أهـدافه: تنظيم حياة الأسرة ومساعدتها على العيش بطمأنينة بقلم: أ. أحــمــد الشـيــبـــة رئيس مركز الخليج للاستشارات التربويّة نعني بالتخطيط الأسري التربوي تنظيم الشؤون الأسرية وفق برنامج محدد لتحقيق أهداف تربوية معينة خلال فترة زمنية محددة. أهميّة التخطيط يشكل التخطيط أهمية كبيرة في حياة الفرد والمجتمع، إذ يحدّد مسار حياة الإنسان عموماً ويعتبر العنصر الأساسي للنجاح في أيّ مجال من مجالات الحياة. ولتوضيح معنى التخطيط أكثر نذكر ضده، أي ما يسمّى «العفويّة»، التي تؤدي إلى الفوضى في حياة الإنسان. لذلك فالإنسان الذي يعيش بطريقة عفوية ستمضي حياته وفق الظروف والمصادفات ، وليس وفق التفكيرالمنتظم والأفعال المتسقة. وعليه يمكن القول بأنّ ترك الوالدين أبناءهما لتربية الظروف ومجريات الحياة دونما أهداف أو تخطيط سيصدمهما في نهاية المطاف واقع مرير لأبنائهما، وسيواجهون مشكلات تربوية شتى تعكر عليهم صفو حياتهم. فوائد التخطيط يمكننا إيجاز أهم فوائد التخطيط التربوي في النقاط التالية: 1 تنظيم حيـــاة الأســــرة بحيث تعرف اتجاهاتها وقوانينها وأهدافها. 2 مساعدة الأسرة على العيش في استقرار وطمأنينة. 3 التخطيط الجمـاعي يكون لحمــة لبنية أسرية متماسكة كون الأسرة تتجه نحو هدف واحد وفق خطة واحدة. 4 التخطيط التربوي المبكر يملأ حياة الأسرة بحيث يقلل من فرص بروز المشكلات فيها. 5 الفرد الذي ينشأ في أسرة مخططة يكون أكثر نظاماً وانسجاماً مع نفسه والآخرين من ذلك الذي ينشأ في أسرة غير مخططة. 6 الأسرة المخططة أكثر سعادة لأنّ كل فرد فيها يعرف واجباته وحقوقه. عناصر التخطيط الأسري لعل أهمّ عناصر التخطيط الأسري تتمحور حول الفقرات الآتية: 1 الـــرؤيــــــة: الأسرة السعيدة هي تلك التي تحمل رؤية واضحة لمستقبلها، ويعنيها بالدرجة الأولى تحقيق السعادة لأفرادها، كلّ بجانبه الذي يتميز به. إنها الأسرة التي تسعى للإجابة على السؤال المهم: كيف أحب أن يكون أفرادي بعد فترة من الزمن؟ ولإيضاح ما نقصد ندعم الإجابة بالمثال التطبيقي التالي: سالم وخلود تزوجا منذ ستة أشهر، وقررا وضع رؤية تربوية لأسرتهم، وبعد أن اجتمعا وتحاورا وضعا الرؤية التالية: «أن ننشىء أبناءً سعداء يتصفون باتزان في جانبهم الديني.. والخلقي.. والنفسي.. والاجتماعي.. ويتميز كلّ واحدمنهم بجانب يكون فيه منتجاً ومبدعاً». من خلال هذا المثال يظهر لنا وضوح الرؤية المستقبلية لسالم وخلود، ولتحويلها إلى حيز العمل نراهما يحددان زمناً لتحقيقها في ثلاثين عاماً أي زمناً يوازي عمر زواجهما لسنوات قادمة. 2 الأهــــداف : الأسرة التي تعتزم تحقيق رؤية ما لمستقبلها تحتاج أولاً إلى تحقيق أهداف تمهد الطريق لتلك الرؤية، لذلك يجب على سالم وخلود «في مثالنا الآ نف» تحديدالأهداف التي توصلهما لتحقيق رؤيتهما المشتركة. وكأننا بهما قد استمعا لنصائحنا فأدركا بعد تدبر أنه لا يمكنهما تحقيق التوازن النفسي والاجتماعي لأبنائهما ما لم يعرفا أطوار النموّ الطبيعية للإنسان في مراحله العمرية المختلفة، فوضعا من أهدافهما التعرف على تطوّر الإنسان من الولادة حتى البلوغ. ثم لما فرغا مما بين أيديهما التفتا لمسألة أخرى تتعلق بتطوير قدرات أبنائهما ومهاراتهم، وبالتالي لابد من معرفة نواحي تميزالأبناء وإمكاناتهم، ولهذا قررا تعلم الأساليب المتبعة في اكتشاف مواهب الأطفال ورعايتها. وهكذا مضى الزوجان في تحقيق أهداف على طريق الرؤية تسهل لهما الوصول إليها بأفضل مستوى متاح. ولتحقيق هذه الأهداف بأعلى مستوى يجب أن تكون محددة وواضحة بحيث يعرفان ما الذي سيتعلمانه بالضبط في كل جانب، ويربطانه بالرؤية الأساسية ويحددان بالتالي الفترة الزمنية اللازمة لإنجازه. 3 الوسائل: لن تتحقق الأهداف إن لم تكن هنالك وسائل مساعدة على بلوغها، لذلك جلس سالم وخلود جلسة أسرية ثالثة يضعان وسائلهما التي تساعدهما على تحقيق تلك الأهداف، وحين نظرا إلى الهدف الأول وهو (تعلّم التخطيط والمتابعة التربوية) وضعا الوسائل التي ارتسمت في مخيلتهما دونما استثناء، فكان منها الواقعي ومنها غيرالواقعي. ومن أمثلة البرامج الواقعية أن يلتحقا بدورة في التخطيط الإداري التربوي، وأن يطالعا خمسة كتب في مجال الإدارة التربوية. ومن الأهداف غير الواقعيّة اقترح أحدهما إدارة رحلة إلى كوكب المشتري، وبما أنها فكرة جميلة فلم يهملاها وقررا إدارة رحلة لأبنائهما الذين تتراوح أعمارهم بين السبع والعشر سنوات، وهكذا استطاعا الوصول إلى وسائل متعددة وجميلة تحقق لهما أهدافهما. 4 الجدول الزمني: قرر سالم وخلود وضع جدول زمني يمارسان فيه هذه الوسائل الممتعة لحياة تربوية ضمن أسرة سعيدة؛ فوضعا بداية البرنامج الذي سيبدأ في تاريخ 1/1/2003 وينتهي في 30/12/2004، ورتبا جدولهما سواءً من قراءات.. أو حضور برامج تربوية.. أو ممارسة أنشطة مختلفة.. دون أن تؤثر على وظائفهما في الحياة وواجباتهما الأخرى، وهكذا أصبح تحقيقهما للهدف أكثر وضوحاً. 5 توزيع الأدوار: كي يتقن كل زوج مهامه الموكلة له تقاسم الإثنان تنفيذ البرنامج، فتولّى سالم البحث عن الدورات، وانصرفت خلود للبحث عن الكتب. هذا من جانب ومن جانب آخر تولت هي متابعة الخطة وجدولها الزمني وحمل سالم على عاتقه توفير الميزانية والصرف على البرنامج وهكذا اتضحت واجبات كل واحد منهما ومسؤوليّاته لأداء مهامه على أكمل وجه. 6 متابعة الخطة: إنّ وضع الخطة التربوية لا يكفي، لأنها تحتاج إلى متابعة دائمة تربطها بالهدف الرئيس الذي تصبو إليه الأسرة ويحقق لها الديمومة والإتقان، لذلك اتفق سالم وخلود على أن تكون مهمة المتابعة من نصيبها كونها أكثر دقة منه، وعليه بدأت خلود متابعة الخطة من خلال جدول زمني يقيّم سيرها كلّ ثلاثة أشهر، تجنباً للغفلة عن انتظام سير البرنامج التربوي . الإسلام والتخطيط التربويّ الإسلام هو دين التخطيط والنظام المتميز، ففي مجال تربية الأبناء أوجد قاعدة تربوية منظمة متمثلة في حقوق الأبناء، تكفل لهم جوّاً تربويّاً صحي النشأة. ويمكن القول إنّ هذه الحقوق تبدأ من الأمور التالية: 1 اختيار الأم الصالحة بالنسبة للرجل وبالنسبة للمرأة القبول بالأب الصالح: إنّ المطلع على الكتب الشرعية في الإسلام يجد أنّ هذا الحق هو أوّل الحقوق، وبذلك كفل للأبناء حق تكوين الجوّ التربوي الصالح قبل تكوّنهم في رحم الأم، ومن ثم فإنّ الإسلام قد بدأ بالتخطيط لتربية الأبناء منذ التفكير بهم وليس عند لحظة قدومهم. 2 اختيار الاسم المناسب للابن: من حقوق الأبناء في الإسلام أن يتمّ اختيار الأسماء المناسبة لهم، التي تعزز من شأنهم وترفع من قدرهم، كما نهى عن اختيار الاسم الذي يكون فيه تقليل من قدرهم، ولذلك عمد الرسول صلّى اللّه عليه وسلم إلى تغير أسماء بعض الصحابة والصحابيّات. 3 توفير احتياجات الأبناء: من مطعم وملبس ومسكن وحب، مما يكفل لهم حياة آمنة ومستقرة نفسيّاً ومادياً، وقد جعلت هذه الأمور كواجبات يؤديها الوالدان والأحاديث النبوية في ذلك كثيرة. 4 تعليمهم أمور دينهم: ويتمثل هذا التعليم بتعريفهم بالواجبات التي يجب عليهم تأديتها، وحقوقهم التي ينبغي أن يحصلوا عليها، ومن أوضح ما يعرفه الناس في ذلك وصيّة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم في تعليم الأبناء الصلاة في السابعة من عمرهم وضربهم عليها إن لم يؤدوها في العاشرة. وهذا لا يعني أن بقية الأمور التربويّة والسلوكيّة غير مذكورة، فهناك الكثير من الأحاديث الواضحة التي تتكلم عن تعريف الأبناء بدينهم، ولا ننسى الآيات الكثيرة في هذا الشأن، التي من بينها وصيّة لقمان لابنه. أمور يجب أن ترافق التخطيط 1 يجب أن تكون قوانين المنزل واضحة للجميع. 2 ضرورة مراعاة الأولويّات. 3 تحديد ضوابط العلاقات الداخليّة والخارجيّة داخل الأسرة وخارجها. 4 توزيع الواجبات وبذل المكافآت. 5 العدل بـين أفراد الأسرة وتعريفهم بمسؤولياتهم. 6 الأخذ بالحكمة. 7 مسؤوليّة متابعة الخطة هي مسؤوليّة جماعيّة. 8 مراعاة مسألة الفروق الفردية عند التخطيط للأبناء. 9 وضع شعار للأسرة يحفزها للوصول لهدفها، مثل «وسائل ممتعة لحياة تربوية في أسرة سعيدة«. عوامل فشل التخطيط 1 عدم التلاؤم والاتفاق بين الزوجين. 2 كثرة المشكلات الأسرية. 3 عدم المبالاة في النظرة المستقبليّة لحياة الأسرة. 4 عدم الشعور بالمسؤولية تجاه الأبناء والأسرة. 5 أنانيّة أحد الزوجين، أو كليهما، وعدم التفكير بما ينفع الأسرة. 6 أحــــاديّـــــــــة التفــــكير واسـتـقـــلاليّـة التخطيط ممّا لا يتيح للطرف الآخر أن يشارك في وضع الخطة أو حتى تنفيذها.
اصلا حياتنا عبارة عن خطة
شكراااااااااااا