التصنيفات
البحث العلمي و ما بعد التدرج

أرجوكم ساعدوني ——————-ممكن

أرجوكم ساعدوني ——————-ممكن


الونشريس

ارجوكم ساعدوني في موذكرة تخرج بخصوص تاهيل الموارد البشرية في ظل العولمة




رد: أرجوكم ساعدوني ——————-ممكن

***61649; الملخّص ***61649;

هناك الكثير من السياسات والمتغيرات العالمية التي تؤثر وتنعكس نتائجها على مختلف نواحي الحياة البشرية على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو السياسي، كذلك على المستوى الحضاري، أكثر هذه المتغيرات انتشاراً وشيوعاً هي تلك الظاهرة التي أطلق عليها الكوكبة أو العولمة، أخيراً أطلق عليها الأمركة كون الولايات المتحدة الأمريكية هي اللاعب الأكبر والأكثر تأثيراً من خلال هذه الظاهرة، وقبل أن نتعرف على بعض الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن هذه الظاهرة لا بد لنا من التوقف عند الأدوات التي ارتكزت ومازالت ترتكز عليها من أجل السير في تحقيق الأهداف المخطط لها من خلال هذه الظاهرة، ومن ثم نتطرق إلى أنواع هذه العولمة وبعد ذلك نتطرق إلى الآثار الناجمة عن العولمة وأخيراً نتطرق إلى العلاقة بين العولمة والموارد البشرية .
تأتي أهمية بحثنا هذا كونه يتعرض لظاهرة خطيرة ومنتشرة بكثرة في العالم بأكمله، هي ظاهرة العولمة هذه الظاهرة التي ينجم عنها الكثير من النتائج السلبية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي تنجم عنها في حال عدم التهيئة السليمة والعلمية لمواجهتها، وسنحاول وضع بعض الأسس والسياسات للاستفادة من بعض الايجابيات التي يمكن أن تنتج عن التعامل بشكل واع ومدروس مع ظاهرة العولمة.

أهداف البحث:
يهدف بحثنا إلى تسليط الضوء على ما يلي:
1 – البعد التاريخي لهذه الظاهرة.
2 – الأدوات التي تستخدمها القوى الفاعلة من أجل نشر هذه الظاهرة.
3 – المجالات المختلفة التي تتأثر بهذه الظاهرة.
4 – الآثار السلبية الناجمة عن هذه الظاهرة.
5 – بعض الآثار الإيجابية التي يمكن الاستفادة منها في حال التعامل بحذر من ظاهرة العولمة.
6 – المواقف المختلفة من ظاهرة العولمة.
7 – السياسات اللازمة للتعامل مع هذه الظاهرة بما يتفادى الكثير من الآثار السلبية.

تساؤلات البحث:
1 -هل ظاهرة العولمة حديثة النشوء ؟
2 – ماهي الأدوات التي تستخدمها قوى العولمة من أجل نشرها وفرضها ؟
3 – ما هي المجالات التي تعمل قوى العولمة من اجل التأثير عليها ؟
4 – ما هي الآثار السلبية الناجمة عن ظاهرة العولمة ؟
5 – هل هناك نتائج إيجابية يمكن الاستفادة منها من خلال التعامل الصحيح مع ظاهرة العولمة ؟
6 – ما هو الموقف الايجابي من العولمة والذي يخفف من حدة السلبيات ؟
7 – ما هو أثر العولمة على الموارد البشرية، وكيف يمكن تأهيل الموارد البشرية لمواجهة العولمة ؟

لمحة تاريخية عن العولمة:
العولمة في اللغات الأوروبية المختلفة هي سياسة أو سلوك على المستوى العالمي "globalisation" وفي معنى آخر يقصد بها السياسة الكونية ويقال أيضاً الكوكبة والكوننة، وهي متقاربة مع مصطلح التدويل "international"أي كل ما هو أممي، وهذه المصطلحات تصب في المفهوم الفكري الذي يضفي الطابع العالمي أو الدولي أو الكوني على النشاط البشري وقد تختلط الأمور بين( الأنسنة) من الإنسانية وبين العولمة( من العالمية )(1).
إن الممارسات المتعولمة على أساس تعميم سياسة معينة أو عادة أو ثقافة ليست وليدة العقود القليلة الماضية وإنما هي قديمة من خلال محاولة العديد من الدول الإمبريالية والاستعمارية التي انتصرت في الحروب فرض ثقافتها ولغتها وتطوير اقتصادها عن طريق الاستعمار المباشر المرتبط بالاحتلال العسكري أو عن طريق فرض تعليم لغتها على الدول التي تحتلها أو عن طريق احتلال الدول التي تقع على الممرات التجارية والمنافذ البحرية والبرية وعن طريق نهب الثروات والموارد الطبيعية للدول المستعمرة وهذا ما يعطي البعد التاريخي لظاهرة العولمة وفي العقود القليلة الماضية وبعد صراع كبير بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي وهو ما عرف بالحرب الباردة وبعد انتهاء هذه الحرب بانتصار المعسكر الرأسمالي هذا الانتصار الذي تمثل بسقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفيتي وهذا ما دل على انتصار المعسكر الرأسمالي سارع المعسكر المنتصر إلى إطلاق التصريحات والعمل على فرض السياسات الهادفة إلى فرض تحويل السياسات الاقتصادية للدول التي كانت تحت سيطرة ونفوذ الاتحاد السوفيتي إلى النموذج الرأسمالي ولو اضطرت إلى استعمال قوة السلاح ومن ثم أصبح هدف هذه الدول فرض النموذج الرأسمالي المعتمد على الاقتصاد الليبرالي الحر على كل دول العالم ومن ثم تحول هذا الصراع بين دول المعسكر الرأسمالي من أجل فرض سياساتها المؤدية إلى السيطرة الاقتصادية وتبلور هذا الصراع بين الولايات المتحدة والكتل الاقتصادية الرأسمالية الأخرى بشكل إفرادي وهذا ما أدى إلى صبغ هذا المصطلح بالصبغة" الأمريكية "و هو الذي أدى إلى إطلاق تسمية الأمركة على هذا المصطلح.

أدوات العولمة وأهدافها:
لقد اعتمدت الدول الرأسمالية على خلق وتسخير مجموعة من الأدوات المساعدة على نشر وتجسيد وتكريس السياسات التي تنجم عن ظاهرة العولمة وفرضها وأحيانناً بالقوة ومن أهم هذه الأدوات :
1 – الشركات المتعددة الجنسيات:
تشكل الشركات المتعددة الجنسية أو ما تسمى العابرة للقارات القوة المحركة للعولمة بشكل عام ولعولمة الإنتاج بشكل خاص، فهذه الشركات التي تواجه ركوداً في الطلب وارتفاعا حاداً في كلفة الإنتاج تنقل قواعد إنتاجها إلى الدول النامية حيث تشهد أسواق السلع والخدمات نمواً ملحوظاً (2) بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية والتسهيلات التي تمنحها الدول النامية لهذه الشركات وهذه الشركات المتعددة الجنسية عبارة عن مجموعة من الشركات التي تعمل في مجال معين وفي بلدان وأقاليم مختلفة والتي أتحدت لتشكل شركة كبيرة وضخمة مقرها في دولة معينة ومجال عملها في مختلف دول العالم لتشكل تيارا اقتصاديا كبيرا يحد ويوقف عمل المؤسسات الصغيرة ويتجاوز الحدود الإقليمية وقد وصل عددها في عام (1998) إلى حوالي / 40 / ألف شركة، بلغت إيرادات أكبر (500) شركة منها عام 1996 نحو (11000) مليار دولار، وهذا ما شكل (44%) من الناتج المحلي العالمي الذي وصل إلى نحو (23000) مليار دولار (الوطن العربي/ 576/ مليار دولار)، وتسيطر الشركات المتعددة الجنسيات على ثلث الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم، وثلثي التجارة الدولية في مجال السلع والخدمات( 3)، فرقم الأعمال لشركة جنرال موتورز على سبيل المثال، هو أعلى من الناتج القومي الخام لبعض البلدان مثل السعودية، وتركيا وبولونيا فكيف إذا ما قورنت نتائج أعمالها مع الناتج القومي للدول الإفريقية.
2 – منظمة التجارة الدولية
وهي منظمة منبثقة عن اتفاقية الغات وهي تجسيد للاتجاه البارز نحو محاولة تحويل الاقتصاد العالمي إلى سوق واحدة لا تعرف الحواجز أمام حركة السلع (مادية أو خدمية أو تكنولوجية) وحركة رأس المال وهو ما يتضمن تحويل العالم إلى حقل قانوني واحد تتوحد فيه القواعد الموضوعية التي تحكم المعاملات التجارية والمالية الدولية (4).
و تقوم وظيفة منظمة التجارة الدولية على ثلاثة مبادئ أساسية وهي :
أ- تحرير التجارة الدولية من القيود .
ب – عدم التمييز بين البلاد المختلفة في المعاملات التجارية، وهو المبدأ المعروف بأولى الدول بالرعاية، والمساواة بين كل البلدان .
ج – – تحديد قواعد السلوك في المعاملات التجارية، وذلك بتحريم أن تقوم دولة بإغراق سوق دولة أخرى عن طريق بيع سلعة معينة في أسواق التصدير بسعر أقل من السعر الذي تباع به في سوقها الداخلي، كذلك تحريم إعطاء دعم للمنتجين لسلعة معينة بقصد تمكينهم من تصديرها بسعر مخفض (5).
و في الوقت الذي شجعت فيه الدول الصناعية المتقدمة المنافسة والأسواق الحرة، تبنت الدول الصناعية نفسها ومنها الولايات المتحدة مبدأ التجارة المدارة، وتقييد الأسواق( من خلال قوانين حماية المنتجات الوطنية أو فرض الرسوم والضرائب المرتفعة على البضائع الأجنبية المنافسة ودعم المنتجات المحلية) عندما تتعرض مصالحها للخطر (6).
3 – صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير:
يعد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير من أهم أدوات وأركان ترسيخ مصطلح العولمة والنظام الاقتصادي المعاصر من خلال برنامج التثبيت الاقتصادي، وبرنامج التكيف الهيكلي .
فصندوق النقد الدولي يتابع ويشرف على تنفيذ ما يلي :
أ – برنامج التثبيت الاقتصادي الذي تعتمد فكرته على تحليل العلاقة بين مشاكل المديونية المتراكمة، والتعديلات في هيكل الاقتصاد وانعكاس ذلك على ميزان المدفوعات والموازنة العامة للدولة في الآجال القصيرة ويلاحظ أن صندوق النقد الدولي بشكل عام ينصح الدول التي تعاني من بعض الاختلالات الهيكلية أو التي تعاني من المديونية المرتفعة وتطلب الاقتراض منه والتي تريد معالجة هذه الاختلالات الهيكلية بما يلي:
1 – العمل على الحد من الإنفاق العام على الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية والدفاع .
2 – التحكم بالسيولة النقدية بالعمل على السيطرة على عرض النقد والائتمان المحلي بما في ذلك زيادة الفائدة على الودائع المحلية.
3 – العمل على تخفيض مستويات الأجور المحلية (7)
ب – برنامج التكيف الهيكلي : يشرف البنك الدولي على متابعة تنفيذ برنامج التكيف الهيكلي من خلال الاعتماد على مفاهيم النظرية الاقتصادية في تخصيص وتوزيع الموارد وأهم الإجراءات التي يلح عليها البنك الدولي والتي تفيد في تطبيق هذا البرنامج تتركز على المطالبة بما يلي :
1 – الحد من الملكية العامة على حساب توسيع القطاع الخاص وتحميل مسؤولي البنك الدولي القطاع العام مسؤولية التشوهات الهيكلية والاختلالات الاقتصادية الداخلية.
2 – يرى البنك الدولي ضرورة العمل على تحرير التجارة وزيادة الصادرات لأنها في رأيه شرط أساسي لزيادة الإنتاجية كما يؤكد ضرورة المنافسة وتخفيض الرسوم الجمركية والعمل على التوسع في تمثيل الوكالات الأجنبية (8) .
4 – ثورة الاتصالات والمعلوماتية :
تعد ثورة الاتصالات والمعلوماتية اليوم من أهم الأدوات التي تعتمد عليها الدول الرأسمالية بشكل عام والولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً في فرض ونشر سياساتها المتعولمة من خلال جعل العالم كقرية صغيرة بحيث أضحى الذي يحكم العالم اليوم هو قوة المعرفة والمعلوماتية وتحول الاقتصاد العالمي إلى اقتصاد يعتمد على المعرفة بعد أن كان اقتصاداً معتمداً على الاستخدام الكثيف لرأس المال وكثيف الاستخدام للعمالة وذلك بفضل ثورة المعلومات والتقانة المتعددة الوسائط وتجدر الإشارة إلى أن أوراق اللعبة المعرفية والتقنية التكنولوجية : اليوم إنما هي في يد (12%) من سكان العالم "الولايات المتحدة الأمريكية، أوروبا الموحدة، اليابان" التي تسيطر على أكثر من (90%) من حجم التجارة العالمية (9)، وجاءت شبكات الانترنيت لتضيف وسيلة تسهم في تعزيز فكرة العولمة وسياساتها(10)، وكذلك ساعدت ثورة الاتصالات هذه على عولمة الإعلام من خلال انتشار الفضائيات التي تعمل على نشر القيم والسلوك الاستهلاكي الذي تعمل من أجل نشره قوى العولمة.

أنواع العولمة:
نستطيع القول أن العولمة بمعناها النظري هي إكساب الشيء الطابع العالمي وجعل نطاق تطبيقه عالميا ولكن من خلال التطبيق الواقعي لسياسات العولمة نستطيع أن نقول أنها نوع من الهيمنة الرأسمالية المتوحشة التي تصنع الفرد قبل المجتمع والاستهلاك قبل الإنتاج والمال قبل القيم (11).
والجانب الاقتصادي هو جوهر العولمة قبل كل شيء آخر ومنبع كل صفاتها الأخرى غير الاقتصادية(12)، فهو الأساس الذي تعمل قوى العولمة على فرضه من خلال التجارة الدولية والمؤسسات الدولية والشركات المتعددة والمتعدية الجنسية التي تمثل ذراع العولمة الطويل والتكتلات الاقتصادية التي تمثل أداة الاحتواء المعولم، ومن اجل الوصول إلى الهدف الاقتصادي أو العولمة الاقتصادية فقد عملت الدول الإمبريالية وخصوصا الولايات المتحدة على تهيئة القوانيين والأنظمة والسياسات والسلوك الفردي لأغلب دول العالم عن طريق عولمة الثقافة والسياسة والسلوك العالمي دون إعطاء أي أهمية للحدود السياسية للدول ذات السيادة أو الانتماء إلى وطن محدد أو دولة معينة ودون حاجة إلى إجراءات حكومية .

العولمة الاقتصادية:
تعني العولمة الاقتصادية نظاماً تجارياً عالمياً مفتوحاً تزول فيه العوائق أمام حركة السلع والبضائع والخدمات وعوامل الإنتاج خاصة رأس المال عبر الحدود الدولية وتغدو فيه التجارة الدولية الحرة والمتعددة الأطراف هي القاعدة وهذا يؤدي في النهاية إلى تكامل اقتصادي عالمي متزايد في أسواق السلع والخدمات ورأس المال(13) وتتحول فيه قوى السوق العاتية إلى نظام اقتصادي عالمي تفرض فيه الشركات المتعدية الجنسية والمنظمات العالمية الحاكمة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي انسجاما بل تطابقا ً بين جميع الأقطار ومهما كانت مواقعها وتفصيلاتها (14)، ويذهب الاقتصادي المعروف، بول سويزي إلى أن العولمة هي صيرورة رأسمالية تاريخية يتحول فيها خط الإنتاج الرأسمالي من دائرة عولمة المبادلة والتوزيع والتسويق والتجارة إلى دائرة عولمة الإنتاج الرأسمالية، مع عولمة رأس المال الإنتاجي وقوى وعلاقات الإنتاج الرأسمالية مما يقود إلى إخضاع العالم كله إلى النظام الرأسمالي تحت قيادة وهيمنة وتوجيه القوى الرأسمالية العالمية والمركزية وسيادة نظام التبادل الشامل والمتميز لصالح الاقتصاديات الرأسمالية المتقدمة (15)، ففي عالم معولم، ستنعدم الحدود ويزول التمييز بين الأسواق الوطنية المحلية والأسواق الأجنبية العالمية وستتزايد الاندماجات والاستحواذات والتحالفات بين المشاريع المتنافسة بحجة تقليص التكاليف وزيادة الكفاءة الإنتاجية والتسويقية لكل منها ويعترف دعاة العولمة بأن عولمة الأعمال والتمويل ستؤدي إلى الحد بدرجة كبيرة من قدرة الحكومات الوطنية على رسم سياسات اقتصادية وطنية مستقلة وعلى إضعاف سيطرة الحكومات على اقتصادياتها.

العولمة السياسية:
لا يمكن إنكار أن المقولات الكبرى في عصرنا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان تنطوي كل منهما على جانب عام وجانب خاص بالثقافة والبيئة بكل دولة وبكل شعب، وقد ازدادت صعوبة التفرقة في هذا الشأن بين العالمي والخاص في ظل التشابك مع آليات العولمة ذات الصلة القوية بالتغريب (الأمركة) حيث النزوع القوي نحو استعباد شعوب وفرض ثقافات معينة رغماً من أن أنماط التفكير والسلوك وأنساق القيم لديها تتسم بالانغلاق والشمول وعدم التسامح ورفض الاندماج في تقاليد أسلوب الحياة الأمريكية ومن أفدح مغالطات التصورات الغربية لحقوق الإنسان تركيزها على الحريات المدنية والسياسية وتغاضيها عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الحق في التنمية) وقد عمدت القوى التي تعمد على فرض ونشر العولمة على توظيف المنظمات الدولية من اجل تحقيق أهدافها مثل حروب البلقان والحرب على العراق من خلال منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ويتم ذلك عن طريق الضغط المالي على هذه المنظمات كعدم دفع المستحقات أو بالمقايضات مع الدول الأعضاء المؤثرة (16).
كما ذكرنا سابقاً العولمة ظاهرة اقتصادية في المقام الأول ولكنها تأخذ في الوقت ذاته أبعاداً وتجليات سياسية وعسكرية وثقافية وإعلامية تعمل من أجل إرساء هيمنة الثالوث الرأسمالي العالمي (الولايات المتحدة – أوروبا – اليابان) على مختلف أنحاء الكرة الأرضية هيمنة شبه تامة والهدف من هذه الهيمنة السياسية تفكيك وشائج السيادة الوطنية للدول المتوسطة والصغيرة.
إن العولمة التي تبغيها الولايات المتحدة تتضمن بالأساس تأمين الحدود الحرة والمفتوحة لانتقال سلعها وأفكارها مستخدمة في ذلك وسائلها الإعلامية الجبارة والتقدم التكنولوجي والمؤسسات المالية الدولية والشركات متعدية الجنسيات والضغوط السياسية والحملات العسكرية إذاً في مقابل مفهوم الدولة والحدود الوطنية الذي استقر كأحد أسس الأمن الدولي بعد الحرب العالمية الثانية أصبحنا إزاء " نظام عالمي جديد " يعطي الأولوية المطلقة لحرية السوق والمشروع الخاص مع تسخير متطلبات سياسية واجتماعية مثل مصطلحي (الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتحرر المرأة) في خدمة ذلك أي كاستخدام هذه المصطلحات بمرونة كبيرة لتبرير التدخل في شؤون الدول القائمة في أطراف النظام الرأسمالي العالمي (17).
فالعولمة إذا نظام يقفز فوق حدود الدولة والوطن والأمة، فهي تقوم على الخصخصة إي نزع ملكية الأمة والوطن والدولة ونقلها إلى القطاع الخاص المرتبط بقوى العولمة والذي يحقق أهدافها ومتطلباتها وهكذا تتحول الدولة إلى جهاز تابع لهذه القوى سواء المحلية ذات الاستثمارات الجديدة أو لقوى العولمة (18).

العولمة الثقافية:
الثقافة بمعناها الواسع : مجموع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعاً بعينه أو فئة اجتماعية بعينها وأنها تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة والإنتاج الاقتصادي كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات .
إن سياسات ومآرب العولمة في المجال الثقافي التي تستهدف الهويات القومية ومقوماتها الرئيسة اللغة والدين والسمات التاريخية وأنماط العيش والسلوك والعادات والتقاليد ومعطيات الاختلاف والتمايز بين المجتمعات تضعنا أمام مسؤولياتنا المادية والمعنوية والروحية الجوهرية في الحياة البشرية (19) ،من اجل الحفاظ على مكتسباتنا هذه أمام محاولات العولمة ومجابهة أي تهديد يؤدي إلى التغيير القسري والعمل على الاستفادة من الثقافات الأخرى من خلال الحوار البناء .
إن مخاطر العولمة على الهوية الثقافية إنما هي مقدمة لمخاطر أعظم على الدولة الوطنية والاستقلال الوطني والإرادة الوطنية والثقافة الوطنية ،فالعولمة تعني مزيداً من تبعية الأطراف لقوى المركز (20) .
إن الدول والمنظمات الداعية والعاملة لفرض ظاهرة العولمة تعمل على استثمار منجزات ثورة الاتصالات والتقدم التقني والتكنولوجي في نشر ثقافة جماهيرية واحدة وبقوالب محددة مسبقة الصنع عمودها الفكري الاستهلاك وهذا ما نجده في المحطات الفضائية والذي يستنتج المراقب كأنها مخصصة للإعلان وترويج البضائع الاستهلاكية، فالإعلان أصبح سيد الموقف في كل الفضائيات وشكلت المواد الإعلانية هذه الهاجس والمسيطر والبوصلة التي توجه الأجيال الجديدة في التفكير والتعامل والبيع والعرض والترويج وأسلوب الحياة بكاملها وبذلك فإن هذه العولمة ستؤدي إلى تغيير في القيم الحالية والخصوصية الموجودة في مجتمعاتنا وتؤدي إلى حدوث تغييرات اجتماعية عميقة (21) .
فالولايات المتحدة الأمريكية أعلنت بعد أن أصبحت الحاكم القوى في العالم أنها ستعمل على نشر القيم والسلوك الأمريكي ونمط الحياة الأمريكي في العالم كله وهو ما يفتح باب الغزو للشعوب وعقائدها وثقافتها فالعولمة بالرغم من الصبغة الاقتصادية لها فإنها تعمل من أجل أهدافا أخرى تطال ثقافة الشعوب وهويتها القومية والوطنية ومصالحها وخصوصياتها في الصميم وترمي إلى تعميم نماذج وأنماط من السلوك والعيش وفرض منظومات من القيم وطرائق التفكير والتدبير وتكوين رؤى وأهداف تعمل في خدمتها ومن ثم فهي تحمل ثقافة تغزو بها ثقافات ومجتمعات أخرى وتؤدي إلى تخريب منظمات وقيم وإحلال قيم أخرى محلها ليست بالضرورة أفضل من القيم التي لحق بها التخريب فضلاً عن كونها لا ترتبط بخصوصيات الأمم وثقافاتها ولا يخلو ذلك من توجه استعماري جديد يتركز على احتلال العقل والإرادة وجعلهما يعملان وفق أهداف المستعمر وفي إطار خططه ومصالحه مع تحييد قوة الدولة أو إنهاكها واستلابها وانتزاع مقومات حضورها وتأثيرها الاجتماعيين وفرض نوع من الإدراك الواقعي مع إلحاق شلل بالوعي المنقذ والإرادة والقوة وطاقات الروح وبالإيمان وقدراته الخلاقة عند المؤمنين (22) وهذا ما جعلنا نتذكر قول وزير الثقافة الفرنسي في مؤتمر المكسيك إن هذا الشكل من أشكال الامبريالية المالية والفكرية لا يحتل الأرض، ولكن يصادر الضمائر ومناهج التفكير واختلاف أنماط العيش وهذا ما قاله الرئيس الأمريكي بعد حرب الخليج الثانية : إن القرن القادم سوف يشهد انتشار القيم وأنماط العيش والسلوك الأمريكي وفي هذا نزوع استعماري لغزو الآخرين ولمهاجمة الهويات الثقافية والقومية وفرض التبعية عليها وإذابتها .(23).
إن الغرب / سياسياً وثقافياً واقتصادياً / يرمي إلى تحقيق أهدافه بكل الوسائل الممكنة، ويضعها على رأس مشاريعه وسياسته ومنها فرض التبعية من خلال الاختراق والغزو الثقافيين وتخريب قيم الآخرين واستقطاب الأجيال الصاعدة بدغدغة غرائزها وتوجيه ميولها والتركيز على ماهو في سطح الاهتمامات البشرية لديها لحصرها في حيز السطح من الاهتمامات والمهام والتطلعات مستفيداً من فاعلية التفوق والقوة والسيطرة والثروة التي لديه في هذا المجال للوصول إلى زعزعة الثقة ثم محو الشخصية ومقومات الآخر ونحن نعرف أن أهم مقومات الشخصية الثقافية لأمة من الأمم : اللغة والدين وبقية السمات والعادات والتقاليد والأعراف ومكونات الذاكرة التاريخية للأمة (23).
و قد تجاوز مخطط التفتيت للمجتمع العربي الأبعاد السياسية والجغرافية إلى الأبعاد الاجتماعية والثقافية والفكرية والروحية وتأتي العولمة لتحقيق هذه الأهداف إن النظام الأمريكي يعمل على تدمير البنى الثقافية للبلدان النامية من خلال تدمير بناها المجتمعية وعزل الثقافة عن الواقع وتهميش المثقف والحد من فاعليته في حياة مجتمعه لذا فإن العولمة أصبحت تحمل في طياتها نوعا آخر من الغزو الثقافي أي قهر الثقافة الأخرى لثقافة أضعف منها لأن العولمة لا تعني مجرد صراع الحضارات أو ترابط الثقافات بل أنها توصي أيضا باحتمال نشر الثقافة الاستهلاكية والشبابية عالميا والخطورة في هذه الثقافة وبهذا تختلف العولمة عن العالمية والتي تعني إغناء للهوية الثقافية بينما العولمة تعني اختراقا فالاختراق العولمي يعني إلغاء الحوار والتبادل الحضاري والحلول محله ويستهدف العقل والنفس والذين هما الأداتان التي بهما يتم التفسير والتأويل والتسريع وقبول ما هو مفيد ومحاربة ومواجهة ما لا يتناسب مع خصائصنا بحيث انتقل من السيطرة عن طريق الايدولوجيا إلى السيطرة عن طريق الصورة السمعية والبصرية التي تسعى إلى تسطيح الوعي (24).

الآثار الناجمة عن العولمة:
إن المراكز الرأسمالية القائدة لظاهرة العولمة تعمل على استثمار الجوانب الايجابية للعولمة لصالحها بشكل تام وتعرقل ما تراه في غير مصلحتها كما في حالة انتقال الأيدي العاملة من بلدان أخرى واعتبارها أيدي عاملة غير مرغوب بها ويفترض إقامة الحواجز القانونية ضد حركتها نحو الداخل .( 25)
إن الانخراط في العولمة لا يضمن على الإطلاق استيعاب وتمثل الجوانب التقنية الأساسية فيها إن قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية التي يفرضها الانخراط في منظمة التجارة العالمية مثلا يهدف فيما يهدف إلى منع انتقال التكنولوجيا إلى دول العالم الثالث (26).
ينتج عن العولمة الكثير من الآثار السلبية ولكن هذا لا يعني أنها لا تحمل بعض النتائج الايجابية، وتعود سلبية أو إيجابية الآثار الناجمة عن العولمة إلى مدى عمق فهم الدولة لهذه الظاهرة ودراسة الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلد والآثار التي تحمله لهذا البلد ومدى إعداد الدراسات والقوانين وتهيئة الكوادر المدربة والمؤهلة لنقل المجتمع بالشكل الذي يقلل الخسائر ويحقق الأرباح للمجتمع، وهنا نتوقف عند الآثار التي نجمت عن انتشار سياسات العولمة والعمل بها.
1 – البطالة:
تشير المعلومات إلى أن عدد القادرين على العمل في العالم الذين تتراوح أعمارهم بين (15 – 65) سنة بلغ في عام 1996 حوالي (3.5)مليار نسمة كان حوالي (2.3) مليار منهم يعملون بشكل ما، أما العدد الباقي منهم والبالغ (1.2) مليار إنسان فكانوا ضمن العاطلين عن العمل أي أن نسبة البطالة قدرها (34.3%) من مجموع القادرين على العمل في العالم، (27) ففي الاتحاد الأوروبي كان هناك (18) مليون عاطل عن العمل (28) وقد ترافق النمو الاقتصادي في الدول الرأسمالية المتقدمة خلال العقدين الأخيرين بقلة فرص العمل الجديدة وقد بلغ عدد العاطلين عن العمل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 1996 ما يزيد على (36) مليون شخص بعد أن كان لا يتجاوز (10) مليون شخص عام 1970 وهو نفس عدد العاطلين عن العمل في تلك البلدان عام 1950، وهذا ما يؤكد اتساع نطاق وشمول التناقض بين العمل ورأس المال، ويتبين من خلال عمليات الاندماج بين الشركات ترابط التمركز في رأس المال مع زيادة البطالة وإلغاء الوظائف، كما تبين أن الحرية التي يتمتع بها رأس المال في التنقل والحركة تمنحه قدرة تفاوضية أكثر في الضغط على مستويات الأجور وشروط العمل(29)، فهذه العولمة أدت في الكثير من الدول إلى تخفيف شدة أداء النقابات العمالية في الدفاع عن مصالح العمال وأدت إلى تغييب دور هذه النقابات في الكثير من الدول (30) فقد أدت العولمة إلى خسارة أكثر من (750) ألف عامل لعملهم في المكسيك أول شهرين من عام 1995 خلال أزمة المكسيك المالية، تلا ذلك تسريح عدد كبير من العمال الأجراء في الأشهر اللاحقة وهبطت الأجور بنسبة (30%) وكذلك خسر المعدل الوسطي للأجور (54%) من قوته الشرائية مابين كانون الأول 1994 وتموز 1995 حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية (31)، كذلك أدت الأزمة المالية التي تسببت بها المضاربات المالية في تايلاند إلى جعل أكثر من مليون عامل ينضمون إلى قائمة العاطلين عن العمل .و هكذا نرى بأنه رغماً من أن دعاة العولمة قد عظموها ووصفوها بالعلاج الشافي لمعظم المشكلات التي يعاني منها المجتمع الدولي بشكل عام والدول النامية خصوصاً إلا أن هذا العلاج الشافي قد أدى إلى نتائج عكسية ووقد جعل مختلف شعوب العالم تنظر إلى هذه الظاهر بكره وسخط كبيرين فحتى الدول الراعية لهذه الظاهرة لم تستطع أن تتخلص من ظاهرة البطالة بل ازدادت حدة هذه الظاهرة في بلدانها، فبلغ عدد العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة الأمريكية عام/ 2022/ (8.388.700) عاطل عن العمل بما يشكل (5.8%) من قوة العمل الأمريكية، وبلغ عدد العاطلين عن العمل في اليابان في نفس الفترة (3.586.600) بما يشكل (5.4%) من قوة العمل فيها، أما عدد العاطلين عن العمل في فرنسا فقد بلغ عام /2002 / (2.442.800) وهو ما شكل (9%) من قوة العمل وكذلك فإن عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا قد وصل إلى (3.396000) بما يشكل (9.7%) من قوة العمل فيها (32) ، وكذلك يتوقع استمرار ازدياد حدة البطالة في هذه البلدان ففي ألمانيا هناك ما يزيد على أربعة ملايين فرصة عمل مهددة بالضياع على نحو شديد مما يعني ارتفاع معدل البطالة من (9.7%) إلى (21%) وفي النمسا من (7.3%) إلى (18%) وستهدد البطالة خمسة عشر مليون عامل في الاتحاد الأوروبي (33) وأما بالنسبة للبلدان العربية فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل (25) مليون من أصل (115) مليونا هم حجم القوى العاملة(34) وإذا كانت هذه الدول المتقدمة التي لها وزن على المستوى السياسي العالمي قد عانت من نتائج العولمة وأصبحت مهددة بشبح البطالة بالرغم من صناديق الحماية فما هو موقف الدول النامية ومنها بلدنا وخاصة ما تحمله البطالة من آثار سلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي .
2 – الفقر:
تجاوز سكان العالم الستة مليارات عام 2001 خمسة مليارات منهم يعيشون في بلدان فقيرة وتسيطر البلدان الغنية على (80%) من إجمالي الدخل العالمي ويعيش فيها (15%) من السكان في العالم (35) وقدرت إحصاءات البنك الدولي أن (18%) من سكان العالم الثالث هم من شديدي الفقر و(33%) هم من الفقراء على أساس أن الحد الأعلى للفقر هو دولار في اليوم أي ما لا يزيد عن (370) دولار في السنة (36).
وقد كان لبرامج الإصلاح المدعومة من موارد صندوق النقد الدولي والذي ألتزمت به اندونيسيا آثار كبيرة وسلبية على الجهود التنموية التي بذلتها اندونيسيا على مدى عقود من الزمن وعلى وحدة ترابها فتراجع الناتج المحلي بمقدار (15%) بالتمام وانتشر الفقر فأمسى (20) مليون اندونيسي يعانون الفاقة والحرمان فالقروض التي قدمها الصندوق النقد الدولي والبالغة (23) مليار دولار خصصت لإنقاذ أموال المستثمرين الأجانب الذين هم مواطنون أمريكيون بالدرجة الأولى. (37)
فمن خلال التطور التقني والتكنولوجي نما الإنتاج على مستوى الكرة الأرضية للسلع الاستهلاكية الغذائية الأساسية بنسبة أكثر من (110%) من الحاجات العالمية ورغماً من ذلك هناك " 30" مليون شخص يستمرون بالموت جوعا كل عام وإلى جانب أكثر من " 800" مليون شخص ممن يعانون من سوء التغذية .
وفي عام 1960 كان هناك الـ( 20%) الأغنى من سكان العالم يملكون أكثر بـ "30" مرة ارتفاعاً من أولئك الـ(20%) الأفقر، وكان ذلك الأمر يعتبر شائناً. لكن بدلاً من تحسن الأوضاع، تفاقمت بشكل أشد. حيث لم يعد اليوم دخل الأغنياء بالنسبة للفقراء أكثر من "30"مرة بل وصل إلى "82" مرة أكثر فمن الـ (6) مليار نسمة من سكان الأرض هناك "500" مليون شخص بالكاد ممن يعيشون بيسر في حين يظل هناك"5.5" مليار من هؤلاء بحاجة إلى الغذاء ويعانون الفاقة والحرمان (38)
وهكذا نرى أن العولمة أدت إلى ازدياد حدة الفقر على المستوى العالمي وكأن هدفها عولمة الفقر وإلى ازدياد الآثار السلبية للفقر من قلة تغذية وأمراض وعدم القدرة على تطوير القدرات البشرية وتدني قدرات الموارد البشرية وصعوبة تأهيلها وتدريبها .
3 – الفساد المنظم والجريمة وتجارة المخدرات والأسلحة:
ظهرت أخطار جديدة في ظل سياسات العولمة بالإضافة إلى تكريس وازدياد أمور كانت موجودة سابقا، فالإرهاب قد انتشر بشكل كبير في مختلف دول العالم، وعم التعصب الديني أو العرقي وتكاثرت الأسلحة النووية وازداد إرهاب الدول ممتطين أحيانناً صهوة المنظمات العالمية لقوننته، وتناثرت شبكات المافيا واستشرى الفساد في كل أنحاء العالم وانتشرت أوبئة جديدة لم تكن معروفة من قبل (39)، فالرشوة إلى جانب المضاربة والإفقار والتكبيل بالديون تؤلف جزأ لا يتجزأ من معدلات الزيادة في النمو والأرباح في نظام العولمة، والمافيا صنيعة هذا النظام وقد تجلت جرائمها في تسريب المواد الغذائية الفاسدة إلى كل أنحاء العالم بل وإفساد صناعة المواد الغذائية ولعل فضائح البقرة المجنونة وفرض لحومها الفاسدة على شعوب أوروبا وتصدير الدم الفاسد بالإيدز إلى أفريقيا وتصدير النفايات الخطيرة إلى أفريقيا أبسط الأمثلة على تسرب المافيا وجرائمها عبر الأموال التي تشتري بها صغار النفوس من المتعاملين معها على المستويات كافة والذين ماتت ضمائرهم وتجلدت أحاسيسهم بحيث لم يعودوا يقيمون أي وزن لعائلة أو أمة أو وطن ولا هم لديهم إلا أن يضخموا من حجم أرصدتهم في الخارج الفاعلون غير الشرعيين المافيا ..
في البداية كان للمافيا قاعدة وطنية أو محلية حيث لها الجذور التاريخية والثقافية ومن هنا جاءت البيئة الجغرافية ويشير مانويل كاستل بأن المافيا لم تختف مع العولمة بل على العكس تماماً وطبقا لرأيه " فإن تكامل المافيا مع الشبكات العالمية، يساعد في اجتياز المصاعب عندما تنقلب الدولة ضدها، فالمافيا الأمريكية وعلى الرغم من الضربات التي حلت بها لم يستطع المكتب الفيدرالي في الثمانينات أن ينهيها ويقضي عليها كذلك بقي عاجز عن الوقوف ضد نموها وكبرها وازدياد مجالات عملها في التسعينات بفضل إسهامها وتعاونها مع المافيا الإيطالية وتحالفها مع الثالوث الصيني والمافيات الروسية والمافيات الأخرى، وتنازع المافيا الدولة على المستوى المحلي والمستوى الدولي في آن واحد فإن منظمتها متعددة الجنسيات تسمح لها بأن تحتاط ضد التعاون الدولي الموجه للمكافحة ضدها وتشمل تجارتها على " المخدرات، الكائنات البشرية، ابتزاز الأموال باستخدام التهديد، منتجات مزورة، نقود مزورة(40)و تمثل تجارة المخدرات على المستوى العالمي رقم أعمال يفوق ذلك الرقم المستخدم في مجال النفط لكن على النطاق الوطني، تلعب المافيا في بعض الحالات دوراً هاما ويعتقد
أن الاقتصاد المخالف للقوانين السري يمثل (40%) من الاقتصاد الروسي، ولنصف البنوك في هذا البلد روابط مع الجريمة المنظمة وتصل الأرقام إلى مابين (300- 500) مليار دولار فوائد ضريبية ناتجة من تجارة المخدرات وتقدر الأموال الناتجة من التزوير إلى (100)مليار دولار وترتفع عمليات الاحتيال لوحدها في ميزانية الاتحاد الأوروبي إلى (15) مليار دولار وإذا أضيف إليها تجارة الحيوانات والنساء يصل الناتج إلى (100) مليار دولار (41).
4 – المضاربات المالية وانهيار الاقتصاديات الناشئة:
لقد أصبح بإمكاننا أن ندخل مع نظام العولمة في مرحلة جديدة لم يسبق لها مثيل في التاريخ ألا وهي التمويل الدولي لاقتصاد المضاربات لقد بلغت الوسائل المالية التي طرحت في كافة الأسواق المالية للمضاربات على ما يزيد على / 40000 / مليار دولار أي ما يعادل عشرة أضعاف الدخل القومي لأمريكا لم يستخدم القائمون على نظام العولمة إلا (3%) من الجنس البشري في الوقت الذي يمثلون فيه ما يزيد على (95%) من التجارة العالمية، لقد تشعبت وتداخلت ساحات الصراع ومجالاته وأهدافه وأدواته ووسائله في عصرنا على نحو بات التميز معه فائق الصعوبة، فالجوانب الاقتصادية والتجارية والمالية والعلمية والتكنولوجية والاستخباراتية والإعلامية والثقافية في الحروب والصراعات المعاصرة يتولاها مدنيون غالباً وتتفوق آثارها ونتائجها على ما ينجم عن المعارك العسكرية وتؤدي أضعاف ما تلحقه الأسلحة التقليدية من خسائر نأخذ مثلاً موجات التدمير الاقتصادي التي تم شنها ضد دول شرق آسيا وجنوب شرق آسيا في صيف 1997، والتي تسببت في انهيار اقتصادي لاندونيسيا وأزمات كبيرة لماليزيا وتايلاند وكوريا الجنوبية والفلبين فقد كان صافي حجم الأموال التي تدخل الفلبين قبل حلول الأزمة حوالي (93) مليار وتحول صافي الفيض إلى هروب (12) مليار دولار (42) وقد انعكست هذه الأزمات على الاقتصاد الياباني والروسي والعديد من الدول الأخرى، فقد اتهم مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا علناً في خطابه أمام مجلسي محافظي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في أيلول 1997 في هونج كونج الملياردير اليهودي الأمريكي جورج سو روس ومعهد موري وشركات تسليف بالتواطؤ المبرمج المعتمد لتدمير اقتصاديات جنوب شرق آسيا (43).
5 – تهميش الهوية والثقافة الوطنية:
تعمل العولمة على تهميش الهوية وتدمير وتحطيم الثقافة الوطنية وذلك بسبب محاولتها تحطيم وتدمير كل القوى الممكن أن تقف في وجهها، وفي ظل سقوط التجربة الأممية والاشتراكية التي كانت تقف كجدار في طريق انتشارها كان لابد من اختراع عدو جديد من أجل تسخير القوى الامبريالية لمحاربته وإفساح الطريق أمام مشروعها فكان لا بدمن تحويل الصراع نحو الثقافات الوطنية والإيديولوجيات الدينية التي كانت السبب الرئيس لتطور المجتمعات ماضياً ومن أهمها الثقافة العربية والإيديولوجية الإسلامية، فبالرغم من أن العولمة الاقتصادية هي الأساس والهدف فإن الانعكاسات والامتدادات الاجتماعية والثقافية أصبحت واضحة ولا يمكن التغاضي عنها أو إغفالها مع التطورات السياسية العالمية من ناحية، وانتشار ثورة المعلومات والاتصالات من ناحية أخرى وكانت هذه الامتدادات كجسر يصل قوى العولمة للهدف الاقتصادي المنشود الذي لا يتحقق بإيديولوجيات وهويات قوية تستطيع التأسيس لقوى ذات أخلاقيات رافضة لظاهرة العولمة .
وبحكم انتمائنا الإسلامي العربي فنرى أن ثقافتنا الإسلامية العربية تتعرض منذ زمن لقوى التقييد والتحديد من جهة وقوى التجديد والتحديث من جهة ثانية، وقوى الترويض والتهميش من جهة ثالثة ففي علاقة الثقافة العربية بالماضي نراها في الغالب تغالي في عرضه وتفسيره وتمجيده حينا وتقع أسيرة لقيوده ومحدداته وإخفاقاته حيناً ثانياً وتنهل منه دون تجديد أو إبداع أو تطوير حينا ثالثاً، أما فيما يتعلق بعلاقتها بالحاضر والمستقبل وما يرافقها من قوى العولمة وتأثيراتها فهي تتعامل معهما بالغالب بإبداعات وانطلاقات يانعة الفروع ضعيفة الجذور أحياننا وبتمرد لا عقلاني غير مبرر أحيانناً أخرى وبمحاولات للتجديد والتحديث دون شمولية أو قاعدة فلسفية أو مصداقية اجتماعية حينا وكل هذا بالطبع لا يقلل من أهمية الكثير من الأعمال والنتاجات الثقافية المبدعة التي لم تنجح حتى الآن في بناء الزخم المناسب وإيجاد الكتلة الحرجة اللازمة لتشكيل الفضاء الثقافي المتكامل المترابط والتي لم تؤد حتى الآن الانطلاقة اللازمة لإحداث التأثير المنشود والتغيير المستهدف، وهو التغيير الذي يرتبط بالانفتاح الواعي والتفاعل الايجابي والانطلاقة الواثقة دون الانقطاع عن الجذور والتنازل عن الهوية والخصوصية وبشكل عام تواجه الثقافة العربية في الوقت الحاضر مجموعة من الثنائيات التي لم تفلح في صقلها أو التغلب عليها والجدول الآتي يبين مجموعة الثنائيات التي تتعرض لها الثقافة العربية والتي هي عبارة عن ثقافتنا العربية الموروثة المتأصلة والمتجذرة ومجموعة أخرى من القيم والأخلاقيات التي تعمل القوى التي تحاول عولمة العالم بشكل عام والبلدان العربية من ضمن هذه البلدان.
و من خلال الجدول (1) نجد أننا أمام مجموعتين من الخصائص الثقافية :
1 – المجموعة التي تتصف بها الثقافة العربية ونرى بعض هذه الخصائص التي كانت ذات نتائج إيجابية على الحضارة الإسلامية والعربية وأدت إلى تكوين بناء قوي ولكنها في فترات معينة لم تجد القوى التي تستطيع السير بها عن طريق التجديد والإبداع بما يتناسب التطور الزماني والمكاني علما أن الكثير من الشخصيات الإسلامية والعربية التي كان لها دور كبير في التطور الحضاري العالمي كانت تشجع وتخطط وتوجه على اختلاف الأمور التي يجب أن تتطور تبعاُ للزمان والمكان كما قال أحدهم "لا تجبروا أولادكم على ما أنتم به فقد خلقوا لزمان غير زمانكم".
2 – مجموعة القيم والأخلاقيات في العمود الثاني التي تتضمن الكثير من القيم التي تؤدي إلى التطور والحداثة ولكن لم تستطع الدول الغربية من التمتع بها وأن تجعلها جزء من ثقافتها إلا بعد أن ناضلت كثيراً في ظل ظروف ومعطيات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية تختلف عن تلك التي يتصف بها مجتمعنا ويمكن الاستفادة من بعضها ولكن قوى العولمة تحاول إقحامها ليس من اجل تطوير وتحديث المجتمع العربي الإسلامي بل لتستطيع الوصول إلى النموذج الاستهلاكي الذي يؤدي إلى تحطيم جدار القيم والأخلاق والقوة والاندفاع الذي تتحصن به الشعوب الإسلامية والعربية عن طريق الموروث الحضاري والنضالي وتستخدم قوى العولمة من أجل هذا إقحام بعض الخصائص الجديدة التي تؤدي إلى انهيار في القيم والموروثات الحالية للثقافة العربية القوى الإعلامية الجارفة من فضائيات وانترنيت وغيره عن طريق ضخ وتلهية الشعوب بالصورة الخلاعية الحاقدة وتقديم وترويج الأفلام والدعاية والأغاني الهابطة التي ستؤدي بنظرهم مستقبلاً إلى إسقاط الهوية العربية الإسلامية لتحول الشعوب العربية إلى شعوب بلا قيم ولا مبادئ قوى مستسلمة لمصير مجهول ولكن هنا يجب القول أن التصلب اتجاه مفردات الجدول الثاني كذلك لن تكون نتائجه مضمونة وإنما يجب الدفاع عن طريق التفاعل المبرمج وحوار الأنداد فالموروث الحضاري العربي يملك القوة لمواجهة إي فرض، فبالرغم من الامتدادات العدوانية والعنصرية للعولمة فإن الثقافة لدى الدول الضعيفة اقتصاديا وسياسيا أكثر قدرة على الصمود أمام تجاوزات العولمة من الاقتصاد والسياسة وقدرة الثقافة على مثل هذا الصمود نابعة من أنها لا تتقيد بالنظام السياسي القائم وإنما بالنظام الشعبي السائد فهي أكثر ارتباطاً بقاعدة الهرم وأساساته وجذوره بينما يرتبط الاقتصاد كما السياسة بقمة الهرم والأجزاء العليا من جدرانه .ومن الأهداف الكبرى التي تعمل عليها قوى العولمة عن طريق هذه الحرب الثقافية هو إضعاف دور الأسرة العربية كنواة للمجتمع العربي الإسلامي والحامل الأساسي للثقافة والمعتقدات العربية الإسلامية واللبنة الأساسية في مجتمعنا لتحل مكانها العلاقات المادية وهذا ما يؤدي تدريجيا ً لإنقاص دور الأسرة في المجتمع من خلال تنشئة الإنسان والمساهمة بتنمية قدراته وإبداعاته مع مؤسسات المجتمع الأخرى مؤسسات التعليم والثقافة والدين.




رد: أرجوكم ساعدوني ——————-ممكن

***61649; الملخّص ***61649;

هناك الكثير من السياسات والمتغيرات العالمية التي تؤثر وتنعكس نتائجها على مختلف نواحي الحياة البشرية على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو السياسي، كذلك على المستوى الحضاري، أكثر هذه المتغيرات انتشاراً وشيوعاً هي تلك الظاهرة التي أطلق عليها الكوكبة أو العولمة، أخيراً أطلق عليها الأمركة كون الولايات المتحدة الأمريكية هي اللاعب الأكبر والأكثر تأثيراً من خلال هذه الظاهرة، وقبل أن نتعرف على بعض الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن هذه الظاهرة لا بد لنا من التوقف عند الأدوات التي ارتكزت ومازالت ترتكز عليها من أجل السير في تحقيق الأهداف المخطط لها من خلال هذه الظاهرة، ومن ثم نتطرق إلى أنواع هذه العولمة وبعد ذلك نتطرق إلى الآثار الناجمة عن العولمة وأخيراً نتطرق إلى العلاقة بين العولمة والموارد البشرية .
تأتي أهمية بحثنا هذا كونه يتعرض لظاهرة خطيرة ومنتشرة بكثرة في العالم بأكمله، هي ظاهرة العولمة هذه الظاهرة التي ينجم عنها الكثير من النتائج السلبية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي تنجم عنها في حال عدم التهيئة السليمة والعلمية لمواجهتها، وسنحاول وضع بعض الأسس والسياسات للاستفادة من بعض الايجابيات التي يمكن أن تنتج عن التعامل بشكل واع ومدروس مع ظاهرة العولمة.

أهداف البحث:
يهدف بحثنا إلى تسليط الضوء على ما يلي:
1 – البعد التاريخي لهذه الظاهرة.
2 – الأدوات التي تستخدمها القوى الفاعلة من أجل نشر هذه الظاهرة.
3 – المجالات المختلفة التي تتأثر بهذه الظاهرة.
4 – الآثار السلبية الناجمة عن هذه الظاهرة.
5 – بعض الآثار الإيجابية التي يمكن الاستفادة منها في حال التعامل بحذر من ظاهرة العولمة.
6 – المواقف المختلفة من ظاهرة العولمة.
7 – السياسات اللازمة للتعامل مع هذه الظاهرة بما يتفادى الكثير من الآثار السلبية.

تساؤلات البحث:
1 -هل ظاهرة العولمة حديثة النشوء ؟
2 – ماهي الأدوات التي تستخدمها قوى العولمة من أجل نشرها وفرضها ؟
3 – ما هي المجالات التي تعمل قوى العولمة من اجل التأثير عليها ؟
4 – ما هي الآثار السلبية الناجمة عن ظاهرة العولمة ؟
5 – هل هناك نتائج إيجابية يمكن الاستفادة منها من خلال التعامل الصحيح مع ظاهرة العولمة ؟
6 – ما هو الموقف الايجابي من العولمة والذي يخفف من حدة السلبيات ؟
7 – ما هو أثر العولمة على الموارد البشرية، وكيف يمكن تأهيل الموارد البشرية لمواجهة العولمة ؟

لمحة تاريخية عن العولمة:
العولمة في اللغات الأوروبية المختلفة هي سياسة أو سلوك على المستوى العالمي "globalisation" وفي معنى آخر يقصد بها السياسة الكونية ويقال أيضاً الكوكبة والكوننة، وهي متقاربة مع مصطلح التدويل "international"أي كل ما هو أممي، وهذه المصطلحات تصب في المفهوم الفكري الذي يضفي الطابع العالمي أو الدولي أو الكوني على النشاط البشري وقد تختلط الأمور بين( الأنسنة) من الإنسانية وبين العولمة( من العالمية )(1).
إن الممارسات المتعولمة على أساس تعميم سياسة معينة أو عادة أو ثقافة ليست وليدة العقود القليلة الماضية وإنما هي قديمة من خلال محاولة العديد من الدول الإمبريالية والاستعمارية التي انتصرت في الحروب فرض ثقافتها ولغتها وتطوير اقتصادها عن طريق الاستعمار المباشر المرتبط بالاحتلال العسكري أو عن طريق فرض تعليم لغتها على الدول التي تحتلها أو عن طريق احتلال الدول التي تقع على الممرات التجارية والمنافذ البحرية والبرية وعن طريق نهب الثروات والموارد الطبيعية للدول المستعمرة وهذا ما يعطي البعد التاريخي لظاهرة العولمة وفي العقود القليلة الماضية وبعد صراع كبير بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي وهو ما عرف بالحرب الباردة وبعد انتهاء هذه الحرب بانتصار المعسكر الرأسمالي هذا الانتصار الذي تمثل بسقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفيتي وهذا ما دل على انتصار المعسكر الرأسمالي سارع المعسكر المنتصر إلى إطلاق التصريحات والعمل على فرض السياسات الهادفة إلى فرض تحويل السياسات الاقتصادية للدول التي كانت تحت سيطرة ونفوذ الاتحاد السوفيتي إلى النموذج الرأسمالي ولو اضطرت إلى استعمال قوة السلاح ومن ثم أصبح هدف هذه الدول فرض النموذج الرأسمالي المعتمد على الاقتصاد الليبرالي الحر على كل دول العالم ومن ثم تحول هذا الصراع بين دول المعسكر الرأسمالي من أجل فرض سياساتها المؤدية إلى السيطرة الاقتصادية وتبلور هذا الصراع بين الولايات المتحدة والكتل الاقتصادية الرأسمالية الأخرى بشكل إفرادي وهذا ما أدى إلى صبغ هذا المصطلح بالصبغة" الأمريكية "و هو الذي أدى إلى إطلاق تسمية الأمركة على هذا المصطلح.

أدوات العولمة وأهدافها:
لقد اعتمدت الدول الرأسمالية على خلق وتسخير مجموعة من الأدوات المساعدة على نشر وتجسيد وتكريس السياسات التي تنجم عن ظاهرة العولمة وفرضها وأحيانناً بالقوة ومن أهم هذه الأدوات :
1 – الشركات المتعددة الجنسيات:
تشكل الشركات المتعددة الجنسية أو ما تسمى العابرة للقارات القوة المحركة للعولمة بشكل عام ولعولمة الإنتاج بشكل خاص، فهذه الشركات التي تواجه ركوداً في الطلب وارتفاعا حاداً في كلفة الإنتاج تنقل قواعد إنتاجها إلى الدول النامية حيث تشهد أسواق السلع والخدمات نمواً ملحوظاً (2) بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية والتسهيلات التي تمنحها الدول النامية لهذه الشركات وهذه الشركات المتعددة الجنسية عبارة عن مجموعة من الشركات التي تعمل في مجال معين وفي بلدان وأقاليم مختلفة والتي أتحدت لتشكل شركة كبيرة وضخمة مقرها في دولة معينة ومجال عملها في مختلف دول العالم لتشكل تيارا اقتصاديا كبيرا يحد ويوقف عمل المؤسسات الصغيرة ويتجاوز الحدود الإقليمية وقد وصل عددها في عام (1998) إلى حوالي / 40 / ألف شركة، بلغت إيرادات أكبر (500) شركة منها عام 1996 نحو (11000) مليار دولار، وهذا ما شكل (44%) من الناتج المحلي العالمي الذي وصل إلى نحو (23000) مليار دولار (الوطن العربي/ 576/ مليار دولار)، وتسيطر الشركات المتعددة الجنسيات على ثلث الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم، وثلثي التجارة الدولية في مجال السلع والخدمات( 3)، فرقم الأعمال لشركة جنرال موتورز على سبيل المثال، هو أعلى من الناتج القومي الخام لبعض البلدان مثل السعودية، وتركيا وبولونيا فكيف إذا ما قورنت نتائج أعمالها مع الناتج القومي للدول الإفريقية.
2 – منظمة التجارة الدولية
وهي منظمة منبثقة عن اتفاقية الغات وهي تجسيد للاتجاه البارز نحو محاولة تحويل الاقتصاد العالمي إلى سوق واحدة لا تعرف الحواجز أمام حركة السلع (مادية أو خدمية أو تكنولوجية) وحركة رأس المال وهو ما يتضمن تحويل العالم إلى حقل قانوني واحد تتوحد فيه القواعد الموضوعية التي تحكم المعاملات التجارية والمالية الدولية (4).
و تقوم وظيفة منظمة التجارة الدولية على ثلاثة مبادئ أساسية وهي :
أ- تحرير التجارة الدولية من القيود .
ب – عدم التمييز بين البلاد المختلفة في المعاملات التجارية، وهو المبدأ المعروف بأولى الدول بالرعاية، والمساواة بين كل البلدان .
ج – – تحديد قواعد السلوك في المعاملات التجارية، وذلك بتحريم أن تقوم دولة بإغراق سوق دولة أخرى عن طريق بيع سلعة معينة في أسواق التصدير بسعر أقل من السعر الذي تباع به في سوقها الداخلي، كذلك تحريم إعطاء دعم للمنتجين لسلعة معينة بقصد تمكينهم من تصديرها بسعر مخفض (5).
و في الوقت الذي شجعت فيه الدول الصناعية المتقدمة المنافسة والأسواق الحرة، تبنت الدول الصناعية نفسها ومنها الولايات المتحدة مبدأ التجارة المدارة، وتقييد الأسواق( من خلال قوانين حماية المنتجات الوطنية أو فرض الرسوم والضرائب المرتفعة على البضائع الأجنبية المنافسة ودعم المنتجات المحلية) عندما تتعرض مصالحها للخطر (6).
3 – صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير:
يعد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير من أهم أدوات وأركان ترسيخ مصطلح العولمة والنظام الاقتصادي المعاصر من خلال برنامج التثبيت الاقتصادي، وبرنامج التكيف الهيكلي .
فصندوق النقد الدولي يتابع ويشرف على تنفيذ ما يلي :
أ – برنامج التثبيت الاقتصادي الذي تعتمد فكرته على تحليل العلاقة بين مشاكل المديونية المتراكمة، والتعديلات في هيكل الاقتصاد وانعكاس ذلك على ميزان المدفوعات والموازنة العامة للدولة في الآجال القصيرة ويلاحظ أن صندوق النقد الدولي بشكل عام ينصح الدول التي تعاني من بعض الاختلالات الهيكلية أو التي تعاني من المديونية المرتفعة وتطلب الاقتراض منه والتي تريد معالجة هذه الاختلالات الهيكلية بما يلي:
1 – العمل على الحد من الإنفاق العام على الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية والدفاع .
2 – التحكم بالسيولة النقدية بالعمل على السيطرة على عرض النقد والائتمان المحلي بما في ذلك زيادة الفائدة على الودائع المحلية.
3 – العمل على تخفيض مستويات الأجور المحلية (7)
ب – برنامج التكيف الهيكلي : يشرف البنك الدولي على متابعة تنفيذ برنامج التكيف الهيكلي من خلال الاعتماد على مفاهيم النظرية الاقتصادية في تخصيص وتوزيع الموارد وأهم الإجراءات التي يلح عليها البنك الدولي والتي تفيد في تطبيق هذا البرنامج تتركز على المطالبة بما يلي :
1 – الحد من الملكية العامة على حساب توسيع القطاع الخاص وتحميل مسؤولي البنك الدولي القطاع العام مسؤولية التشوهات الهيكلية والاختلالات الاقتصادية الداخلية.
2 – يرى البنك الدولي ضرورة العمل على تحرير التجارة وزيادة الصادرات لأنها في رأيه شرط أساسي لزيادة الإنتاجية كما يؤكد ضرورة المنافسة وتخفيض الرسوم الجمركية والعمل على التوسع في تمثيل الوكالات الأجنبية (8) .
4 – ثورة الاتصالات والمعلوماتية :
تعد ثورة الاتصالات والمعلوماتية اليوم من أهم الأدوات التي تعتمد عليها الدول الرأسمالية بشكل عام والولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً في فرض ونشر سياساتها المتعولمة من خلال جعل العالم كقرية صغيرة بحيث أضحى الذي يحكم العالم اليوم هو قوة المعرفة والمعلوماتية وتحول الاقتصاد العالمي إلى اقتصاد يعتمد على المعرفة بعد أن كان اقتصاداً معتمداً على الاستخدام الكثيف لرأس المال وكثيف الاستخدام للعمالة وذلك بفضل ثورة المعلومات والتقانة المتعددة الوسائط وتجدر الإشارة إلى أن أوراق اللعبة المعرفية والتقنية التكنولوجية : اليوم إنما هي في يد (12%) من سكان العالم "الولايات المتحدة الأمريكية، أوروبا الموحدة، اليابان" التي تسيطر على أكثر من (90%) من حجم التجارة العالمية (9)، وجاءت شبكات الانترنيت لتضيف وسيلة تسهم في تعزيز فكرة العولمة وسياساتها(10)، وكذلك ساعدت ثورة الاتصالات هذه على عولمة الإعلام من خلال انتشار الفضائيات التي تعمل على نشر القيم والسلوك الاستهلاكي الذي تعمل من أجل نشره قوى العولمة.

أنواع العولمة:
نستطيع القول أن العولمة بمعناها النظري هي إكساب الشيء الطابع العالمي وجعل نطاق تطبيقه عالميا ولكن من خلال التطبيق الواقعي لسياسات العولمة نستطيع أن نقول أنها نوع من الهيمنة الرأسمالية المتوحشة التي تصنع الفرد قبل المجتمع والاستهلاك قبل الإنتاج والمال قبل القيم (11).
والجانب الاقتصادي هو جوهر العولمة قبل كل شيء آخر ومنبع كل صفاتها الأخرى غير الاقتصادية(12)، فهو الأساس الذي تعمل قوى العولمة على فرضه من خلال التجارة الدولية والمؤسسات الدولية والشركات المتعددة والمتعدية الجنسية التي تمثل ذراع العولمة الطويل والتكتلات الاقتصادية التي تمثل أداة الاحتواء المعولم، ومن اجل الوصول إلى الهدف الاقتصادي أو العولمة الاقتصادية فقد عملت الدول الإمبريالية وخصوصا الولايات المتحدة على تهيئة القوانيين والأنظمة والسياسات والسلوك الفردي لأغلب دول العالم عن طريق عولمة الثقافة والسياسة والسلوك العالمي دون إعطاء أي أهمية للحدود السياسية للدول ذات السيادة أو الانتماء إلى وطن محدد أو دولة معينة ودون حاجة إلى إجراءات حكومية .

العولمة الاقتصادية:
تعني العولمة الاقتصادية نظاماً تجارياً عالمياً مفتوحاً تزول فيه العوائق أمام حركة السلع والبضائع والخدمات وعوامل الإنتاج خاصة رأس المال عبر الحدود الدولية وتغدو فيه التجارة الدولية الحرة والمتعددة الأطراف هي القاعدة وهذا يؤدي في النهاية إلى تكامل اقتصادي عالمي متزايد في أسواق السلع والخدمات ورأس المال(13) وتتحول فيه قوى السوق العاتية إلى نظام اقتصادي عالمي تفرض فيه الشركات المتعدية الجنسية والمنظمات العالمية الحاكمة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي انسجاما بل تطابقا ً بين جميع الأقطار ومهما كانت مواقعها وتفصيلاتها (14)، ويذهب الاقتصادي المعروف، بول سويزي إلى أن العولمة هي صيرورة رأسمالية تاريخية يتحول فيها خط الإنتاج الرأسمالي من دائرة عولمة المبادلة والتوزيع والتسويق والتجارة إلى دائرة عولمة الإنتاج الرأسمالية، مع عولمة رأس المال الإنتاجي وقوى وعلاقات الإنتاج الرأسمالية مما يقود إلى إخضاع العالم كله إلى النظام الرأسمالي تحت قيادة وهيمنة وتوجيه القوى الرأسمالية العالمية والمركزية وسيادة نظام التبادل الشامل والمتميز لصالح الاقتصاديات الرأسمالية المتقدمة (15)، ففي عالم معولم، ستنعدم الحدود ويزول التمييز بين الأسواق الوطنية المحلية والأسواق الأجنبية العالمية وستتزايد الاندماجات والاستحواذات والتحالفات بين المشاريع المتنافسة بحجة تقليص التكاليف وزيادة الكفاءة الإنتاجية والتسويقية لكل منها ويعترف دعاة العولمة بأن عولمة الأعمال والتمويل ستؤدي إلى الحد بدرجة كبيرة من قدرة الحكومات الوطنية على رسم سياسات اقتصادية وطنية مستقلة وعلى إضعاف سيطرة الحكومات على اقتصادياتها.

العولمة السياسية:
لا يمكن إنكار أن المقولات الكبرى في عصرنا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان تنطوي كل منهما على جانب عام وجانب خاص بالثقافة والبيئة بكل دولة وبكل شعب، وقد ازدادت صعوبة التفرقة في هذا الشأن بين العالمي والخاص في ظل التشابك مع آليات العولمة ذات الصلة القوية بالتغريب (الأمركة) حيث النزوع القوي نحو استعباد شعوب وفرض ثقافات معينة رغماً من أن أنماط التفكير والسلوك وأنساق القيم لديها تتسم بالانغلاق والشمول وعدم التسامح ورفض الاندماج في تقاليد أسلوب الحياة الأمريكية ومن أفدح مغالطات التصورات الغربية لحقوق الإنسان تركيزها على الحريات المدنية والسياسية وتغاضيها عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الحق في التنمية) وقد عمدت القوى التي تعمد على فرض ونشر العولمة على توظيف المنظمات الدولية من اجل تحقيق أهدافها مثل حروب البلقان والحرب على العراق من خلال منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ويتم ذلك عن طريق الضغط المالي على هذه المنظمات كعدم دفع المستحقات أو بالمقايضات مع الدول الأعضاء المؤثرة (16).
كما ذكرنا سابقاً العولمة ظاهرة اقتصادية في المقام الأول ولكنها تأخذ في الوقت ذاته أبعاداً وتجليات سياسية وعسكرية وثقافية وإعلامية تعمل من أجل إرساء هيمنة الثالوث الرأسمالي العالمي (الولايات المتحدة – أوروبا – اليابان) على مختلف أنحاء الكرة الأرضية هيمنة شبه تامة والهدف من هذه الهيمنة السياسية تفكيك وشائج السيادة الوطنية للدول المتوسطة والصغيرة.
إن العولمة التي تبغيها الولايات المتحدة تتضمن بالأساس تأمين الحدود الحرة والمفتوحة لانتقال سلعها وأفكارها مستخدمة في ذلك وسائلها الإعلامية الجبارة والتقدم التكنولوجي والمؤسسات المالية الدولية والشركات متعدية الجنسيات والضغوط السياسية والحملات العسكرية إذاً في مقابل مفهوم الدولة والحدود الوطنية الذي استقر كأحد أسس الأمن الدولي بعد الحرب العالمية الثانية أصبحنا إزاء " نظام عالمي جديد " يعطي الأولوية المطلقة لحرية السوق والمشروع الخاص مع تسخير متطلبات سياسية واجتماعية مثل مصطلحي (الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتحرر المرأة) في خدمة ذلك أي كاستخدام هذه المصطلحات بمرونة كبيرة لتبرير التدخل في شؤون الدول القائمة في أطراف النظام الرأسمالي العالمي (17).
فالعولمة إذا نظام يقفز فوق حدود الدولة والوطن والأمة، فهي تقوم على الخصخصة إي نزع ملكية الأمة والوطن والدولة ونقلها إلى القطاع الخاص المرتبط بقوى العولمة والذي يحقق أهدافها ومتطلباتها وهكذا تتحول الدولة إلى جهاز تابع لهذه القوى سواء المحلية ذات الاستثمارات الجديدة أو لقوى العولمة (18).

العولمة الثقافية:
الثقافة بمعناها الواسع : مجموع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعاً بعينه أو فئة اجتماعية بعينها وأنها تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة والإنتاج الاقتصادي كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات .
إن سياسات ومآرب العولمة في المجال الثقافي التي تستهدف الهويات القومية ومقوماتها الرئيسة اللغة والدين والسمات التاريخية وأنماط العيش والسلوك والعادات والتقاليد ومعطيات الاختلاف والتمايز بين المجتمعات تضعنا أمام مسؤولياتنا المادية والمعنوية والروحية الجوهرية في الحياة البشرية (19) ،من اجل الحفاظ على مكتسباتنا هذه أمام محاولات العولمة ومجابهة أي تهديد يؤدي إلى التغيير القسري والعمل على الاستفادة من الثقافات الأخرى من خلال الحوار البناء .
إن مخاطر العولمة على الهوية الثقافية إنما هي مقدمة لمخاطر أعظم على الدولة الوطنية والاستقلال الوطني والإرادة الوطنية والثقافة الوطنية ،فالعولمة تعني مزيداً من تبعية الأطراف لقوى المركز (20) .
إن الدول والمنظمات الداعية والعاملة لفرض ظاهرة العولمة تعمل على استثمار منجزات ثورة الاتصالات والتقدم التقني والتكنولوجي في نشر ثقافة جماهيرية واحدة وبقوالب محددة مسبقة الصنع عمودها الفكري الاستهلاك وهذا ما نجده في المحطات الفضائية والذي يستنتج المراقب كأنها مخصصة للإعلان وترويج البضائع الاستهلاكية، فالإعلان أصبح سيد الموقف في كل الفضائيات وشكلت المواد الإعلانية هذه الهاجس والمسيطر والبوصلة التي توجه الأجيال الجديدة في التفكير والتعامل والبيع والعرض والترويج وأسلوب الحياة بكاملها وبذلك فإن هذه العولمة ستؤدي إلى تغيير في القيم الحالية والخصوصية الموجودة في مجتمعاتنا وتؤدي إلى حدوث تغييرات اجتماعية عميقة (21) .
فالولايات المتحدة الأمريكية أعلنت بعد أن أصبحت الحاكم القوى في العالم أنها ستعمل على نشر القيم والسلوك الأمريكي ونمط الحياة الأمريكي في العالم كله وهو ما يفتح باب الغزو للشعوب وعقائدها وثقافتها فالعولمة بالرغم من الصبغة الاقتصادية لها فإنها تعمل من أجل أهدافا أخرى تطال ثقافة الشعوب وهويتها القومية والوطنية ومصالحها وخصوصياتها في الصميم وترمي إلى تعميم نماذج وأنماط من السلوك والعيش وفرض منظومات من القيم وطرائق التفكير والتدبير وتكوين رؤى وأهداف تعمل في خدمتها ومن ثم فهي تحمل ثقافة تغزو بها ثقافات ومجتمعات أخرى وتؤدي إلى تخريب منظمات وقيم وإحلال قيم أخرى محلها ليست بالضرورة أفضل من القيم التي لحق بها التخريب فضلاً عن كونها لا ترتبط بخصوصيات الأمم وثقافاتها ولا يخلو ذلك من توجه استعماري جديد يتركز على احتلال العقل والإرادة وجعلهما يعملان وفق أهداف المستعمر وفي إطار خططه ومصالحه مع تحييد قوة الدولة أو إنهاكها واستلابها وانتزاع مقومات حضورها وتأثيرها الاجتماعيين وفرض نوع من الإدراك الواقعي مع إلحاق شلل بالوعي المنقذ والإرادة والقوة وطاقات الروح وبالإيمان وقدراته الخلاقة عند المؤمنين (22) وهذا ما جعلنا نتذكر قول وزير الثقافة الفرنسي في مؤتمر المكسيك إن هذا الشكل من أشكال الامبريالية المالية والفكرية لا يحتل الأرض، ولكن يصادر الضمائر ومناهج التفكير واختلاف أنماط العيش وهذا ما قاله الرئيس الأمريكي بعد حرب الخليج الثانية : إن القرن القادم سوف يشهد انتشار القيم وأنماط العيش والسلوك الأمريكي وفي هذا نزوع استعماري لغزو الآخرين ولمهاجمة الهويات الثقافية والقومية وفرض التبعية عليها وإذابتها .(23).
إن الغرب / سياسياً وثقافياً واقتصادياً / يرمي إلى تحقيق أهدافه بكل الوسائل الممكنة، ويضعها على رأس مشاريعه وسياسته ومنها فرض التبعية من خلال الاختراق والغزو الثقافيين وتخريب قيم الآخرين واستقطاب الأجيال الصاعدة بدغدغة غرائزها وتوجيه ميولها والتركيز على ماهو في سطح الاهتمامات البشرية لديها لحصرها في حيز السطح من الاهتمامات والمهام والتطلعات مستفيداً من فاعلية التفوق والقوة والسيطرة والثروة التي لديه في هذا المجال للوصول إلى زعزعة الثقة ثم محو الشخصية ومقومات الآخر ونحن نعرف أن أهم مقومات الشخصية الثقافية لأمة من الأمم : اللغة والدين وبقية السمات والعادات والتقاليد والأعراف ومكونات الذاكرة التاريخية للأمة (23).
و قد تجاوز مخطط التفتيت للمجتمع العربي الأبعاد السياسية والجغرافية إلى الأبعاد الاجتماعية والثقافية والفكرية والروحية وتأتي العولمة لتحقيق هذه الأهداف إن النظام الأمريكي يعمل على تدمير البنى الثقافية للبلدان النامية من خلال تدمير بناها المجتمعية وعزل الثقافة عن الواقع وتهميش المثقف والحد من فاعليته في حياة مجتمعه لذا فإن العولمة أصبحت تحمل في طياتها نوعا آخر من الغزو الثقافي أي قهر الثقافة الأخرى لثقافة أضعف منها لأن العولمة لا تعني مجرد صراع الحضارات أو ترابط الثقافات بل أنها توصي أيضا باحتمال نشر الثقافة الاستهلاكية والشبابية عالميا والخطورة في هذه الثقافة وبهذا تختلف العولمة عن العالمية والتي تعني إغناء للهوية الثقافية بينما العولمة تعني اختراقا فالاختراق العولمي يعني إلغاء الحوار والتبادل الحضاري والحلول محله ويستهدف العقل والنفس والذين هما الأداتان التي بهما يتم التفسير والتأويل والتسريع وقبول ما هو مفيد ومحاربة ومواجهة ما لا يتناسب مع خصائصنا بحيث انتقل من السيطرة عن طريق الايدولوجيا إلى السيطرة عن طريق الصورة السمعية والبصرية التي تسعى إلى تسطيح الوعي (24).

الآثار الناجمة عن العولمة:
إن المراكز الرأسمالية القائدة لظاهرة العولمة تعمل على استثمار الجوانب الايجابية للعولمة لصالحها بشكل تام وتعرقل ما تراه في غير مصلحتها كما في حالة انتقال الأيدي العاملة من بلدان أخرى واعتبارها أيدي عاملة غير مرغوب بها ويفترض إقامة الحواجز القانونية ضد حركتها نحو الداخل .( 25)
إن الانخراط في العولمة لا يضمن على الإطلاق استيعاب وتمثل الجوانب التقنية الأساسية فيها إن قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية التي يفرضها الانخراط في منظمة التجارة العالمية مثلا يهدف فيما يهدف إلى منع انتقال التكنولوجيا إلى دول العالم الثالث (26).
ينتج عن العولمة الكثير من الآثار السلبية ولكن هذا لا يعني أنها لا تحمل بعض النتائج الايجابية، وتعود سلبية أو إيجابية الآثار الناجمة عن العولمة إلى مدى عمق فهم الدولة لهذه الظاهرة ودراسة الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلد والآثار التي تحمله لهذا البلد ومدى إعداد الدراسات والقوانين وتهيئة الكوادر المدربة والمؤهلة لنقل المجتمع بالشكل الذي يقلل الخسائر ويحقق الأرباح للمجتمع، وهنا نتوقف عند الآثار التي نجمت عن انتشار سياسات العولمة والعمل بها.
1 – البطالة:
تشير المعلومات إلى أن عدد القادرين على العمل في العالم الذين تتراوح أعمارهم بين (15 – 65) سنة بلغ في عام 1996 حوالي (3.5)مليار نسمة كان حوالي (2.3) مليار منهم يعملون بشكل ما، أما العدد الباقي منهم والبالغ (1.2) مليار إنسان فكانوا ضمن العاطلين عن العمل أي أن نسبة البطالة قدرها (34.3%) من مجموع القادرين على العمل في العالم، (27) ففي الاتحاد الأوروبي كان هناك (18) مليون عاطل عن العمل (28) وقد ترافق النمو الاقتصادي في الدول الرأسمالية المتقدمة خلال العقدين الأخيرين بقلة فرص العمل الجديدة وقد بلغ عدد العاطلين عن العمل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 1996 ما يزيد على (36) مليون شخص بعد أن كان لا يتجاوز (10) مليون شخص عام 1970 وهو نفس عدد العاطلين عن العمل في تلك البلدان عام 1950، وهذا ما يؤكد اتساع نطاق وشمول التناقض بين العمل ورأس المال، ويتبين من خلال عمليات الاندماج بين الشركات ترابط التمركز في رأس المال مع زيادة البطالة وإلغاء الوظائف، كما تبين أن الحرية التي يتمتع بها رأس المال في التنقل والحركة تمنحه قدرة تفاوضية أكثر في الضغط على مستويات الأجور وشروط العمل(29)، فهذه العولمة أدت في الكثير من الدول إلى تخفيف شدة أداء النقابات العمالية في الدفاع عن مصالح العمال وأدت إلى تغييب دور هذه النقابات في الكثير من الدول (30) فقد أدت العولمة إلى خسارة أكثر من (750) ألف عامل لعملهم في المكسيك أول شهرين من عام 1995 خلال أزمة المكسيك المالية، تلا ذلك تسريح عدد كبير من العمال الأجراء في الأشهر اللاحقة وهبطت الأجور بنسبة (30%) وكذلك خسر المعدل الوسطي للأجور (54%) من قوته الشرائية مابين كانون الأول 1994 وتموز 1995 حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية (31)، كذلك أدت الأزمة المالية التي تسببت بها المضاربات المالية في تايلاند إلى جعل أكثر من مليون عامل ينضمون إلى قائمة العاطلين عن العمل .و هكذا نرى بأنه رغماً من أن دعاة العولمة قد عظموها ووصفوها بالعلاج الشافي لمعظم المشكلات التي يعاني منها المجتمع الدولي بشكل عام والدول النامية خصوصاً إلا أن هذا العلاج الشافي قد أدى إلى نتائج عكسية ووقد جعل مختلف شعوب العالم تنظر إلى هذه الظاهر بكره وسخط كبيرين فحتى الدول الراعية لهذه الظاهرة لم تستطع أن تتخلص من ظاهرة البطالة بل ازدادت حدة هذه الظاهرة في بلدانها، فبلغ عدد العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة الأمريكية عام/ 2022/ (8.388.700) عاطل عن العمل بما يشكل (5.8%) من قوة العمل الأمريكية، وبلغ عدد العاطلين عن العمل في اليابان في نفس الفترة (3.586.600) بما يشكل (5.4%) من قوة العمل فيها، أما عدد العاطلين عن العمل في فرنسا فقد بلغ عام /2002 / (2.442.800) وهو ما شكل (9%) من قوة العمل وكذلك فإن عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا قد وصل إلى (3.396000) بما يشكل (9.7%) من قوة العمل فيها (32) ، وكذلك يتوقع استمرار ازدياد حدة البطالة في هذه البلدان ففي ألمانيا هناك ما يزيد على أربعة ملايين فرصة عمل مهددة بالضياع على نحو شديد مما يعني ارتفاع معدل البطالة من (9.7%) إلى (21%) وفي النمسا من (7.3%) إلى (18%) وستهدد البطالة خمسة عشر مليون عامل في الاتحاد الأوروبي (33) وأما بالنسبة للبلدان العربية فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل (25) مليون من أصل (115) مليونا هم حجم القوى العاملة(34) وإذا كانت هذه الدول المتقدمة التي لها وزن على المستوى السياسي العالمي قد عانت من نتائج العولمة وأصبحت مهددة بشبح البطالة بالرغم من صناديق الحماية فما هو موقف الدول النامية ومنها بلدنا وخاصة ما تحمله البطالة من آثار سلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي .
2 – الفقر:
تجاوز سكان العالم الستة مليارات عام 2001 خمسة مليارات منهم يعيشون في بلدان فقيرة وتسيطر البلدان الغنية على (80%) من إجمالي الدخل العالمي ويعيش فيها (15%) من السكان في العالم (35) وقدرت إحصاءات البنك الدولي أن (18%) من سكان العالم الثالث هم من شديدي الفقر و(33%) هم من الفقراء على أساس أن الحد الأعلى للفقر هو دولار في اليوم أي ما لا يزيد عن (370) دولار في السنة (36).
وقد كان لبرامج الإصلاح المدعومة من موارد صندوق النقد الدولي والذي ألتزمت به اندونيسيا آثار كبيرة وسلبية على الجهود التنموية التي بذلتها اندونيسيا على مدى عقود من الزمن وعلى وحدة ترابها فتراجع الناتج المحلي بمقدار (15%) بالتمام وانتشر الفقر فأمسى (20) مليون اندونيسي يعانون الفاقة والحرمان فالقروض التي قدمها الصندوق النقد الدولي والبالغة (23) مليار دولار خصصت لإنقاذ أموال المستثمرين الأجانب الذين هم مواطنون أمريكيون بالدرجة الأولى. (37)
فمن خلال التطور التقني والتكنولوجي نما الإنتاج على مستوى الكرة الأرضية للسلع الاستهلاكية الغذائية الأساسية بنسبة أكثر من (110%) من الحاجات العالمية ورغماً من ذلك هناك " 30" مليون شخص يستمرون بالموت جوعا كل عام وإلى جانب أكثر من " 800" مليون شخص ممن يعانون من سوء التغذية .
وفي عام 1960 كان هناك الـ( 20%) الأغنى من سكان العالم يملكون أكثر بـ "30" مرة ارتفاعاً من أولئك الـ(20%) الأفقر، وكان ذلك الأمر يعتبر شائناً. لكن بدلاً من تحسن الأوضاع، تفاقمت بشكل أشد. حيث لم يعد اليوم دخل الأغنياء بالنسبة للفقراء أكثر من "30"مرة بل وصل إلى "82" مرة أكثر فمن الـ (6) مليار نسمة من سكان الأرض هناك "500" مليون شخص بالكاد ممن يعيشون بيسر في حين يظل هناك"5.5" مليار من هؤلاء بحاجة إلى الغذاء ويعانون الفاقة والحرمان (38)
وهكذا نرى أن العولمة أدت إلى ازدياد حدة الفقر على المستوى العالمي وكأن هدفها عولمة الفقر وإلى ازدياد الآثار السلبية للفقر من قلة تغذية وأمراض وعدم القدرة على تطوير القدرات البشرية وتدني قدرات الموارد البشرية وصعوبة تأهيلها وتدريبها .
3 – الفساد المنظم والجريمة وتجارة المخدرات والأسلحة:
ظهرت أخطار جديدة في ظل سياسات العولمة بالإضافة إلى تكريس وازدياد أمور كانت موجودة سابقا، فالإرهاب قد انتشر بشكل كبير في مختلف دول العالم، وعم التعصب الديني أو العرقي وتكاثرت الأسلحة النووية وازداد إرهاب الدول ممتطين أحيانناً صهوة المنظمات العالمية لقوننته، وتناثرت شبكات المافيا واستشرى الفساد في كل أنحاء العالم وانتشرت أوبئة جديدة لم تكن معروفة من قبل (39)، فالرشوة إلى جانب المضاربة والإفقار والتكبيل بالديون تؤلف جزأ لا يتجزأ من معدلات الزيادة في النمو والأرباح في نظام العولمة، والمافيا صنيعة هذا النظام وقد تجلت جرائمها في تسريب المواد الغذائية الفاسدة إلى كل أنحاء العالم بل وإفساد صناعة المواد الغذائية ولعل فضائح البقرة المجنونة وفرض لحومها الفاسدة على شعوب أوروبا وتصدير الدم الفاسد بالإيدز إلى أفريقيا وتصدير النفايات الخطيرة إلى أفريقيا أبسط الأمثلة على تسرب المافيا وجرائمها عبر الأموال التي تشتري بها صغار النفوس من المتعاملين معها على المستويات كافة والذين ماتت ضمائرهم وتجلدت أحاسيسهم بحيث لم يعودوا يقيمون أي وزن لعائلة أو أمة أو وطن ولا هم لديهم إلا أن يضخموا من حجم أرصدتهم في الخارج الفاعلون غير الشرعيين المافيا ..
في البداية كان للمافيا قاعدة وطنية أو محلية حيث لها الجذور التاريخية والثقافية ومن هنا جاءت البيئة الجغرافية ويشير مانويل كاستل بأن المافيا لم تختف مع العولمة بل على العكس تماماً وطبقا لرأيه " فإن تكامل المافيا مع الشبكات العالمية، يساعد في اجتياز المصاعب عندما تنقلب الدولة ضدها، فالمافيا الأمريكية وعلى الرغم من الضربات التي حلت بها لم يستطع المكتب الفيدرالي في الثمانينات أن ينهيها ويقضي عليها كذلك بقي عاجز عن الوقوف ضد نموها وكبرها وازدياد مجالات عملها في التسعينات بفضل إسهامها وتعاونها مع المافيا الإيطالية وتحالفها مع الثالوث الصيني والمافيات الروسية والمافيات الأخرى، وتنازع المافيا الدولة على المستوى المحلي والمستوى الدولي في آن واحد فإن منظمتها متعددة الجنسيات تسمح لها بأن تحتاط ضد التعاون الدولي الموجه للمكافحة ضدها وتشمل تجارتها على " المخدرات، الكائنات البشرية، ابتزاز الأموال باستخدام التهديد، منتجات مزورة، نقود مزورة(40)و تمثل تجارة المخدرات على المستوى العالمي رقم أعمال يفوق ذلك الرقم المستخدم في مجال النفط لكن على النطاق الوطني، تلعب المافيا في بعض الحالات دوراً هاما ويعتقد
أن الاقتصاد المخالف للقوانين السري يمثل (40%) من الاقتصاد الروسي، ولنصف البنوك في هذا البلد روابط مع الجريمة المنظمة وتصل الأرقام إلى مابين (300- 500) مليار دولار فوائد ضريبية ناتجة من تجارة المخدرات وتقدر الأموال الناتجة من التزوير إلى (100)مليار دولار وترتفع عمليات الاحتيال لوحدها في ميزانية الاتحاد الأوروبي إلى (15) مليار دولار وإذا أضيف إليها تجارة الحيوانات والنساء يصل الناتج إلى (100) مليار دولار (41).
4 – المضاربات المالية وانهيار الاقتصاديات الناشئة:
لقد أصبح بإمكاننا أن ندخل مع نظام العولمة في مرحلة جديدة لم يسبق لها مثيل في التاريخ ألا وهي التمويل الدولي لاقتصاد المضاربات لقد بلغت الوسائل المالية التي طرحت في كافة الأسواق المالية للمضاربات على ما يزيد على / 40000 / مليار دولار أي ما يعادل عشرة أضعاف الدخل القومي لأمريكا لم يستخدم القائمون على نظام العولمة إلا (3%) من الجنس البشري في الوقت الذي يمثلون فيه ما يزيد على (95%) من التجارة العالمية، لقد تشعبت وتداخلت ساحات الصراع ومجالاته وأهدافه وأدواته ووسائله في عصرنا على نحو بات التميز معه فائق الصعوبة، فالجوانب الاقتصادية والتجارية والمالية والعلمية والتكنولوجية والاستخباراتية والإعلامية والثقافية في الحروب والصراعات المعاصرة يتولاها مدنيون غالباً وتتفوق آثارها ونتائجها على ما ينجم عن المعارك العسكرية وتؤدي أضعاف ما تلحقه الأسلحة التقليدية من خسائر نأخذ مثلاً موجات التدمير الاقتصادي التي تم شنها ضد دول شرق آسيا وجنوب شرق آسيا في صيف 1997، والتي تسببت في انهيار اقتصادي لاندونيسيا وأزمات كبيرة لماليزيا وتايلاند وكوريا الجنوبية والفلبين فقد كان صافي حجم الأموال التي تدخل الفلبين قبل حلول الأزمة حوالي (93) مليار وتحول صافي الفيض إلى هروب (12) مليار دولار (42) وقد انعكست هذه الأزمات على الاقتصاد الياباني والروسي والعديد من الدول الأخرى، فقد اتهم مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا علناً في خطابه أمام مجلسي محافظي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في أيلول 1997 في هونج كونج الملياردير اليهودي الأمريكي جورج سو روس ومعهد موري وشركات تسليف بالتواطؤ المبرمج المعتمد لتدمير اقتصاديات جنوب شرق آسيا (43).
5 – تهميش الهوية والثقافة الوطنية:
تعمل العولمة على تهميش الهوية وتدمير وتحطيم الثقافة الوطنية وذلك بسبب محاولتها تحطيم وتدمير كل القوى الممكن أن تقف في وجهها، وفي ظل سقوط التجربة الأممية والاشتراكية التي كانت تقف كجدار في طريق انتشارها كان لابد من اختراع عدو جديد من أجل تسخير القوى الامبريالية لمحاربته وإفساح الطريق أمام مشروعها فكان لا بدمن تحويل الصراع نحو الثقافات الوطنية والإيديولوجيات الدينية التي كانت السبب الرئيس لتطور المجتمعات ماضياً ومن أهمها الثقافة العربية والإيديولوجية الإسلامية، فبالرغم من أن العولمة الاقتصادية هي الأساس والهدف فإن الانعكاسات والامتدادات الاجتماعية والثقافية أصبحت واضحة ولا يمكن التغاضي عنها أو إغفالها مع التطورات السياسية العالمية من ناحية، وانتشار ثورة المعلومات والاتصالات من ناحية أخرى وكانت هذه الامتدادات كجسر يصل قوى العولمة للهدف الاقتصادي المنشود الذي لا يتحقق بإيديولوجيات وهويات قوية تستطيع التأسيس لقوى ذات أخلاقيات رافضة لظاهرة العولمة .
وبحكم انتمائنا الإسلامي العربي فنرى أن ثقافتنا الإسلامية العربية تتعرض منذ زمن لقوى التقييد والتحديد من جهة وقوى التجديد والتحديث من جهة ثانية، وقوى الترويض والتهميش من جهة ثالثة ففي علاقة الثقافة العربية بالماضي نراها في الغالب تغالي في عرضه وتفسيره وتمجيده حينا وتقع أسيرة لقيوده ومحدداته وإخفاقاته حيناً ثانياً وتنهل منه دون تجديد أو إبداع أو تطوير حينا ثالثاً، أما فيما يتعلق بعلاقتها بالحاضر والمستقبل وما يرافقها من قوى العولمة وتأثيراتها فهي تتعامل معهما بالغالب بإبداعات وانطلاقات يانعة الفروع ضعيفة الجذور أحياننا وبتمرد لا عقلاني غير مبرر أحيانناً أخرى وبمحاولات للتجديد والتحديث دون شمولية أو قاعدة فلسفية أو مصداقية اجتماعية حينا وكل هذا بالطبع لا يقلل من أهمية الكثير من الأعمال والنتاجات الثقافية المبدعة التي لم تنجح حتى الآن في بناء الزخم المناسب وإيجاد الكتلة الحرجة اللازمة لتشكيل الفضاء الثقافي المتكامل المترابط والتي لم تؤد حتى الآن الانطلاقة اللازمة لإحداث التأثير المنشود والتغيير المستهدف، وهو التغيير الذي يرتبط بالانفتاح الواعي والتفاعل الايجابي والانطلاقة الواثقة دون الانقطاع عن الجذور والتنازل عن الهوية والخصوصية وبشكل عام تواجه الثقافة العربية في الوقت الحاضر مجموعة من الثنائيات التي لم تفلح في صقلها أو التغلب عليها والجدول الآتي يبين مجموعة الثنائيات التي تتعرض لها الثقافة العربية والتي هي عبارة عن ثقافتنا العربية الموروثة المتأصلة والمتجذرة ومجموعة أخرى من القيم والأخلاقيات التي تعمل القوى التي تحاول عولمة العالم بشكل عام والبلدان العربية من ضمن هذه البلدان.
و من خلال الجدول (1) نجد أننا أمام مجموعتين من الخصائص الثقافية :
1 – المجموعة التي تتصف بها الثقافة العربية ونرى بعض هذه الخصائص التي كانت ذات نتائج إيجابية على الحضارة الإسلامية والعربية وأدت إلى تكوين بناء قوي ولكنها في فترات معينة لم تجد القوى التي تستطيع السير بها عن طريق التجديد والإبداع بما يتناسب التطور الزماني والمكاني علما أن الكثير من الشخصيات الإسلامية والعربية التي كان لها دور كبير في التطور الحضاري العالمي كانت تشجع وتخطط وتوجه على اختلاف الأمور التي يجب أن تتطور تبعاُ للزمان والمكان كما قال أحدهم "لا تجبروا أولادكم على ما أنتم به فقد خلقوا لزمان غير زمانكم".
2 – مجموعة القيم والأخلاقيات في العمود الثاني التي تتضمن الكثير من القيم التي تؤدي إلى التطور والحداثة ولكن لم تستطع الدول الغربية من التمتع بها وأن تجعلها جزء من ثقافتها إلا بعد أن ناضلت كثيراً في ظل ظروف ومعطيات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية تختلف عن تلك التي يتصف بها مجتمعنا ويمكن الاستفادة من بعضها ولكن قوى العولمة تحاول إقحامها ليس من اجل تطوير وتحديث المجتمع العربي الإسلامي بل لتستطيع الوصول إلى النموذج الاستهلاكي الذي يؤدي إلى تحطيم جدار القيم والأخلاق والقوة والاندفاع الذي تتحصن به الشعوب الإسلامية والعربية عن طريق الموروث الحضاري والنضالي وتستخدم قوى العولمة من أجل هذا إقحام بعض الخصائص الجديدة التي تؤدي إلى انهيار في القيم والموروثات الحالية للثقافة العربية القوى الإعلامية الجارفة من فضائيات وانترنيت وغيره عن طريق ضخ وتلهية الشعوب بالصورة الخلاعية الحاقدة وتقديم وترويج الأفلام والدعاية والأغاني الهابطة التي ستؤدي بنظرهم مستقبلاً إلى إسقاط الهوية العربية الإسلامية لتحول الشعوب العربية إلى شعوب بلا قيم ولا مبادئ قوى مستسلمة لمصير مجهول ولكن هنا يجب القول أن التصلب اتجاه مفردات الجدول الثاني كذلك لن تكون نتائجه مضمونة وإنما يجب الدفاع عن طريق التفاعل المبرمج وحوار الأنداد فالموروث الحضاري العربي يملك القوة لمواجهة إي فرض، فبالرغم من الامتدادات العدوانية والعنصرية للعولمة فإن الثقافة لدى الدول الضعيفة اقتصاديا وسياسيا أكثر قدرة على الصمود أمام تجاوزات العولمة من الاقتصاد والسياسة وقدرة الثقافة على مثل هذا الصمود نابعة من أنها لا تتقيد بالنظام السياسي القائم وإنما بالنظام الشعبي السائد فهي أكثر ارتباطاً بقاعدة الهرم وأساساته وجذوره بينما يرتبط الاقتصاد كما السياسة بقمة الهرم والأجزاء العليا من جدرانه .ومن الأهداف الكبرى التي تعمل عليها قوى العولمة عن طريق هذه الحرب الثقافية هو إضعاف دور الأسرة العربية كنواة للمجتمع العربي الإسلامي والحامل الأساسي للثقافة والمعتقدات العربية الإسلامية واللبنة الأساسية في مجتمعنا لتحل مكانها العلاقات المادية وهذا ما يؤدي تدريجيا ً لإنقاص دور الأسرة في المجتمع من خلال تنشئة الإنسان والمساهمة بتنمية قدراته وإبداعاته مع مؤسسات المجتمع الأخرى مؤسسات التعليم والثقافة والدين.




رد: أرجوكم ساعدوني ——————-ممكن

تابع
جدول رقم (1) يبن مجموعة من الثنائيات التي تنتصف بها الثقافة العربية من جهة ومجموعة الخصائص التي تحاول القوى الغربية التي تتبنى سياسة العولمة فرضها على المجتمعات ومن ضمنها المجتمع العربي
مجموعة الخصائص التي تتصف بها الثقافة العربية مجموعة الخصائص الغربية والتي تحاول القوى الغربية فرضها ونشرها على دول العالم
الأصالة والخصوصية الحداثة والمعاصرة
قوى التقييد بالماضي قوى الترويض بالعولمة
قوى التحديد قوى التجديد
التعريب التغريب
الفكرو النظرية العمل والتطبيق
المحلية العالمية
المادة والواقعية الروح والغيبية
الأنا الآخر
النزوع للتقليد وردة الفعل الانطلاق والإبداع والفعل والحزبية
التجمعات القبلية التجمعات الفكرية والحزبية
امتلاك الحقيقة المطلقة امتلاك الحقيقة القابلة للتطويرو التعديل
طاعة أولي الأمر " من رأى منكم منكرأ فليغيره
المصدر : د. منذر واصف المصري " العولمة وتنمية الموارد البشرية الإمارات2004ص120

6 – الموارد البشرية:
بالإضافة إلى ما سبق فإن العولمة تؤدي إلى ضعف تنمية وتهيئة الموارد البشرية في بلدان العالم بشكل عام والبلدان النامية بشكل خاص وذلك من خلال :
1 – تعمل العولمة على جعل الدولة تتخلى عن الخدمات الاجتماعية ومن أهمها الخدمات التعليمية والصحية والتي تعد من أهم الأسس لتنمية وتنشئة الموارد البشرية والتي تعاني بالأساس من الكثير من الاختلالات، وتخلي الدولة عن هذه الخدمات سوف تمنع الكثير من الموارد البشرية من الاستفادة من هذه الخدمات وبالتالي سوف يؤدي إلى ضعف في تهيئة وتنمية هذه الموارد .
2 – تعتبر التطورات التقنية وتقنيات المعلومات والاتصالات من الظواهر الرئيسة المرافقة للعولمة والقوى المحركة لها وبعض نواتجها في الوقت نفسه، ومثل هذه الظواهر تستدعي عمالة عالية المهارة تمتلك القدرات العلمية والمهارات التطبيقية والاتجاهات المهنية السليمة للتعامل مع هذه التطورات والتقنيات مما يضع عبئاً على كاهل نظم تنمية الموارد البشرية لتلبية هذه المتطلبات (44).
3 – وكذلك فإن المعرفة هي الأساس في عصر العولمة وبالتالي فإن كل عنصر لا يتأقلم مع العولمة من حيث معرفة الكومبيوتر واستخدام الانترنيت سيكون بمثابة الأمي الذي لا يعرف القراءة والكتابة في وقتنا الحالي
4 – كذلك تؤدي العولمة إلى ضعف واردات الدول من الضرائب والرسوم من خلال اتجاهين:
أ- من خلال فرض سياسات العولمة تخفيض الضرائب والرسوم الجمركية المفروضة على البضائع وهذا يؤدي إلى ضعف في موارد الدولة المالية .
ب- من خلال عدم استطاعة الكثير من الصناعات الوطنية منافسة البضائع الأجنبية وانهيار هذه الصناعات وانهيار العوائد التي كانت تجنيها أو التي كانت تدفعها للدولة
6 – تعمل العولمة على إعطاء الأهمية الكبرى للفردية والأنانية على حساب الأسرة والتي هي اللبنة الأساسية في تنشئة الموارد البشرية بالإضافة إلى مؤسسات التعليم وبعض المؤسسات الإعلامية، وبذلك تحاول أن تفقد الأسرة دورها الرئيس وهو ما ينعكس على أخلاقيات الإنسان وتنشئته وبنائه من دون المرور بمراحل زمنية موضوعية لهذا التطور مما يؤدي إلى هشاشة في التكوين والذي بدوره ينعكس على أدائه في المستقبل، ويخفف من الحواجز الأخلاقية التي كانت سائدة مما يجعله عرضة للفساد والرشوة والنهب والتي تؤدي إلى ضعف في سوية الأداء الوظيفي .
7–وجدنا أن العولمة تؤدي إلى انتشار البطالة التي هي نوع من هدر الإمكانات البشير والمادية .
8 – انخفاض الأجور بسبب قلة فرص العمل وضعف عمل النقابات التي دورها الدفاع عن حقوق العمال بالإضافة إلى الفقر يؤدي إلى ضعف القدرات .
و هكذا نرى أن العولمة تعمل على إنتاج موارد بشرية مفرغة من القيم وأخلاقيات العمل لا تشعر بالانتماء سوى إلى المال الذي يكون هو الهدف ولا يوجد أي حواجز من اجل الحصول عليه.
و السؤال الذي نستطيع طرحه هو ماذا يجب أن نعمل أمام هذه الظاهرة الواقعية، المحددة الأهداف، الجارفة لكل ما تراه عائقا أمام انسيابها ؟
تعددت الآراء وكثرت الكتابات حول المواقف المطروحة من ظاهرة العولمة وقد انحصرت هذه المواقف في إطار مجموعة :
1 – من يرى أن العولمة شر بشر وكل نتائجها سلبية لأنها صممت من قبل الدول الرأسمالية لتحيق أهدافها وحصد المكاسب وبذلك فهي تحاول منع الدول والبلدان من تحقيق أي مكسب وترتأي هذه المجموعة ضرورة الاستنفار الكامل من أجل شن حرب كبيرة وقوية وكاملة لمواجهة هذه العولمة ومن يقف معها .
2 – هناك مجموعة ثانية قالت إن ظاهرة العولمة ظاهرة كونية ولا يمكن لنا مجابهتها لذلك يجب عدم الاكتراث لها أو مواجهتها بانتظار أن نرى النتائج الواقعية لها ،و هذا الموقف ينادي بالاندماج الكامل مع مقتضيات السوق العالمية على حساب الخصوصية والهوية الشخصية الوطنية والقومية وبذلك تتحقق التبعية المالية والإعلامية والسياسية والاجتماعية التامة لقطب العولمة.
3 – هناك مجموعة ارتأت أن هذه العولمة بقدر ما لها نتائج سلبية تحمل في إطارها بعض النتائج الايجابية في حال التعامل معها بطريقة محددة تنم عن فهم هذه الظاهرة ومعرفة آثارها وطرق مواجهتها بحيث نستفيد من الكثير من الأدوات التي تستخدمها في تطوير البلد عن طريق الاستفادة منها في بناء الإنسان وتحسين نوعية الخدمات الاقتصادية والاجتماعية (45).
فإن هناك بعض النتائج الايجابية التي يمكن أن تحصل عليها الدول في حال قراءة العولمة وأدواتها بشكل جيد وهيأت الظروف المتاحة للاستفادة منها رغماً من محاولة الدول الإمبريالية وخاصة الولايات المتحدة منعها من هذه الاستفادة ومن هذه الفوائد :
1 – يمكن الاستفادة من المعلوماتية والانترنيت في مجال الإطلاع المستمر على أحدث المنجزات العلمية في المجالات الطبية والهندسية والاجتماعية في حال وجود كوادر تمتلك القدرة على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، وبذلك نستطيع التعرف على المنجزات الحديثة التي تساعد في حال استثمارها على تحسين نوعية التنمية الاجتماعية والاقتصادية وخاصة قطاعي التعليم والصحة وهما من الأسس الرئيسة لبناء وتنمية الإنسان أهم عناصر بناء الأوطان ومواجهة المشاكل التي تواجه البلدان من خلال إيجاد الحلول المناسبة، وكذلك تطور العولمة وتسرع عملية البحث العلمي
2 – يمكن الاستفادة في مجال التسويق والإعلان عن الكثير من السلع ومواصفاتها وعن الكثير من الأماكن السياحية والتراثية والدينية من أجل الترويج السياحي وتطوير صناعة السياحة .
3 – الاستفادة من منجزاتها في تسهيل العملية الإدارية من خلال الاعتماد على شبكة المعلوماتية بديلا عن الورقيات وتوفير الوقت والمال والتخفيف من الهدر، وكذلك تسرع في عملية اتخاذ القرار الإداري.
4 – يمكن للموارد البشرية وخاصة النساء من التغلب على الكثير من العوائق والصعوبات كبعض التقاليد في العمل والتأهيل والتدريب ذلك .بسبب الأفق الجديدة من التعليم الذي طرحته العولمة كالتعليم عن بعد والجامعات الافتراضية وزيادة إمكانية التدريب الذاتي .
بعض الخطوات الواجب اتخاذها لتخفيف الآثار السلبية للعولمة والاستفادة منها قدر المستطاع:
بالرغم من بعض الايجابيات لظاهرة العولمة فلا بد لنا أن نعلم من أن الخطر الذي يتهدد الثقافات الوطنية في عالم اليوم الآخذ في التعولم خطر لا فكاك منه إلى حد كبير. والحل الوحيد غير المتاح هو إيقاف العولمة التجارية والاقتصادية، حيث إن قوى التبادل الاقتصادي وتقسيم العمل من الصعب مقاومتها في عالم متنافس يؤججه تطور تقني شامل يهيئ التقانة الحديثة حدا تنافسياً هذه مشكلة، ولكنها ليست مشكلة فقط، حيث إن التجارة والاقتصاد العالميين يمكن أن يقترنا – برخاء اقتصادي أكبر لكل أمة من الأمم. ولكن يمكن أن يكون هناك خاسرون وفائزون حتى إن كان صافي إجمالي الأرقام صاعداً غير نازل. والملاحظ في نطاق المتفاوتات الاقتصادية أن الاستجابة الصحيحة لا بد أن تتضمن جهودا متضافرة لجعل شكل العولمة أقل تدميرا للعمالة وللحياة التقليدية وتحقيق انتقال تدريجي. وحتى تكون عملية الانتقال سلسة يتعين أن تتوافر فرص لإعادة التدريب واكتساب مهارات جديدة (أولئك الذين سيفقدون أعمالهم من دون ذلك) هذا علاوة على توفير شبكات الأمن الاجتماعي (في شكل ضمان اجتماعي وغير ذلك من تنظيمات داعمة) التي أضيرت مصالحهم – على المدى القصير على الأقل – بسبب التغيرات الناجمة عن العولمة. والجدير ذكره أن هذه الفئة من الاستجابات سيكون لها إلى حد ما أثر ايجابي على الجانب الاقتصادي أيضاً.
إن المهارة في استخدام الكمبيوتر والإفادة من ثمار الانترنيت وغير ذلك من تسهيلات مماثلة لن تفضي فقط إلى تحول الامكانات الاقتصادية بل أيضا حياة الناس الواقعين تحت تأثير مثل هذا التغير التقاني وتظل هناك، بعد هذا مشكلتان، أحداهما مشتركة مع عالم الاقتصاد والأخرى مختلفة تماماً.
أولاً إن عالم الاتصالات والتبادلات الحديث يستلزم توافر تعليم أساسي وتدريب ونحن نجد بعض البلدان الفقيرة حققت تقدما رائعا في هذا المجال (مثل بلدان جنوب آسيا وأفريقيا) ولكن بلدانا أخرى (مثل بلدان جنوب آسيا وأفريقيا) آخذة في التخلف بفارق كبيرو طبيعي أن المساواة في الفرص الاقتصادية وفي الفرص الثقافية مهمة للغاية في عالم متعولم. وهذا تحد مشترك أمام العالمين الاقتصادي والثقافي (46)و لذلك لا بد من:
1 – حتمية الإصلاح الاقتصادي والتعليمي والسياسي والإداري فأهمية إصلاح الأجهزة الإدارية والحكومية تكمن في كونها تمثل العصب الأساسي للدولة وذلك وفقاً لرؤى جديدة تجعل أجهزة الدولة ومؤسساتها أكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات الجديدة .
كذلك فإن إصلاح نظم سياسات التعليم والتدريب والتأهيل يمثل عنصراً جوهرياً في هذا الاطار حيث سيخلق قوة عمل مدربة ومؤهلة وقادرة على استيعاب التطورات المرتبطة بظاهرة العولمة فالتعليم، بأنواعه المختلفة ومراحله وأنماطه المختلفة، النظامية منها وغير النظامية يشكل العمود الفقري لجهود تنمية الموارد البشرية وهذا يستدعي إيلاء نظم التعليم والتدريب أهمية خاصة لتكون في مقدمة الأوليات التنموية والجهود الرامية إلى التطوير والتحديث، ومواكبة المستجدات، ومواجهة التحديات الناجمة عن حركة العولمة وامتداداتها ويتقاطع التعليم مع حركة العولمة في أكثر من موقع، فتقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة بدأت بإحداث ثورة في أساليب التعليم وآلياته، والوسائل المستخدمة فيه للحصول على المعرفة ويمكننا القول أن ثلاثة مفاتيح رئيسية لتطوير النظم التعليمية في ضوء التطورات العالمية وحركة العولمة : أولها، إيلاء العناية اللازمة لجودة التعليم واقتصادياته ومواءمته ومردوده على الفرد والمؤسسة والمجتمع والثاني توسيع قاعدة المشاركة المجتمعية في شؤون التعليم، لتشمل مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص إلى جانب مؤسسات القطاع العام وبالتالي زيادة أدوار الجهات والمؤسسات غير الحكومية في التخطيط والتمويل والتنفيذ لنظم وبرامج تنمية الموارد البشرية وتطوير أداء الجهات الحكومية في الوقت نفسه في التنظيم والرقابة والتقييم والمساءلة والثالث استثمار تقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة في مراحل التعليم وأنماطه المختلفة بمالا يخدم التوجه نحو اقتصاد المعرفة ومجتمع المعرفة وهكذا ا فالعولمة تقتضي تغيير في المناهج الدراسية بحيث تصبح من المرونة المناسبة وكذلك بإدخال أنواع جديدة من التعليم وإعادة تأهيل الكوادر التعليمية لتتناسب مع معطيات العولمة.
كذلك تتطلب العولمة عمليات تدريب وتأهيل مستمرة وخصوصاً في الفترة الحالية من أجل إيجاد كادر خبير قادر على دراسة السياسات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي تعمل من خلالها قوى العولمة ورصد هذه السياسات والعمل على إيجاد خطط وبرامج مناسبة لدرء الأخطار الناجمة عن العولمة قدر المستطاع وإمكانية الاستفادة من المنجزات العلمية والتقنية المواكبة لظاهرة العولمة، وكذلك التدريب والتأهيل للموظفين القائمين على رأس عملهم والجدد من أجل معرفة استخدام التكنولوجيا الجديدة .
للإعلام دور هام جداً في مواجهة العولمة وهذا يتطلب تأهيل وإعداد الموارد الإعلامية المتخصصة في معرفة الثورة الإعلامية التي تقودها قوى العولمة ومعرفة الأساليب والطرق التي تستخدمها هذه القوى من أجل فرض الهوية الخاصة بها والتي تعتمد على الاستهلاك وتدمير وتفتيت وتهميش الإيديولوجيات القائمة والعدو الأوحد والأكبر لها وبذلك فإن الكوادر الإعلامية يجب أن تكون مدربة ومؤهلة ومتخصصة في جميع مجالات الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية والدينية بحيث تعمل على وضع البرامج والخطط القادرة على مجابهة برامج العولمة الدعائية والإعلامية والتي تكون قادرة على حماية قيمننا وتراثنا من الحرب الكبيرة التي تعمل من أجل القضاء عليها والاستفادة من الحضارات الأخرى عن طريق الحوار العقلاني والتفاعل المتبادل.
كما أن تطوير سياسات نقل التكنولوجيا وتوظيفها والعمل على تنمية قاعدة تكنولوجية محلية يعد من المتطلبات الأساسية لتهيئة الدول لعصر العولمة .

نتائج ومقترحات:
مما سبق نستطيع التوصل إلى مايلي :
1 – إن ظاهرة العولمة قد حدثت في فترات سابقة، ولكنها في الوقت الحالي فإنها تتميز بقوة انتشارها ومجال تأثيرها.
2 – إن تفرد الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى العالمي وتسخيرها القوة من أجل فرض سياساتها المختلفة جعل البعض يطلقون على ظاهرة العولمة اسم الأمركة .
3 – للعولمة أدوات عديدة أسهمت وتسهم في انتشارها كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والشركات المتعددة الجنسية كذلك ساعدت ثورة الاتصالات والمعلوماتية على انتشار هذه الظاهرة في الوقت الحالي .
4 – للعولمة مجالات مختلفة تعمل قوى العولمة من أجل التأثير عليها ويبقى أهم هذه المجالات المجال الاقتصادي بالإضافة إلى المجال المالي والسياسي والثقافي .
5 – إن ظاهرة العولمة أدت إلى تزايد حجم ظاهرة الفقر على المستوى العالمي ككل وحتى الدول التي ترعى هذه الظاهرة قد ازدادت بها هذه الظاهرة .
6 – أدت العولمة إلى ازدياد حجم البطالة في كل دول العالم بما فيها البلدان الراعية لهذه الظاهرة، وذلك باعتمادها على تقليص تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية عن طريق عملية الخصخصة .
7 – ساهمت العولمة وساعدت على انتشار الفساد المنظم والجريمة وتجارة المخدرات والأسلحة .
8 – أدت العولمة إلى انهيار الكثير من الاقتصاديات في دول العالم عن طريق المضاربات المالية
9 – تعمل العولمة على تهميش الهوية الوطنية والثقافية كتمهيد من أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية .
10- للعولمة تأثيرات كبيرة على الموارد البشرية عن طريق التأثير على تنشئة وتنمية هذه الموارد من خلال تقليص الإنفاق على الخدمات العامة كالصحة والتعليم، وكذلك من خلال تخفيض الأجور، بالإضافة إلى إضعاف النقابات العمالية المدافعة عن حقوق هذه الموارد، كذلك تؤدي العولمة إلى ضرورة الاهتمام بتأهيل الموارد البشرية بما يتناسب مع ثورة المعرفة والاتصالات بحيث تصبح أغلب المهارات والمعارف التي تمتلكها الموارد البشرية لا تتناسب مع متطلبات العولمة .
11 – بالرغم من السلبيات الكثيرة لظاهرة العولمة فإنها تحمل بعض الايجابيات التي يمكن الاستفادة منها.

المقترحات:
من خلال توصلنا إلى الآثار السلبية الكبيرة المرافقة لظاهرة العولمة وإمكانية الاستفادة من بعض الايجابيات فإننا نجد أن على البلدان العربية ومنها بلدنا أن تحاول قدر الامكان الاستفادة من الإيجابيات التي يمكن الاستفادة منها والمرافقة لهذه الظاهرة الواقعية والتخفيف من السلبيات عن طريق تهيئة وتنمية الموارد البشرية القادرة على أن تكون فاعلة في ظل هذه الظاهرة وفي المجالات كافة بحيث تكون هناك كوادر بشرية تقوم بدراسة أبعاد هذه الظاهرة وأهدافها على بلدنا وتقوم هذه الكوادر بوضع الخطط والبرامج على المستوى الكلي وفي المجالات كافة الاقتصادية والسياسية والثقافية والإعلامية بحيث تستطيع هذه الكوادر التأسيس لمجتمع قوي مدرك لأبعاد هذه الظاهرة على المستوى الوطني قادرة على مجابهة المخاطر التي تحملها على المستوى الثقافي والسياسي والاقتصادي، ومسخرة الإيجابيات الناجمة عنها في مسيرة التنمية بأشكالها المختلفة بشكل عام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل خاص.

المراجع:
1 – د. تركي صقر،" الإعلام العربي وتحديات العولمة " ،وزارة الثقافة، دمشق، 1998ص 178
2 – ت. رياض حسن، تأليف : سنغ كفالجيت، " عولمة المال " دار الفارابي، لبنان، 2001 ص 20
3- د. مصطفى محمد العبد الله الكفري " عولمة الاقتصاد والاقتصاديات " مجلة الفكر السياسي، العدد الرابع والخامس ،1998 – 1999، دمشق ،ص316
4 -د. محمد دو يدار " المنظمة العالمية للتجارة (الفلسفة القانونية والأبعاد القانونية "، دراسات استراتيجية السنة الثانية، العدد الثاني ،2001 ص48
5- د. نايف بلوز" حول العولمة "، مجلة النهج، العدد (18) ربيع 1999، ص222
6- د. نبيل مرزوق،" الطريق العدد الأول السنة الثامنة والخمسون ص 27- 28
7 – د .حازم الببلاوي ،" النظام الاقتصادي الدولي المعاصر " عالم المعرفة،الكويت، العدد (257)،
ص 198-199
8– د. طاهر كنعان، الآثار الاجتماعية للتصحيح الاقتصادي في البلدان العربية، صندوق النقد العربي ،أبو ظبي، 1996ص 138
9 -د. محمو د السيد " الهيمنة المعلوماتية والإعلامية وآثارها " دراسات استراتيجية، السنة الثانية – العدد الثالث 2001 ،ص48
10- د. محمد أحمد السامرائي" العولمة السياسية ومخاطرها على الوطن العربي"، الفكر السياسي، العدد الرابع عشر، ص110
11 – د. مصطفى العبد الله الكفري " العولمة الهاجس الطاغي في المجتمعات العربية "الفكر السياسي، العددان الثامن عشر والتاسع عشر، ،2003 ص245
12 – عبد المنعم السيد علي" العرب في مواجهة العولمة الاقتصادية بين التبعية ولاحتواء والتكامل الاقتصادي العربي" ،المستقبل العربي، العدد ،290 ،2003، ص42
13 -11 – International Monetary Fund no 26 (Special Issue on the Fund) September 1994 )، p.1
14 – 12 – William K. Tabb " Globalization is an Issue، the Power of Capital is the Issue Monthly Review، vole. 49 no .2 (June 1997} p .20.
15 – عبد المنعم السيد علي العرب في مواجهة العولمة الاقتصادية بين التبعية ولاحتواء والتكامل الاقتصادي العربي المستقبل العربي العدد 290 ص 45
16 – مصطفى مجدي الجمال " تأملات في إيديولوجيا التدخل الإنساني الدولي "دراسات استراتيجية، العدد الثاني، 2001، مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية / جامعة دمشق ص 95.
17- د . حازم الببلاوي، "النظام الاقتصادي الدولي المعاصر"، عالم المعرفة ص198-199 العدد 257
– المرجع السابق ص 92
18 – د. محمد أحمد السامرائي، " العولمة السياسية ومخاطرها على الوطن العربي "، الفكر السياسي، العدد (14) ص116
19 – د .علي عقلة عرسان،" العولمة والثقافة "، الفكر السياسي، العددان (4 – 5) ص225
20 – د. حسن حنفي، " الثقافة العربية بين العولمة والخصوصية"، الفكر السياسي العددان (4 – 5) ص 248
21 – د. تركي صقر ،" الإعلام العربي وتحديات العولمة "، وزارة الثقافة، دمشق، 1998 ص 204
22 – د .سعيد يعقوب" الصهيونية والعولمة"، الفكر السياسي، العدد السادس عشر، 2022 ،ص 264
23 – د. علي عقلة عرسان " العولمة والثقافة الفكر السياسي العدد( 4-5)1999 ص 224
24–د. محمد أحمد السامرائي، " العولمة السياسية ومخاطرها على الوطن العربي "، الفكر السياسي العدد 14 ص 118
25- كاظم حبيب " العولمة الجديدة " الطريق، العدد الثالث، السنة السابعة والخمسون ،1998ص 69
26 – إبراهيم ناجي علو ش " نقد برنامج التكيف مع العولمة " الطريق العدد السادس السنة (60) 2001 ص63
27 – كاظم حبيب، العولمة الجديدة "، الطريق، العدد الثالث، 1998 ص 67
28 – موسى الزعبي " الوجه الجديد للعالم"، الفكر السياسي، العدد السابع عشر 2022، ص76
29 – د. نبيل مرزوق ، الطريق العدد الأول السنة الثامنة والخمسون 1999، ص 27 – 28
30 – د. منذر خدام، " العولمة وطبيعة العصر "، المعرفة العدد (76) أيار 2022 ص 145
31 – عولمة رأس المال مرجع سبق ذكره ص 94 .
32 – تقرير التنمية البشرية 2022 الأمم المتحدة نيويورك ص 106
33 – د. عدنان عباس علي" فخ العولمة " مجلة عالم المعرفة العدد 238 عام 1998. ص 198 – 199
34- إبراهيم قو يدر، رئيس منظمة العمل العربية مؤتمر " انتقال الأيدي العاملة والتشغيل " الجزائر
/12/شباط 2022
35 – Michel Chossudousky (1997) "Globalization Of Poverty .Impacts Of I. M. F and World Bank Reform Penning، Malaysia، The Third World P6
36 – World Bank (1995) WORLD Development، Report، Poverty، Washington DC1995
37 – فخ العولمة " الاعتداء على الديمقراطية "، مرجع سبق ذكره، ص 23
38 – موسى الزعبي " الوجه الجديد للعالم " الفكر السياسي العدد السابع عشر 2022 ص 78
39 – د. نعيمة شومان " العولمة في التكنولوجية الحديثة "، الفكر السياسي، العدد الأول، 1997 ص73
40 – موسى الزعبي " تنوع الفاعلين الجدد"، الفكر السياسي، العدد السادس عشر، ص206
41 -د. نعيمة شومان، الفكر السياسي، العدد الأول، مرجع سبق، ذكره ،ص 72
42 – عولمة رأس المال، مرجع سبق ذكره، ص 37

43 – د خير الدين عبد الرحمن، " التداخل مابين عسكري ومدني في حروب اليوم"، الفكر السياسي ،العدد التاسع عشر،، 2022، ص236.
44 – تأليف أمارتيا صن، ترجمة شوقي جلال، "التنمية حرية "، عالم المعرفة، العدد( 303) ص 285- 286
45 – د. تركي صقر ،" الإعلام العربي وتحديات العولمة "، وزارة الثقافة، دمشق، 1998 ص 210
46 – د. منذر واصف المصري " العولمة وتنمية الموارد البشرية "، الإمارات، 2022 ص34




رد: أرجوكم ساعدوني ——————-ممكن

بارك الله فيك على المجهودات المبذولة وجزاك الله كل الخير على مساعدتك لي
طيب ممكن ولو شرح صغير عن كيفية القيام بمذكرة تخرج بخصوص هذا الموضع اي خطة البحث و الاشكالية




رد: أرجوكم ساعدوني ——————-ممكن

كيفية اعداد مذكرة تخرج
فيمايلي نقدم لكم تخطيطا نموذجيا لبنية المذكرة الجامعية:
العناصر تبدأ بصفحة جديدة.
1- الغلاف.
2 – صفحة العنوان.
3- ورقة بيضاء.
4- الاهداء.
5- كلمة الشكر.
6- الفهارس وترقم با الأحرف العربية أو الأرقام الهندية.
7- مقدمة المذكرة.
8- الفصول أو الجزء الأساسي للمذكرة.
الفصل الأول: البناء المنهجي: ويحتوي:
* الدراسة الاستطلاعية (تحديد المجال الزماني والمكاني والبشري).
* الاشكالية.
* الفرضيات.
* أهداف البحث.
* أهمية البحث.
* أسباب اختيار الموضوع (ذاتية وموضوعية).
* صعوبات البحث.
* المنهجيةالمتبعة في الدراسة (المنهج المتبع والتقنية المستعملة).
* الدراسات السابقة.
الفصل الثاني: الجانب النظري: ويحتوي:
* تحديد المفاهيم.
* التطرق الى الدراسة من الناحيةالنظرية من خلال ما تم جمعه من معلومات من الكتب او غيرها من المراجع والمصادر.
الفصل الثالث: الجانب التطبيقي: ويحتوي:
* التعريف بميدان البحث.
* تحديد عينة البحث وكيفيةاختيارها.
* عملية تفريغ البيانات مصحوبة باستنتاجات جزئية.
الفصل الرابع: الاستنتاج العام والتوصيات: ويحتوي:
* الاستنتاج العام.
* التوصيات.
* الاقتراحات.
* الخاتمة.
* المراجع.
* الملاحق
هذا هو بشكل عام الشكل النوذجي لمذكرة التخرج فقط بعض الملاحظات البسطة:
1- على الطالب أن ينتبه الى العامل الزمني فلا يترك عمل اليوم الى الغد، كي لا يجد نفسه في آخر السنة عوض ان يعمل بارتياح كي يقدم عمل جيدا، نجده يصارع الزمن من اجل اتمام المذكرة في حينهاوبالتالي يخرج العمل مملوء بالنقائص.
2- الاصغاء والانتباه الجيد لملاحظات المشرف على العمل كي لا تتكرر ملاحظاته في كل مرة وبالتالي يضيع الوقت في اشياء كان من الممكن تصحيحها منذ البداية.
3- بامكان الطالب ان يتطرق الى موضوع سبق التطرق اليه في نفس الجامعة او في جامعات اخرى لكن لا ننصح بنسخها كما هي ولكن التطرق الى الموضوع من زاوية اخرى او من جانب آخر من أجل سد الثغرات التي لحظها المناقشون من قبل ومن اجل اثرائه وتطويره.
و نظرا لكون اغلب الباحثين المبتدئين خاصة الطلاب المقبلين على شهادة ليسانس، يجدون صعوبة في ضبط الاشكالية والفرضية في مذكرة التخرج، اضع بين ايديكم هذا الموضوع
الإشكالية.
1- اعتبارات اختيار المشكلة:
هناك عدة اعتبارات يجب مراعاتها عند اختيار مشكلةا لبحث واهمها:
– حداثة المشكلة، أي أنه لم يتم تناولها من قبل حتى لا تتكررالجهود.
– أهمية المشكلة وقيمتها العلمية.
– اهتمام الباحث بالمشكلة وقدرته على دراستها وحلها.
– توفر الخبرة والقدرة على دراسة المشكلة.
– توفرالبيانات والمعلومات الكافية من مصادرها المختلفة.
– توفر الوقت الكافي لدراسةالمشكلة.
– توفر الإمكانيات المادية والإدارية المطلوبة.
– عدم وجود جوانب أخلاقية تمنع إجراء المشكلة.
– ان تكون قابلة للبحث في ضوء الإمكانيات المتوفرة لدى الباحث
ولتحديد المشكلة يمكن الاسترشاد بالأسئلة التالية:
• ما هي حدة المشكلة أو الظاهرة موضوع الدراسة؟
• ما هو تاريخ بروز هذه المشكلة أوالظاهرة؟
• هل هناك مؤشرات كافية حولها نستطيع تحديدها بوضوح؟
• هل ستكون إيرادات تنفيذ اقتراحات الدراسة أعلى بكثير من تكاليف إجرائها؟
• هل يمكن القيام بهذه الدراسة وهل تتوفر الخبرات العلمية لذلك؟
• هل هناك دراسات سابقة حول المشكلة يمكن الحصول عليها بتكلفة معقولة وخلال فترة زمنية معقولة؟
1- معايير صياغة المشكلة:
• وضوح الصياغةودقتها.
• أن يتضح في الصياغة وجود متغيرات للدراسة.
• وضوح الصياغة بحيث يمكن التوصل إلى حل للمشكلة ( قابلة للاختبار).
وعند صياغة مشكلة يجب اخذ الأمورالتالية بعين الاعتبار:
• ما العلاقة بين المتغيرات الداخلة في الدراسة؟ وهل هذه المتغيرات محددة وقابلة للقياس ؟
• يجب أن تصاغ المشكلة بشكل سؤال أو عدة أسئلةواضحة لا إيهام فيها.
• يجب أن يكون بالإمكان جمع البيانات عن المشكلةلاختبارها.
• يجب أن لا تتعرض المشكلة لموضوعات حساسة من الناحية الأخلاقية أوالدينية.
• يجب أن تكون المشكلة قابلة للحل من قبل الباحث ضمن الوقت والإمكانات المتاحة له.
ويمكن تقويم البحث من خلال الإجابة على التساؤلات التالية:
• هل تعالج المشكلة موضوعا جديدا أم موضوعا تقليديا مكررا؟
• هل سيسهم موضوع الدراسةفي إضافة عملية جديدة معينة؟
• هل تمت صياغة المشكلة إلى توجيه الاهتمام ببحوث ودراسات أخرى هل يمكن تعميم النتائج التي يتم التوصل إليها؟
• هل ستقدم النتائج فائدة علمية إلى المجتمع.
في الأخير إتباع بعض النصائح والمعايير المعمول بها في ميدان البحث:
• تجنب التحمس الزائد لموضوع تصعب دراسته في الميدان. فالمواضيع التي قد يثيرها المحيط الاجتماعي و الاقتصادي جديرة بالدراسة والاهتمام. غير أن الوصول إلى أفراد المجتمع المراد دراسته كثيرا ما تكلف الباحث جهدا كبيراووقتا طويلا بكثير، مما قد يسبب له انقطاعات متكررة تؤثر سلبا على سياق البحث،وتؤخر الباحث عن الآجال التي حددت له لتقديم العمل.
• احترام مواعيد انجاز العمل بوضع دفتر الشروط.
• تجنب المواضيع العامة … أو الدقيقة جدا، فعلى الباحث أن يترك لنفسه مجالا للخطأ، فالمواضيع العامة تعني أن الباحث لم يحدد موضوعه على الإطلاق، أما المواضيع الخاصة جدا فهي محدودة في المجال وتكون نتائجها كذلك.
• اختيار الموضوع على أساس قدرات الباحث ودوافعه وإمكانية دراسةالموضوع.
• اختيار موضوع البحث يكون من طرف الباحث نفسه متى أتيحت له الفرصة لذلك.
• عرض الإشكالية على مختصين في الميدان وحتى على غير المختصين.
• تجنب المبالغة واللغو والتقيد بما قل ودل.
الفرضيات.
الفرضية توقع:
لهذا فهي تكتب دائما في صيغة تقريرية …، ولا تكتب الفرضية بالصيغة الاستفهامية.
تمدد الفرضية الإطار النظري للبحث:
… يجب أن يكون هناك ربط منطقي بين المفاهيم النظرية المقدمة في الإطار النظري وصياغة الفرضية، و استخدام نفس المفردات للإشارة إلى المفاهيم والمتغيرات.
التطابق بين المتغيرات المستخدمة في صياغة الفرضية و تصميم البحث الميداني:
على الباحث أن يعرف ويحدد بوضوح طبيعة كل متغير، والعمل على قياس المتغيرات المعلن عنها في الفرضية.
لا تكون الفرضية عامة جدا، ولا دقيقة جدا:
تدل الفرضية الواسعة عن جهل الباحث بجوانب كثيرة حول الموضوع، في حين أن الفرضية الدقيقة جدا تشكل خطرا على البحث الذي تترك فرضياته إذالم تحقق الدقة المطلوبة هذا من جهة، وتوحي أن الباحث على علم بكل خصائص المشكل منجهة ثانية؛ فتساءل لماذا البحث إذا؟
اتمنى ان يوفق الله كل مقبل على التخرج و يخفف ضغطه ويساعده على النجاح




رد: أرجوكم ساعدوني ——————-ممكن

بارك الله فيك على المساعدة لكن انا اريد المساعدة بخصوص خطة مذكرة تخرج بعنوان تاهيل الموارد البشرية في ظل العولمة




رد: أرجوكم ساعدوني ——————-ممكن




رد: أرجوكم ساعدوني ——————-ممكن

بارك الله فيك على كل ما قدمته لي




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.