاً ونهاراً, سراً وجهاراً, يؤذى فيصبر ويثبت. وها هو إبراهيم –عليه السلام- يلقى في النار فلا يتراجع بل يثبت, ويؤمر بذبح ابنه فيلبي. وذاك أيوب –عليه السلام- يمرض ويشتد به المرض سنين طوال فيصبر ويثبت ولا يجزع… ها هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يؤذى بشتى أنواع الأذى ويخرج من بلده الحبيب مكة, ويؤذى بعد ذلك حتى في أهل بيته ومع ذلك يثبت ويصبر حتى ينتصر وتبلغ دعوته الآفاق وتبقى شامخة عالية على الأزمان وهي كذلك إلي قيام الساعة بإذن الله. وهكذا سيكون شأن أهل القرآن ما انتهجوا هذا النهج السامي بإذن الله (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) الآية 51 سورة غافر, فما أعظمها من بشرى عظيمة من الله مالك الملك لأهل الإيمان والقرآن, مهما ضاقت الأحوال اشتدت الأزمات.
8– علو الهمة: يبلغ المؤمن بهمته أموراً عظيمة وإن لم يبلغها عمله, قال النبي صلى الله عليه وسلم (( من همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة)) "البخاري". وقال عليه الصلاة والسلام: ((ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته وكان نومه صدقة عليه))"البخاري ومسلمَ"
وهكذا ينبغي أن تكون همم أهل القرآن عالية لعلو مايحفظونه في صدورهم من قرآن.
9- الصدق: قال تعالى: (لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ) الآية24سورة الأحزاب, صدق في النيات, والأقوال, والأفعال, صدق مع الله, صدق مع الخلق, صدق مع النفس.
صدق في الثبات على الإيمان والصدق هو المميز بين المؤمن والمنافق ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان)). والصدق هو أصل البر والكذب هو أصل الفجور كما جاء في الصحيحين: (( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر, وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقاً وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)) ولا ينبغي لأهل القرآن أن يكونوا كذابين خائنين
10- قصر الأمل والتأهب للقاء الله: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى*فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) الآية 40-41 سورة النازعات, (إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ)الآية 7 سورة يونس,فالمؤمنالذي يضع نصب عينيه خاتمة حياته ويخاف مقام ربه ويستحضر بعثه وحسابه ونشوره ومن ثم جزاؤه سيكون على ثبات واستقامة على الصراط. وأما من كان غافلاً عن هذه النهاية منغمساً في حياته وكأنه مخلد غير ميت فهذا الذي لا يرجو لقاء الله ولا يتأهب له ويرضى بدنياه ويطمئن بها أيما اطمئنان, لكن أهل القرآن الذين يحملون هذا الكتاب في صدورهم يقصرون آمالهم ويوقنون بقرب الرحيل وسرعة انقضاء مدة الحياة لذلك يكونوا أكثر تقوى واستقامة وثباتاً وتخمد في أنفسهم نيران الشهوات فيجدون اللذة في طاعة الله والتأهب للقائه سبحانه. هذا وأسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن وأن يحسن لنا الختام ويرزقنا صدق التأهب للقائه وأن يثبتنا في الحياة الدنيا والآخرة.
وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فعلى أهل القرآن الثبات حتى لا تتحول وتتبدل الأنفس بتبدل الأحوال والأزمان بل تبقى أنفساً مستقيمة ثابتة كما ينبغي أن تكون أنفس أهل الله وخاصته من حملة القرآن.
وللثبات وسائل عدة اخترت منها عشرة تناسباً مع الأعوام العشرة للمسابقة:
1- الإيمان بالله: قال الله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ…) الآية 27 سورة إبراهيم
قال قتادة: وأما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح وفي الآخرة في القبر وكذا روي من غير واحد من السلف "تفسير ابن كثير490"
وفي البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( المسلم إذا سئل في القبر شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)) فذلك قوله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ …), ويقول الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية: ( يخبر تعالى: أنه يثبت عباده المؤمنين أي الذين قاموا بما عليهم من الإيمان القلبي التام الذي يستلزم أعمال الجوارح و يثمرها فيثبتهم الله في الحياة الدنيا, عند ورود الشبهات بالهداية إلى اليقين, وعند عروض الشهوات بالإرادة الجازمة على تقديم ما يحبه الله على هوى النفس ومرادها, وفي الآخرة عند الموت بالثبات على الدين الإسلامي والخاتمة الحسنة, وفي القبر عند سؤال الملكين للجواب الصحيح إذا قيل للميت من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ هداهم للجواب الصحيح بأن يقول المؤمنالله ربي والإسلام ديني ومحمد نبي).
والإيمان يزيد وينقص, وعلى المؤمن أن يتفقد إيمانه و يتعاهده وينميه حتى يستطيع أن يثبت على الرغم من كل مايشوب الحياة على مر الأزمان من الفتن والمحن والشبهات والشهوات.
قال تعالىوَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)الآية 66 سورة النساء يقول السعدي (حصول التثبيت والثبات وزيادته, فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان الذي هو القيام بما وعظوا به, فيثبتهم في الحياة الدنيا عند ورود الفتن في الأوامر والنواهي والمصائب فيحصل لهم ثبات يوفقون به لفعل الأوامر, وترك الزواجر التي تقتضي النفس فعلها وعند حلول المصائب التي يكرهها فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو للرضا أو الشكر.
فينزل عليه معونة من الله للقيام بذلك, ويحصل له الثبات على الدين عند الموت وفي القبر وأيضاً فإن العبد القائم بما أمر به لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها ويشتاق إليها وإلى أمثالها فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات.
2– الاستعانة بالله: لا بد للعبد المؤمن أن يستشعر شدة حاجته وافتقاره إلى عون ربه في أمر دينه ودنياه وذاك ما علمنا الله إياه وأدبنا عليه في قوله سبحانه: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
يقول ابن تيمية: (العبد محتاج في كل وقت إلى الاستعانة بالله على طاعته, وتثبيت قلبه, ولاحول ولا قوة إلا بالله)
3- الدعاء: دعاء الله عزوجل وسؤاله الثبات على دينه, فإنه وحده سبحانه المثبت والهادي والمعين. وفي هذا يخبر الله عن عباده المؤمنين أن من دعائهم: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)الآية 8 سورة آل عمران
وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يكثر من سؤال الله التثبيت ويقول: (( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)), وأعجز الناس من عجز عن الدعاء.
4-العلم والبصيرة: فالعلم النافع الذي يسعى إليه عباد الله الصالحون والذي تعوذ نبينا صلى الله عليه وسلم من ضده ((اللهم أني أعوذ بك من علم لا ينفع)) هذا العلم سلاح يتسلح به أهل القرآن أهل أعظم علم – علم مستمد من الكتاب والسنة بفهم صحيح سليم – يستطيعون بهذا العلم مواجهة كل مايكون في أي زمان من شر وفساد وبدع وضلال, لأن الانحراف والزيغ عن الصراط إنما هو طريق من جهل بالدين وشرائعه ومقاصده .
5- الصبر والمصابرة: لكي يتحقق لأهل القرآن الثبات على الصراط يلزمهم الصبر والمصابرة وهو دواء نافع عواقبه حميدة وآثاره جليلة فمن حرص على التزام الصبر في كل أموره سواء أكان صبراً على الطاعة أو عن المعصية أو على أقدار الله رزقه الله صبراً وثباتاً وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( ومن يتصبر يصبره الله)) "البخاري و مسلمَ", بل يطلب من أهل القرآن أن يتميزوا عن غيرهم في كل أمر وحال, لا مايحدث من بعضهم من تساهل وتجاهل وتحايل. وعلى العبد التقي أن يتصابر ويتعالى وأن يترك التحايل والتجاهل الذي بات مسألة كثير من المتخاذلين الطامعين في لذات الدنيا فحسب المتتبعين لرخص علماء جهالاً كانوا أو غير أتقياء للوصول إلى رغباتهم وشهواتهم وفي معرض هذا يقول الأمام ابن القيم: (فحقيق بمن أتقى الله وخاف نكاله أن يحذر استحلال محارم الله بأنواع المكر والاحتيال, وأن يعلم أنه لا يخلصه من الله ما أظهره مكراً وخديعة من الأقوال والأفعال)
6- صحبة الصالحين: (يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) الآية 119سورة التوبة, ولاشك أن صحبة الصالحين من أعظم ما يعين على الثبات
قال ابن عقيل الحنبلي: ( وعصمني الله من عنفوان الشبيبة بأنواع من العصمة وقصر محبتي على العلم وأهله فما خالطت لعاباً قط, ولا عاشرت إلى أمثالي من طلبة العلم).
ولهذه الصحبة كذا أثر في راحة وأنس الثابتين فها هو ابن القيم يقول عن أنسه بخير صحبة عن ابن تيمية رحمهما الله: ( وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض آتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه, فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحاً وقوة ويقيناً وطمأنينة)
ولعل مما يدخل في هذا الشأن كذلك تأمل أخبار الثابتين وقراءة أخبارهم والتأسي بهم والسير على نهجهم. وكثيراً مايدفع الناس إلى العمل وترك التواني والكسل نظرهم وسماعهم لأخبار الصالحين الثابتين
7– الاهتداء بالأنبياء: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ…) الآية 90 سورة الأنعام
أن أعلم الناس بالله عزوجل هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام, وهذا العلم به سبحانه وتعالى أثر فيهم خشية وتعظيماً, وخوفاً وإجلالاً, واستقامة وثباتاً. والمرء كلما كان بربه أعلم كان له أخوف وأشد محبة وإخلاصاً والعكس بالعكس وأهل القرآن يحسن بهم أن يهتدوا بهؤلاء الأنبياء الذين قال في وصفهم سبحانه: (إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ ) الآية 90 سورة الأنبياء, وقال فيهم: (أُولَـئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم….) الآية 58 سورة مريم, فهؤلاء الأنبياء مثلوا لنا أعظم قدوة وأسوة في قوة الطاعة لله وحسن العبادة وكمال التوكل والاستعانة وحسن الظن بالله والرضا بحكمه, وأجلّ الهدي في السلوك والخلق والهدي الظاهر, وأكمل الهدي في الدعوة والتبليغ, ودوام الثبات ولزومه على مر الأزمان مع عظم الابتلاءات والآلام فهاهو نوح -عليه السلام- يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً, ليلاً ونهاراً, سراً وجهاراً, يؤذى فيصبر ويثبت. وها هو إبراهيم –عليه السلام- يلقى في النار فلا يتراجع بل يثبت, ويؤمر بذبح ابنه فيلبي. وذاك أيوب –عليه السلام- يمرض ويشتد به المرض سنين طوال فيصبر ويثبت ولا يجزع… ها هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يؤذى بشتى أنواع الأذى ويخرج من بلده الحبيب مكة, ويؤذى بعد ذلك حتى في أهل بيته ومع ذلك يثبت ويصبر حتى ينتصر وتبلغ دعوته الآفاق وتبقى شامخة عالية على الأزمان وهي كذلك إلي قيام الساعة بإذن الله. وهكذا سيكون شأن أهل القرآن ما انتهجوا هذا النهج السامي بإذن الله (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) الآية 51 سورة غافر, فما أعظمها من بشرى عظيمة من الله مالك الملك لأهل الإيمان والقرآن, مهما ضاقت الأحوال اشتدت الأزمات.
8– علو الهمة: يبلغ المؤمن بهمته أموراً عظيمة وإن لم يبلغها عمله, قال النبي صلى الله عليه وسلم (( من همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة)) "البخاري". وقال عليه الصلاة والسلام: ((ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته وكان نومه صدقة عليه))"البخاري ومسلمَ"
وهكذا ينبغي أن تكون همم أهل القرآن عالية لعلو مايحفظونه في صدورهم من قرآن.
9- الصدق: قال تعالى: (لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ) الآية24سورة الأحزاب, صدق في النيات, والأقوال, والأفعال, صدق مع الله, صدق مع الخلق, صدق مع النفس.
صدق في الثبات على الإيمان والصدق هو المميز بين المؤمن والمنافق ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان)). والصدق هو أصل البر والكذب هو أصل الفجور كما جاء في الصحيحين: (( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر, وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقاً وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)) ولا ينبغي لأهل القرآن أن يكونوا كذابين خائنين
10- قصر الأمل والتأهب للقاء الله: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى*فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) الآية 40-41 سورة النازعات, (إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ)الآية 7 سورة يونس,فالمؤمنالذي يضع نصب عينيه خاتمة حياته ويخاف مقام ربه ويستحضر بعثه وحسابه ونشوره ومن ثم جزاؤه سيكون على ثبات واستقامة على الصراط. وأما من كان غافلاً عن هذه النهاية منغمساً في حياته وكأنه مخلد غير ميت فهذا الذي لا يرجو لقاء الله ولا يتأهب له ويرضى بدنياه ويطمئن بها أيما اطمئنان, لكن أهل القرآن الذين يحملون هذا الكتاب في صدورهم يقصرون آمالهم ويوقنون بقرب الرحيل وسرعة انقضاء مدة الحياة لذلك يكونوا أكثر تقوى واستقامة وثباتاً وتخمد في أنفسهم نيران الشهوات فيجدون اللذة في طاعة الله والتأهب للقائه سبحانه. هذا وأسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن وأن يحسن لنا الختام ويرزقنا صدق التأهب للقائه وأن يثبتنا في الحياة الدنيا والآخرة.
وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
رد: الثبات يا أهل القرآن
موضوع في القمة قال الله تعالى " يثبت الله الذين آمنو بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة " اللهم ثبتنا على دينك و أحينا مسلمين وأمتنا مسلمين وأبعثنا
رد: الثبات يا أهل القرآن
شكرااااااااااااااا لك سهيلة على الموضوع أتمنى من الجميع قراءته للاستفادة منه
نسأل الله تعالى الثبات و حسن الخاتمة
رد: الثبات يا أهل القرآن
شكرا لمروركما العطر و بارك الله فيكما
رد: الثبات يا أهل القرآن
شكرا على الموضوع سوسو
ان شاء الله نكونو من ختمة القرءان
رد: الثبات يا أهل القرآن
شكرااااااااااااااا لك سهيلة على الموضوع
رد: الثبات يا أهل القرآن
شكرا لمروركم العطر و بارك الله فيكم