أولياء يتحولون إلى أطباء نفسانيين لمسايرة أبنائهم المرضى
دراسة أمريكية: أسلوب تعامل الطبيب مع مريضه لا يقل أهمية عن الدواء الذي يصفه له
يجهل الكثير من الناس كيفية التعامل مع أحد أفراد العائلة المصاب بمرض مزمن، فيسيئون معاملته سهوا منهم، غير مدركين أنهم بذلك يزيدون آلامه ويشعرونه بأنه أضحى عالة عليهم، وهو ما ينهى عنه الأطباء لأن إظهار الاهتمام والرعاية الجيدة للمريض أصبحت ورقة رابحة تزيد من نسبة شفائه.
هي مسؤولية الجميع، ينسج خيوطها الطبيب الذي يجب عليه أن يبدي تعاطفا مع مريضه، بما أن هذا الأخير يرى في طبيبه بطلا قادرا على شفائه بلمسته السحرية، حيث أن دراسة أمريكية نشرت مؤخرا أثبتت أن أسلوب التعامل مع المريض لا يقل أهمية عن الدواء الذي يصفه له، وتشير الدراسة التي نشرتها الجمعية الطبية الأمريكية أن 82 بالمائة من الشكاوى ضد الأطباء لها صلة بمواضيع الاتصال، وتبين الدراسة أن المشاعر العاطفية وإحساس المريض بأن الطبيب يوليه رعاية خاصة تعمل على تحسين الاتصال مع المريض وتساعد أيضا في شفائه .
وينبغي عدم تجاهل أن الاتصال الحميم مع المريض له أهمية بالغة في استجابة جسمه للأدوية، وهي حالة تعتمد على شعور المريض بالراحة النفسية عند تفكيره أنه محل اهتمام من المحيطين به، في مقدمتهم أفراد عائلته، الذين يتوجب عليهم معاملته بشكل استثنائي وخاص يراعي حالته المرضية وخاصة النفسية، التي تتدهور كثيرا بفعل تأثير المرض عليه، فيصبح سريع الانفعال يغضب لأتفه الأسباب وتصيبه حالة من الاكتئاب التي تستدعي تجند كل أفراد العائلة من أجل توفير الراحة له مع عدم التأفف منه، فالمريض يصبح حساسا لأقصى درجة ويلاحظ أي تصرف جارح قد يصدر من شخص عزيز عليه.
وعلى الرغم من أن المرض هو قضاء وقدر يبتلي به المولى عز وجل عباده المؤمنين، إلا أن الكثير منهم لا يتقبل بسهولة إصابة أحد أبنائه بمرض مزمن، وهو حال "سامية. ح" التي تحدثت عن مرض ابنتها وما صاحبه من تغيرات في حياتها مع زوجها، فقالت إنهما لما اكتشفا إصابة ابنتهما بمرض السرطان لم يصدِّقا ذلك، وأعادا إخضاعها للفحوص والتحاليل عدة مرات، إلا أنهما في آخر المطاف تقبلا الأمر ورحبا بإرادة الله عز وجل، غير أن حياتهما انقلبت رأسا على عقب، حيث تخليا عن كثير من عاداتهما التي دأبا على فعلها، إذ أصبحا لا يجتمعان على مائدة العشاء، ولا يتحدثان مع بعضهما في أمور عائلية إلا نادرا، وخيم الحزن على أجواء البيت، وعلى الرغم من أنهما مثقفان إلا أنهما يجهلان كيفية التعامل مع ابنتهما المريضة، وهنا أشارت محدثتنا إلى فترة تساقط شعر الفتاة بفعل العلاج الكيميائي، فقالت أنها أصعب فترة عايشتها هي وزوجها، حيث تبرز مظاهر المرض جليا، وتسمع تساؤلات ابنتك حول ما يجري فتقف عاجزا عن إيجاد حل، وتضيف "سامية" لعل أهم صورة ستترسخ في ذهني هي صورة زوجي وهو يقص ما تبقى من شعر ابنتنا ويأمرها بنبرة حادة أن تجلس جيدا حتى لا يجرحها، وبعد أن صرخ في وجهها بتلك الطريقة طلب منها الصفح، وعبر لها عن حبه الشديد لها وأنه يرى فلذة كبده جميلة في كل الأحوال، وأضافت أنهما يذكرانها في كل مرة أنها ازدادت جمالا وهي بدون شعر، حتى لا تحس بعقدة.
كما ذكرت محدثتنا أنها تعيش على أعصابها وتعاني ضغطا رهيبا جعلها تفكر في زيارة طبيب نفساني، لعله يتمكن من التخفيف من معاناتها خاصة وأنها أصيبت بالأرق منذ اكتشاف مرض ابنتها، كما أنها في حاجة إلى مختص يعطيها نصائح تتبعها حتى تحسن التعامل مع ابنتها المريضة.
قصة "سامية" مع مرض ابنتها لا تختلف عن قصص الكثيرين، إلا أن أهم سلاح يواجه به الأولياء المرض ويتغلبون على تداعياته، هو التحلي بالصبر والإيمان بالقضاء والقدر، بالإضافة إلى ضرورة تقمص دور الطبيب في التعامل مع فلذات أكبادهم المرضى.
المصدر الشروق أون لاين.
سبحان الله وبحمده.