يتساءل الكثير من الناس عن الفائدة من خلق الحيوانات المفترسة والضارة المؤذية كالأسد والنمر والضبع والذئب والفيل والخنزير والأفاعى السامة والتماسيح والعقارب والبعوض والذباب والبوم والخفافيش وغيرها .
وأكثر سؤال محير هو لماذا الخنزير وقد حرم الله أكل لحمه على الإنسان في القرأن الكريم بقوله :" إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير " (سورة البقرة/173 ) باعتبارها من خبائث اللحوم أي من اللحوم المضرة والمؤذية لجسم الإنسان وفق قوله تعالى :" ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " (الأنعام /157) .
الخنزير: رغم منة الخالق ورحمته في الإهتمام بصحة الإنسان بتحريم مايضره وبالتالي تحريم أكل لحم الخنزير ، وقد تبينت أضراره مع تقدم العلم ،إلا أن التساؤل يظل قائماً من قبل البعض ،ألا وهو لماذا خلق الخنزير إذا كان لحمه على هذه الدرجة من الضرر للإنسان ؟
إنه السؤال الدائم يطرحه بعض المشككين كما يطرحه بعض المؤمنين من باب الفضول لمعرفة سر خلق هذا الحيوان بعد بيان ضرره وفقاً لعقيدة المسلمين بأن الله سبحانه وتعالى لم يخلق شىء في الدنيا أو الكون عن عبث ، فلا بد إذاً من فائدة ما . ومن هنا سأجيب على هذا التساؤل بطريقة مغايرة تماماً عن التبريرات الدينية التي يسوقها الآخرين لعدم الحاجة إليها في مقالنا هذا ، مع تأييدنا لها والتزامنا بها ، بحيث يأتي مقالنا تأكيداً لمضمونها لوضوح الرؤيا في النفع والضرر بما يقنع المتسائلين والمشككين . وسوف أضع كل أنواع التبريرات جانباً لأبين أهمية الخنزير ، حيث يلزم ، في خدمة الإنسان وصحته وسلامة البيئة بما يقتضي عدم قتله أو حجزه لما له من منافع ، خاصة وأننا لم نؤمر بالقضاء عليه بل بالإمتناع عن أكل لحمه ، وبالتالي عدم تربيته أو المتاجرة به ، كما اجتناب الخمرة أو اقتنائها أو المتاجرة بها .
إن الخنزير ، البري منه والمدجن ، هو أحد أهم وأعقد المخلوقات الحيوانية وفق تركيبته الفيزيائية التي تقاوم أعتى الأمراض ، وإن كانت بنيته وسيطة لنقل الأمراض للحيوان والإنسان إلا أنها لاتؤذي الخنزير . وعندما نتعرف على مهماته ووظائفه البيئية التي جبل عليها ، وكأنه آلة مسخرة لنا ، فإننا سنمتنع أخلاقياً ، بما يتجاوز النهي ، عن أكله مع تحريمه على أنفسنا حفاظاً على تواجده في مكانه الملائم لتنفيذ واجباته التي خلق من أجلها لخدمة الإنسان وليس بسبب أضرار لحومه فقط ، بعد أن نسوق بعض الأمثال عن أهمية تلك الوظائف .
وما خبث لحومه وضررها إلا سوى وسيلة لإجبار الإنسان على عدم تناوله ليترك لمهماته التي خلق من أجلها .
فالخنزير هو أقذر الحيوانات القمامة وفقاً لما يلتهمه ، إذ أنه مصمم بصورة رئيسية لأكل الجيف وأكل فضلات الحيوان والإنسان التي كان يخلفها في العراء قبل نشؤ الحضارة ولايزال في بعض المناطق في العالم التي لم تلتحق بالحضارة المدنية وما تؤمنه من تسهيلات في خدمة الإنسان للمحافظة على الصحة العامة .
ولنأخذ مثلاً الريف الصيني في مناطق عدة ، في أعالي الصين ووسطها ، حيث سنلحظ وجود تجمعات سكنية ، هي عبارة عن قرى صغيرة مسورة مغلقة ، يقيم سكانها في غرف متراكبة كالخانات مع وجود مخازن بالأسفل وأقبية للحيوانات الداجنة
ومع توفر الأمن في البلاد وانتهاء الحروب فإن هذه التجمعات السكنية امتدت للخارج ، فاضحت أشبه بالقلاع في وسط المدن . إلا أن مشكلتها ان ليس من مراحيض في غرفها إذ أن ساكنيها يقضون حاجتهم في دلو لكل عائلة يخرجونه كل صباح ويفرغون محتوياته في مزرعة للخنازير بالقرب من البوابة لتكون مصدر طعامه الوحيد ، أما مخلفات المنزل من القمامة من بقايا الخضار فإنهم يطعمونها للحيوانات الأليفة الأخرى كالخيول والبقر . إذ أن فضلات الإنسان من برازه هي المفضلة للخنزير كما فضلات الحيوانات واللحوم الفاسدة والجيف بحيث يأكل جيف فصيلته .
وسبب الإهتمام بتربية الخنازير من قبل الصينين الذين يعتبرون أكبر مستهلك في العالم لها ، ليس رغبة في لحومها فقط بل ولأنها الأوفر اقتصادياً بما أنها لاتأكل أو تطعم إلا الفضلات البشرية ، ولأنها تتوالد اكثر من الحيوانات الداجنة الأخرى ، بحيث يلد الخنزير ثلاث مرات سنوياً بمعدل عشرة إلى عشرين مولوداً في كل مرة بينما البقر أو الضأن لايلد سوى عجل واحد في العام ، ومع ذلك فإن اعداد الضأن في العالم هو ضعفي عدد الخنازير تقريباً التي يقدر مجموعها ب800 مليون خنزير . ومتوسط وزن الخنزير هو 120 كلغ إذا كان يتغذى على فضلات الإنسان وقاذوراته ،بينما إذا أطعم مواداً علفية مركبة فقد يصل وزنه إلى 600 كلغ كما في مزارع الولايات المتحدة الأمريكية .
كما وأن الفيل مهم جداً للآسيوين ، في الهند وكمبوديا وتايلاند وأندونيسيا ، كما بلدان أخرى مجاورة ، حيث يستخدمونه في النقل للحاجات الضخمة ، خاصة لجذوع الأشجار حيث لاتستطيع السيارات الولوج .
الوحوش المفترسة : أما الوحوش المفترسة من أكلة اللحوم ، كالأسود والنمور والفهود والذئاب والضباع ، فإن أهميتها تكمن في أنها تحافظ بما تصطاد من الحيوانات العاشبة على توازن الطبيعة النباتي لئلا تتصحر من الرعي الجائر إن كثرت أعداد هذه الحيوانات بما يفوق توفر النبات ، كما على الصحة العامة في أكلها الجيف .
الأفاعي والحشرات: أما أهمية الأفاعي السامة فتكمن في انها تحافظ على سلامة سهول الإنسان وبساتينه من الفأر والقوارض التي تتلف المزروعات بشكل بالغ ؛ ودور الأفاعى هو مكافحتها وملاحقتها حتى القضاء عليها ؛ لذا فمن الضروري جداً تواجدها في الحقول والحفاظ عليها . وما على الإنسان سوى أخذ الحيطة والحذر منها في حقوله لتجنبها حتى لايضطر لقتلها لما في ذلك من ضرر على البيئة وعلى مصالحه الزراعية . لأنه لو خلت الحقول المزروعة للقوارض دون وجود الأفاعي لما نعم الإنسان بهذا الأمن الغذائي .وقد أثبت التقدم العلمي وتطوره بأن سم الأفعى مهم جداً لمعالجة الكثير من الأمراض المزمنة . وكذلك فإن كافة الحيوانات والحشرات السامة كالعناكب الكبيرة والعقارب على نفس الأهمية في حقل الطب والمعالجة الدوائية .
اما الحشرات المؤذية كالذباب والبعوض فإن وجودها ضروري مع ملامستها للإنسان لتمنحه المناعة من الأمراض منذ صغره أكثر الأحيان ، وقد خلق الله الطير للحد من تكاثرها .
التماسيح : أما التماسيح فإن أهميتها تكمن في أنها تأكل الجيف من الأنهار التي تتكائر في مياهها عند عبور الحيوانات من ضفة إلى أخرى ، خاصة الأيائل والبقر على أنواعه والحمر الوحشي سعياً وراء العشب حيث يهلك منها الكثير ، لتغرق في مياه الأنهر الجارية التي تشرب منها البشر عند عبورها لبلدانهم . والتماسيح عندما تأكل هذه الجيف فإنها تحافظ على نقاوة المياه ، ولولاها لأضحت المياه ملوثة غير صالحة للشرب .
التماسيح : أما التماسيح فإن أهميتها تكمن في أنها تأكل الجيف من الأنهار التي تتكائر في مياهها عند عبور الحيوانات من ضفة إلى أخرى ، خاصة الأيائل والبقر على أنواعه والحمر الوحشي سعياً وراء العشب حيث يهلك منها الكثير ، لتغرق في مياه الأنهر الجارية التي تشرب منها البشر عند عبورها لبلدانهم . والتماسيح عندما تأكل هذه الجيف فإنها تحافظ على نقاوة المياه ، ولولاها لأضحت المياه ملوثة غير صالحة للشرب .
البوم : أما البوم الذي يتشاءم منه الكثيرون في البلدان العربية دون مبرر ويعمدون إلى قتله . فإهميته تكمن في أن بعضه يعيش داخل المدن والقرى ، ، ليصطاد الفئران التي تستغل ظلمة الليل لتعيث الفساد والخراب حيث يكون البوم في انتظارها ليباغتها ويقضي عليها لسكون طيرانه .
الخفاش : أما الخفاش أو الوطواط فإن غذائه الرئيسي هو البعوض والهوام بحيث يعمل على التهامها بشكل دؤوب . وقد اعترض سكان إحدى الولايات الأمريكية قبل أعوام على اتخاذ عشرات الآلآف من الخفافيش ملاذا لها تحت أحد الجسور مطالبين بقتلها أو ترحيلها ، إلا أنهم سرعان ماسحبوا شكواهم بعد أن أعلمتهم البلدية أن هذه الحيوانات تأكل يومياً مامجموعه عشرون طناً من الحشرات الطائرة خلال الليل ، معظمها من البعوض .
كان ذلك عرضاً موجزاً لندرك أهمية الحيوان البري والحشرات في التوازن البيئي وبالتالي في خدمة الإنسان .