بسم الله الرحمان الرحيم الى كل من دخل هنا جزاك اله الف خير اريد المساعدة في بحث اعطي الي وهو تحت عنوان اثر الادب الا ندلسي في الادب المغربي واجركم عند الله افيدوني ولو بالشيء اليسير حفظكم الله :
الأدب الأندلسي بين التأثر والتأثير
حامل الهوي.. بين همومه والمتغير الاجتماعي من ثقافة الشرق إلي ثمار الفكر الغربي
د. خليل محمد ابراهيم
كثر الكلام في مسألة تأثر الاندلس وتأثيرها، وطال ما بين شد وجذب، فمنهم من يقرر تأثر الاندلس بالمشرق تأثرا تاما، ومنهم من يقف موقف المتشكك ومنهم من يقرر تأثر اوربا بما كان في الاندلس وصقلية، ومنهم من يتشكك لاسباب علمية او غير علمية، والفكر عامة، والادب خاصة ، يشبه الماء في تحركه، ينتقل من الاعلي الي الاسفل او هو يشبه ما يحاوله الماء في الاواني المستطرقة بحيث يكون مستواه واحدا في كل الاواني، واذا كان هذا واضحا في الماء، فهو قريب من ذلك في الفكر، حيث ان الفكر ينتقل من البيئات المتقدمة الي البيئات المتخلفة علي شكل تأثر وتأثير، فحين دخل المسلمون الاندلس، واستقروا فيها، وجدوا أنفسهم في حاجة الي اشياء كثيرة، موجودة في الشرق لذلك ذهبت وفودهم الي المشرق، تنتقي منه ما تريد لتنقله، فقد ذهب التاجر للتجارة و المتعلم للتعلم، وجامع الكتب لجمع الكتب، وهكذا فلما رأي المشرقيون حاجات اهل الاندلس وعرفوها، بدأوا بتوفيرها لهم ونقلها اليهم، بل انتقل الي الاندلس علماء وفنانون، اثروا ثأثيرا جوهريا في اهل الاندلس وزرياب/ الموسيقي والمطرب ومطور العود باضافة وتر خامس اليه ومحول مضرابه الخشبي الي ريشة نسر ومنشئ مدرسة الغناء والموسيقي والمؤثر في اداب الاندلسيين من حيث السلوك والطعام واللباس وما الي ذلك/ دليل مناسب علي تأثر اهل الاندلس بحضارة اهل المشرق، وكتاب العقد الفريد لابن عبد ربه مثال اخر واضح علي تأثر اهل الاندلس بما عند المشارقة، يقال هذا مع الانتباه الي ان كل المنجزات الاندلسية في التفسير والحديث النبوي الشريف والنحو والصرف واللغة والفلسفة وغير ذلك/ علي اهميتها متأثرة بالمشرق لذا لايستغرب شعور بعض اهل الاندلس بعدم الارتياح وهم يرون اخوانهم الاندلسيين ينظرون الي كل ما في المشرق باعجاب شديد ويتركون ما عندهم في الاندلس وكتاب الذخيرة في محاسن اهل الجزيرة لابن بسام دليل مناسب علي ما نذهب اليه، فهو/ في مقدمته/ ينحو باللائمة علي اهل الاندلس لانهم يعجبون بما في المشرق ويقلدونه، دون ان يهتموا بما عند اهل الاندلس ثم لا يلبث هو نفسه وفي المقدمة نفسها، ان يقرر انه في الذخيرة ينهج نهج الثعالبي في يتيمة الدهر، وحين يقدم شعر الشعراء الاندلسيين او نثر ناثريهم، يتتبع معانيهم عند الشعراء ويخص شعراء المشرق باهتمام كبير، مما يدل علي تأثره الشديد بما عند اهل المشرق، ولكي لايتصور متصور ان زرياب وابن عبد ربه وابن بسام/ علي اهميتهم في الاندلس/ مجرد اسماء شاذة بين اسماء تخالفهم، نذكر بما تقدم من تشبه بعض شعراء الاندلس بشعراء اهل المشرق، متسمين باسمائهم او متلقبين بالقابهم او مجازين من قبلهم او متفوقين عليهم/ كما فعل ابن شهيد في رسالة التوابع والزوابع/ او حاسدين لهم علي ما هم فيه، متمنين ان يكونوا مكانهم.
وهذا كله وسواه، ليس فيه عيب، ولا يغض من شأن اهل الاندلس ولا يعني انهم لم يقدموا انجازات فذة، في الفكر والادب والادب جانب من جوانب الفكر وهو الذي يهمنا في هذا المجال، فاذا ما اتفقنا علي ذلك، لم يكن غريبا ان يكون للاندلس وصقلية اثر ذو ذراعين احدهما متجه الي المشرق يرد اليه فضله حين يستقبل المشرق/ بكل رحابة صدر/ لا مجرد المنجز العلمي الاندلسي المتمثل في كتب التفسير والحديث النبوي الشريف واللغة من معجمات وكتب نحو وصرف وما الي ذلك من فكر فقهي وفلسفي وتصوفي بل استقبل كذلك باعتزاز، الشعر الاندلسي بما فيه من شعر معتاد، وموشح وزجل ويكفي ان نذكر بكتاب (نفح الطيب في غصن الاندلس الرطيب) للاديب الاندلسي (المقري) الذي رحل الي المشرق هذا الكتاب الذي كتبه في المشرق بطلب من اهل المشرق انفسهم وبكتاب (العاطل الحالي والمرخص الغالي) للشيخ صفي الدين الحلي/ الشاعر والعالم المشرقي العراقي/ للدلالة علي اثر الفكر الاندلسي في المشرق، والقول بأن (العاطل الحالي) اهم الكتب التي رصدت الزجل الاندلسي ونظرت له وحفظت جوانب منه، قد لايكفي دليلا لغسل شك متشكك في اثر الفكر والادب الاندلسيين علي المشرق، لكن من ذا الذي يستطيع ان ينكر انتشار الموشح والزجل خارج الاندلس في بلاد المغرب والمشرق العربيين.؟!
من ذا الذي يستطيع ان ينكر انتشار الموشح والزجل في المغرب والمشرق العربيين وما نظمه/ علي نمطهما/ اهل هذين الافقين؟
انك تري المغاربة والمشارقة ينشدون الموشحات ويتغنون بها ويستمعون اليها علي الرغم من كل التطورات الشعرية والغنائية والموسيقية، فماذا يعني هذا غير تأثر المغاربة والمشارقة بأهل الاندلس؟!
هذا هو ذراع التأثير الاندلسي الاول في اهل المغرب والمشرق العربيين، فما ذراع التأثير الاندلسي الثاني؟
ان ذراع الاندلس المؤثر الثاني هو ذراعها المؤثر في اوربا وليس المقصود بهذا ان نقدم تقريرا واسعا يدور بشأن كل التأثيرات الاندلسية في اوربا، بل ليس الهدف ابراز اهم التأثيرات الاندلسية، لكن الهدف من هذا الامر منحصر في اشارات تنير الطريق لمعرفة جوانب من التأثير الادبي الاندلسي في ادب اوربا عامة وشعرها خاصة.
اذا كان هناك اثر لغوي وشعري او ادبي اندلسي في اوربا فلا بد ان يبدأ بأسبانيا وصقلية من هنا فليس غريبا ما يذهب اليه بعض الدراسين من ان الاسبانية تحتفظ بحرفين عربيين هما: (خاء) و (ثاء) خلافا للغات اللاتينية التي ليس فيها هذان الحرفان، ثم ان في الاسبانية كلمات كثيرة اصلها عربي وانها الاسبانية تحتفظ ب (ال) التعريف العربية فهذا كله طبيعي ناتج عن بقاء العرب والعربية في الاندلس، نحوا من ثمانية قرون ثم ان سقوط غرناطة في عام 897 هـ، لم يعن خروج كل العرب بدون استثناء من اسبانيا، لقد بقي بعض العرب/ بهذا الشكل او ذاك/ بعنوان: (المورسكيين) في اسبانيا بعد سقوط غرناطة مدة قد تصل الي قرن فهل يذهب هذا كله بلا اثر؟!
هذا كلام لايعقل. اما اهتمام الايطاليين باللغة العربية/ ولاسباب مختلفة منها التجارة والترجمة فدليله افتتاح مدرسة للغة العربية في مدينة (جنوة) الايطالية سنة 1207 م ومن الطبيعي ان تترسب كلمات ذات اصول عربية في اللهجات الايطالية العامية، نتيجة لتأثير هذه المدرسة وبسبب ما تمت ترجمته من الكتب العربية ومنها الشعر العربي ولان التجار الايطاليين تاجروا مع العرب فدخل كل منهم موانئ الاخر وربما مدنه/ ليشتري ويبيع، واللغات كائن حي سريع التفاعل قابل للاخذ والعطاء ودليل ذلك كم كبير من الكلمات الاجنبية التي دخلت اللغة العربية في العصر العباسي مثل (فلسفة، كيمياء، هندزة) نتيجة الترجمة، وهذا الكم الكبير من الكلمات التي دخلت اللغة العربية الحديثة نتيجة جلب المخترع الحديث، وكلمات مثل (الراديو، التلفزيون، التلفون، الموبايل، الكومبيوتر)، وما يتعلق بهذه الكلمات من متعلقات وتوابع يدل علي قدرة اللغة الحية/ بشكل معتاد/ علي الاخذ والعطاء فقد اخذت العربية واعطت يوم تفوقها وفي كل يوم.
واذا امكن الاستدلال علي وجود تأثيرات لغوية عربية في بعض اللغات الاوربية كما تقدم فليس من السهل اثبات تأثر شاعر بشاعر، ناهيك عن تأثير شعر امة بشعر امة اخري، وهي مسالة تأثر الشعر الاوربي بالشعر العربي الاندلسي وفي هذا كلام كثير منه.
أ. ان الشعراء الاوربيين، لم يكونوا يجيدون اللغة العربية، فكيف تأثروا بشعر اهل الاندلس؟
ولعل من جواب هذا السؤال ان الشاعر ليس مضطرا دائما لتعلم لغة الشعر الذي يتأثر به فكثيرا مايكون التأثير ناتجا عن الترجمة ومثال ذلك ما حدث للادب العربي شعرا ونثرا مسرحا ورواية وقصة في القرنين التاسع عشر والعشرين وحتي الوقت الحاضر فمن ذا الذي يزعم ان كل ادباء العرب وشعرائهم يجيدون كل اللغات الاجنبية التي تأثروا بأدبها بل من الذي يزعم ان كل المتأثرين باديب اوربي ما او شاعر يجيدون لغته؟!
ب. ان الشعر المتأثر لايتأثر بالالفاظ الشعرية بل يتأثر بالافكار والاساليب وهو ما يمكن القول بأن الشعراء الاوربيين قد تأثروا به، وعليه فوجود حب سام في شعر ما او عدم وجوده فيه ليس دليل تأثر شعر اخر به او عدم تأثره لان الحب موقف شخصي من مواقف الشاعر ولايمكن نسبته الي شعراء امة ففي شعراء اية امة شعراء يحبون حبا ساميا عذريا او ما يشبه العذري واخرون يحبون حبا ماديا او مكشوفا وهكذا يختلف الموقف من الحب بين شاعر وشاعر في امة واحدة بل قد يختلف لدي الشاعر الواحد بين زمنين واكثر من ذلك فقد يختلف حب الشاعر لامراتين فيتعفف مع احداهما ويتماجن مع الاخري فلا مجال للقول بان هناك موقفا محددا من الحب يقفه كل او اكثر شعراء امة واحدة في زمن معين ناهيك عن ان يحكم ذلك الموقف كل الازمان.
واحد اهم الخلافات التي تدور بشأن تأثر الشعر الاوربي بالشعر العربي او عدمه اختلافهم بشأن تأثر شعراء (التروبادور) بالشعر العربي الاندلسي او عدم تأثرهم وقد ذهب الباحثون في هذا الامر مذاهب شتي منها.
1. تقسيم كلمة (تروبادور) الي كلمتين احداهما (تروب) بمعني (فرقة) وهذه الفرقة يمكن ان تكون غنائية فتأتي الكلمة الثانية وهي دور بمعني تدور وتدور كلمة عربية اي تتجول فهي فرقة غنائية متجولة والتجوال اسلوب في العمل ومعروف ان الشعراء الاندلسيين في عهد ملوك الطوائف كانوا علي نوعين:
النوع الاول: شعراء محسوبون علي ملك من ملوك الطوائف ملتصقون به.
النوع الثاني: شعراء (جوالون) يتجولون بين الملوك يمدحونهم ويأخذون هباتهم ثم ينتقلون عنهم الي سواهم وهكذا فهو شاعر يتجول (يدور) فماذا يمنع من ان يكون شعراء (التروبادور) الدوارون/ قد اخذوا صفتهم واسلوبهم من هؤلاء الشعراء الاندلسيين.
انه مجرد رأي يحتمل الصحة او يقترب منها حتي يثبت غيره، وهو اقرب عندي من الراي الاخر.
2. يتصور البعض ان كلمة (تروبادور) في الاصل كلمتان عربيتان تغير موقع كل منهما من الاخري فتقدمت الثانية علي الاولي وتاخرت الاولي عن الثانية لتندمجا عند الاوربيين والكلمتان العربيتان هما: (دور طرب) وهو تعبير مستعمل عند العرب فقد يجلسون مجلس طرب يقدم اليهم فيه (دور طرب) عرف الاوربيون هذا راوه وسمعوه، وهم معتادون علي تقديم المضاف اليه علي المضاف ضمن قواعدهم فتقدمت كلمة (طرب) علي كلمة (دور) فصارت (طرب دور) وواضح ان اللغات الاوربية تفتقر الي الحرف (ط) فتحول الي (ت) وتحولت الكلمة (طرب) الي (ترب) ثم عملت العوامل اللغوية عملها في الكلمتين فدمجتهما وحولتهما الي كلمة واحدة هي: (تروبادور) وهو امر اخر محتمل اذ قد تكون الفرق الاولي/ التي مارست التجول في اوربا/ من الفرق الجوالة الفقيرة التي تجول بين الفقراء فتؤدي لهم دورا واحدا من ادوار الطرب تاخذ عنه اجرها ثم ترحل، ولا تبقي الاشياء كما هي بل تتطور فتبقي اثارها مع ما يجري عليها من تغيير، والتغيير الذي جري لشعراء التروبادور، ان المعروفين منهم كانوا يتجولون بين الملوك والحسناوات لكن من الذي يعرف غيرهم من الشعراء الفقراء..
ومن الذي يعرف ماذا كانوا يفعلون وكيف كانوا يعيشون لقد كان بعض شعراء الربابة يستقرون عند بعض شيوخ البادية لكن بعضهم الاخر كان يتجول بين الشيوخ بل لقد رأيت انا نفسي بعض هؤلاء الشعراء في ستينات القرن الماضي يتجولون بين البيوت البغدادية الفقيرة يعزفون علي الربابة ويمدحون رب البيت مستجدين فيمنحهم البعض ويمنعهم البعض الاخر كما انني رايتهم في بعض المدن السياحية ومنها المدائن سلمان باك يعزفون وينشدون لكل من يدعوهم فيعطيهم ما قسمه الله ويذهبون الي سواه تري الايحتمل ان يكون مثل هذا موجودا في الاندلس وان بعض الاوربيين قد راوه وتأثروا به.
الا يحتمل ام يكون ما يسمي في قشتالة بـ (شعر المنشدين) من هذا النوع انني لااستبعد هذا لان السبب الدافع اليه واحد وهو الاستجداء الناتج عن الفقر و الفقر موجود بين العرب والاوربيين فلماذا يمارس بعضهم هذا العمل ولايمارسه البعض الاخر؟
ان ممارسة الاستجداء بسبب الفقر مسألة شخصية لاعلاقة لها بمجتمع دون مجتمع ثم ما الذي يمنع من اجتماع الرأيين حيث نري فرقة غنائية متجولة تؤدي دور طرب واحد لشخص او لمجموعة من الاشخاص تأخذ ما يجاد به عليها ثم تنصرف حتي اذا وصلت ملكا اعجب بها دعاها الي قصره فرعاها فيه فاختصت به؟
ثم لم الحديث الطويل عن شعراء (التروبادور) كما سماهم اهل الجنوب ومناقشة تأثرهم بشعر الاندلس ايا كان ونسيان شعراء (التروفير) كما سماهم اهل الشمال وشعراء (المنسنكر) كما عرفهم الالمان مع عدم مناقشة تأثرهم بالشعر الاندلسي الي لمحا؟!
هذه امور يصعب البت بها بشكل قاطع لكنها تدفع الي التفكير وتثير المناقشات المجدية احيانا وغير المجدية في احيان كثيرة.
انما قدمه اجدادنا للحضارة الانسانية شيء مهم لكن الاهم منه ما نستطيع ان نتقدم به نحن لابنائنا واحفادنا من جهة وللحضارة الانسانية من جهة اخري والتفكير بهذا الامر اجدي واحق بالاهتمام.
تجليات الشعر الاندلسي في القصيدة المغربية 2/1
حرر بتاريخ الاربعاء 19 ديسمبر 2022 من طرف د . نورالدين ايمان
تتفق جل الدراسات الادبية على أهمية فترة الثلاثينيات في ميلاد حركة أدبية مغربية طموحة الى التحديث وفي تعدد روافد ادبية ورؤى فنية اغنت هذه الحركة. تم ذلك في اطار انفتاحها بشكل كبير على تجارب الآخرين وخصوصا منه المشرق والاندلس
وبين المغرب والاندلس في مختلف عصور التاريخ من العلائق والصلات ما جعلهما شريكين في تراث أدبي ومعرفي واحد. ولاشك ان عناية المغاربة بالتراث الأندلسي تكشف عن جانب من جوانب التواصل والتفاعل في ميدان الابداع الوجداني والفكري بين العدوتين
ويتعذر الفصل بين التراثين المغربي والاندلسي للتداخل الكبير بينهما لعدة قرون خلت ، الى حد أن النقاد المغاربة اعتبروا الادب الاندلسي تراثهم. لان الحضارة المغربية والاندلسية تداخلت وامتزجت بعضها ببعض. يقول احدهم: "اذا تساءلنا هل للأدب الاندلسي تاثير في الأدب المغربي ، فإننا نفترض كذلك وجود أدبين لكل منهما شخصية مستقلة ، وطابع خاص وميزات ينفرد بها . وأظن أن هذا كله مما يصعب تطبيقه على الادب الاندلسي والأدب المغربي . لأن الحضارة المغربية الأندلسية بصفة عامة إنما هي في الواقع واحدة"ا
وتسير أغلب الاراء في هذا المنحى مؤكدة أن الأدب الاندلسي ليس شيئا زائدا عن الادب المغربي حتى نبحث في التأثير أو عدمه. لأن "الادب الاندلسي انتقل الى الادب المغربي واندمج فيه اندماج الدم في العروق ، وسرى اليه سريان الماء في الأغصان ، فأصبح بآلامه وآماله متجليا مفاضا على جو المغرب"
وتكاد أغلب الدراسات تسير في اتجاه الامتزاج بين الأدبين وتداخلهما على مر العصور . على أن هذا لا يعني في نظرنا الإقرار بعدم إمكانية الفصل بين الأدبين ، أو تأثير أحدهما على الآخر . لأن لكل شعر كيان متميز تتآزر عدد من السمات والطوابع المحلية لتأسيسه، ضافية عليه نكهتها المنبعثة من تجربة أصحابه الخاصة والمطبوعة ببيئتهم.
انطلاقا من هذه الرؤية يصعب علينا نفي تأثر الشعر المغربي بالشعر الاندلسي واتخاذه مرجعية وأصلا يغترف منه الشعراء المغاربة . ولنا في ترجمة محمد بن العباس القباج للأديب غريط في كتابه الادب العربي في المغرب الاقصى وحديثه عن حضور الأدب الاندلسي بأدبنا في هذه الفترة ، أكبر دليل على ذلك . يقول "فلئن كان الأدب المغربي الحاضر لدى هذه الفئة الكبيرة الموجودة اليوم من شعرائنا المعدودين لا يزال يستمد من الأدب الأندلسي روعته ورشاقته ورقته ، فإن فضل ذلك يرجع لتلك البيوتات الشهيرة التي ما برحت تحتفظ بذلك الميراث الخالد الذي هو كل ما بقي بيد هذا القطر المغربي من جاره الفردوس المفقود .فبيت آل غريط من البيوتات المغربية التي لا يزال يتسلسل منها منذ ثلاثة قرون الادب الغض ، والشعر العربي المتين ، والمنثور المفصل ، الذي لا تكاد تقرأ منه سطرا أو سطرين حتى تستحضر الفتح بن خاقان وتترحم على ابن بسام
والواضح أن القول بعمق العلاقة الرابطة بين الأدبين المغربي والأندلسي يراد منه التأكيد على جوانب التواصل والتفاعل في ميدان الابداع وكذلك الأخذ والعطاء بينهما . وليس تمازج ووحدة الادبين . والدليل على ذلك أن بعض المؤرخين ومنهم عبد الله كنون يرون أن تاريخ العلاقات بين العدوتين كان يطبع بعض مراحلها التأزم والانقطاع ، وهو الأمر يجعل أن "الأدب المغربي ليس هو الادب الاندلسي . وأنه لم يتأثر به الا نسبيا . لأن الأدباءالمغاربة من غير شك كانوا يتعمدون مخالفة طريقة زملائهم الأندلسيين في الشعر والنثر قصد مقابلة التحدي بمثله .فإن الاندلسيين كانوا يكثرون على المغاربة من تعدد محاسن أدبائهم وابتكارات شعرائهم التي بذّوا بها غيره (……..) ولم يكن لدى من أخذوا أنفسهم بالتأذب لكمّ الأفواه الصاخبة بتعجيزهم ، الا أن يقرعوا الحجة بالحجة ، ويعارضوا الدليل بالدليل "ا
القولة اذن لا تترك أي شك في ان الخصومة بين أدباء العدوتين قد وسمت تاريخ هذه العلاقة في فترات معينة . وهذا وحده كاف للبرهنة على أن المغرب والاندلس كان لكل منهما أدبه الخاص به ، وأن طريقة كل واحد منهما كانت غير طريقة الآخر في التعبير والتفكير
الله يحفضك وينورك
شكراااااااااااااااااااااااااااااااا