التصنيفات
أخبار قطاع التربية و التعليم

إصلاحات التربية: أموال ضخمة وجهود مضنية تنتهي بجيل من “الأميين“

إصلاحات التربية: أموال ضخمة وجهود مضنية.. تنتهي بجيل من “الأميين“


الونشريس

إصلاحات التربية: أموال ضخمة وجهود مضنية.. تنتهي بجيل من “الأميين“

الإصلاحات ضيعت 15 سنة من عمر الجزائر
ميزانية وزارة التربية تعادل مزانية دول إفريقية
إصلاحات المنظومة التربوية.. من يتحمل مسؤولية الفشل

تُباهي وزارة التربية سنويا بعدد التلاميذ الذين يجتازون امتحاناتها النهائية في مختلف الأطوار، وتتخذ من هذه الأرقام المهولة مبررات للتدليل على تطور قطاع التربية في الجزائر على درب ما وصلت إليه أكبر البلدان في العالم اهتماما بمجال التربية والتعليم.

تحصي الجزائر أكثر من 8 ملايين مسجلين في الأطوار الثلاثة من التعليم بالمؤسسات التربوية عبر كامل التراب الوطني، والتحق في بداية الدخول المدرسي الحالي 700 ألف تلميذ جديد بأقسام الدراسة في الأطوار الثلاثة. ويبلغ معدل التلاميذ في الأقسام بين 40 و45 تلميذا في عدد من الولايات.

لكن لغة الأرقام التي تبرع في استعمالها الوزارة، تخفي واقعا مخيفا تعيشه المدرسة الجزائرية، حيث ازدادت بشكل كبير نسب التسرب المدرسي، وأصبحت العديد من الدراسات تتكلم عن ضعف مستوى التلاميذ وارتفاع معدلات الرسوب لديهم، ولجوء الوزارة إلى إقرار امتحانات استدراكية في الطور الثاني، في وقت يُقر أهل القطاع وخاصته بضعف التكوين لدى الأساتذة والمؤطرين.

إصلاحات.. أم زلزال دمر التعليم؟

بشرت وزارة التربية في عهد الوزير المعمر السابق أبو بكر بن بوزيد بإصلاحات واسعة في القطاع، تضع الجزائر على سكة الدول المتطورة في مجال الاهتمام بالتعليم الذي يعتبر العصب الحيوي في بناء مستقبل الأمم، غير أن الإصلاحات الموعودة تحولت إلى كابوس أرق الجزائريين خوفا على مستقبل أبنائهم.

دافع الوزير السابق بضراوة عن مسار الإصلاحات، لكن الواقع المزري للقطاع بعد سنوات من تجريب المناهج الجديدة، دفع السلطات العليا في البلاد للتخلي عنه بعد 15 سنة قضاها على رأس أكثر القطاعات حساسية في الدولة، واصطدم الوزيرالجديد، عبد اللطيف بابا أحمد، حين توليه للملف بواقع القطاع المخيف، فقرر أن يفتح ملف الإصلاحات أمام التقييم، وخرجت بعض التقارير تتحدث صراحة عن فشل إصلاحات في المنظومة التربوية، ولم تضف شيئا سوى أنها أبرزت العديد من النقاط التي لاحظها من قبل الأساتذة والمعلمون في الميدان، على غرار كثافة العديد من البرامج وعدم ملاءمتها لقدرات التلميذ النفسية والعقلية، إلى جانب التدهور الكبير في التحصيل العلمي خاصة في اللغات الأجنبية، وضعف مستوى الأساتذة والمكونين، الذي لا يخضع للمعايير العالمية المتعارف عليها في هذا المجال.

وبدلا من التصدي لهذه المشكلات الأساسية، حسب مراقبين لواقع المدرسة الجزائرية، بشرت إصلاحات بن بوزيد بإدخال الأنترنت إلى المدارس، واستخدام تقنيات التعليم عن بعد، وباقي التصورات المثالية التي عجزت الإصلاحات عن تجسيدها. غير أن أهم استنتاج يمكن الخروج به، وفق أحد الأساتذة، أن “هذه الإصلاحات وضعت في ظل غياب كلي لرؤية متكاملة للسياسة التربوية التي يجب أن تسير عليها منظومتنا التعليمية، فتم إهدار الوقت والجهد والمال في إصلاحات يقال الآن إنها أخرجت تلاميذ أميين”. فمن يتحمل مسؤولية إهدار جيل بأكمله؟

مدارس تعاني من التبذير وسوء التسيير

استعادت ميزانية وزارة التربية المرتبة الثانية، من وزارة الداخلية، في ميزانيات القطاعات المعلن عنها في قانون المالية لسنة 2022، حيث رصدت للوزارة ميزانية ضخمة قدرت بـ 628 مليار دينار، مقابل 566 مليار دينار لوزارة الداخلية، في حين تحتفظ وزارة الدفاع بالمرتبة الأولى بـ 825 مليار دينار (أكثر من 11 مليار دولار).

ومع أن الميزانية المرصودة للقطاع ضخمة وتناهز حوالي 8 ملايير دولار، وهو مبلغ يمثل الناتج المحلي الخام لعدد من الدول الأإفريقية مجتمعة، إلا أن الأثر الميداني لهذا الغلاف المالي لا يظهر على الميدان، حيث تشهد الاقسام في كثير من الولايات خاصة في الجنوب اكتظاظا كبيرا يفوق 40 تلميذ في القسم.

ويرجع الكثير من الفاعلين في قطاع التربية، السبب في ذلك، إلى سوء التسيير على مستوى المدارس، حيث يقوم المدير والمقتصد بصرف الأموال المخصصة للمدرسة أو المتوسطة أو الثانوية في تسيير الحاجيات اليومية. ويعلق “لمين” وهو مقتصد في إحدى المتوسطات حول هذه النقطة، قائلا “الميزانية بالمدارس هي ميزانية تسيير وأعتقد أن الدولة منصفة جدا في هذا المجال، إلا أن سبب تدهور حال كثير من المؤسسات التربوية يرجع إلى سوء التسيير للمدارس حيث تشهد فسادا كبيرا، وهو ما يعكسه اقتناء معدات غير صالحة أو ذات نوعية رديئة”.

وحول ما تشهده المطاعم بالمدارس من تبذير، يقول المتحدث: “أعتقد أن سهولة عقد الصفقات مع الممونين خاصة أنها لاتمر عبر مناقصات تفتح باب كبير لنهب المال”. ويقترح المتحدث لتدارك هذا الخلل الفاضح “أظن أن جمعية أولياء التلميذ أصبح من الضروري جدا إدخالها ضمن مجلس التربية والتسيير الذي هو مخول بتسيير الميزانية”.

أحزاب سياسية غافلة عن قطاع التربية

تُغفل الأحزاب السياسية الحديث عن المنظومة التربوية في الجزائر، وتغيب مشاكل القطاع ومتطلباته عن الحملات الانتخابية، أمام ارتفاع الوعود التي يقدمها المرشحون في باقي المجالات التي تشغل بال المواطن كالسكن والشغل والزواج وغيرها.

ونادرا ما يسمع لرئيس حزب سياسي رأي أو اقتراح في المنظومة التربوية، رغم أن قضية التعليم ينبغي أن تحظى بالأولوية في برامج الأحزاب وتدخلاتهم لأنها تتعلق بمستقل البلاد، الذي يرافع الجميع من أجل أن يكون مزدهرا ، بينما يعجزون عن اقتراح الطريق الذي يوصل إليه.

واللافت أن الأحزاب الإسلامية لا تتحرك في قضايا التربية إلا للاحتجاج على ما تعتبره تخليا من المدرسة عن أصالتها أو انحرافها عن هوية الشعب الإسلامية، في حين لا تتحدث إلا نادرا عن ضرورة الإصلاح بما يضمن مواكبة التطور الحاصل في مجالات التعليم وتقنياته في العالم.

أما باقي الأحزاب فتستغل خلافها مع الأحزاب الإسلامية، لتصفية حسابات إيديولوجية بعيدة عن مصلحة المدرسة الجزائرية، وبين هذا وذاك يستمر جيل بأكمله في الضياع.
المصدر صحيفة البلاد.




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.