التصنيفات
مادة اللغة العربية في التعليم المتوسط

الانتظار .

الانتظار …


الونشريس

حزن شديد وكآبة مميتة قد خيمت على المكان ، ولكن لماذا؟ لماذا تباعدت حبات التراب ؟

هل لتنقذ كل منها نفسها أم حتى لا تسأل عن موت صديقاتها ؟ ولكن إلى أين ؟ فالجميع في مكان واحد وتحت مصب واحد . ينظرون ،يحدقون بعيون مريضة ذليلة تنبئ باقتراب الأجل … لم تجد الوردة سبيلا إلا اللجوء إلى الله و الدعاء .وعندما لم تجد جدوى من دعائها…ابتسمت مودعة الحياة…ململمة أغراضها … و مستعدة للرحيل … تستقبل الموت بعينيها قبل جسدها فتمسكت بها حبات التراب و قالت :"انتظري لا ترحلي … فقد عاهدتك على حمايتك مدى الحياة" !

تابعت الوردة تحضيرها للموت غير آبهة بكلام صديقاتها ،فانطوت حبات التراب على نفسها لأنها تعلم أنها لا تستطيع إنقاذ نفسه لتعد بإنقاذ غيرها… واستعد الجميع للموت القادم ، ومسحت المروج الذابلة حبات العرق على جبينها ونظرت إلى الشمس آملة أن تخفف حدة أشعتها ،ولكن دونما استجابة!فسحبت نظراتها وألقتها إلى الغيوم فأثارت في قلبها الشفقة،وخيم الحزن من جديد ، وغاب الأمل. مال عنق الوردة فأمسكتها حبات التراب و احتضنتها بين أيديها وهي تنوح وتبكي لكن ليس بوسعها أن تفعل شئ ، وفجأة، تضاربت أصوات البكاء و الصراخ بصوت الرعد . فذهبت الشمس مخذولة واحتلت الغيوم مكانها مطلقة جواهر الحياة لتنعش بها الأرض قبل موتها ، ففرحت حبات التراب،ونظرت إلى الوردة … لكن فات الأوان . فقد سبقتهم روحها إلى السماء والتقت بالغيوم فشكرتها على المطر و اعتذرت لأنها لم تستطع الانتظار ،ابتسمت روح الوردة قليلا و نظرت إلى صديقاتها ، ثم تلاشت في الأفق وصعدت إلى خالقها وهي تلوح بيدها وتستعد لاستقبال حياة جديدة لن تحرم فيها من ماء ……




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.