التصنيفات
العقيدة الإسلامية و الإيمان

والعلاج من داء الفقر

والعلاج من داء الفقر


الونشريس

والعلاج من داء الفقر \للشيخ محمد بن عبد الله الإمام

الفقر المادي

فالعباد كلهم فقراء إلى الله على مجاري الأنفاس ولكن الفقر الذي نتحدث عنه هو الفقر المادي وهو في حد ذاته شر وفتنة ولهذا تعوذ رسول الله صلى الله عليه وسلممنه فقد روى أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسو الله صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة…)) والله عز وجل جعل أغلب الناس فقراء لحكم كثيرة ومنها:
قال سبحانه:{ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينـزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير} الشورى.
ومنها: قال سبحانه: {والله فضل بعضكم على بعض في الرزق} النحل. فالله سبحانه كما فضل الناس بالمواهب والأجسام والمكانة فضلهم في الرزق.
وفتنة الفقر واسعة النطاق شديد العصف بكثير من الناس فمن الناس من يدخل في اليهودية أو النصرانية أوغير ذلك من ملل الكفر لا لأنه يحب تلك الملل وإنما ليتحصل على لقمة العيش، فأي خطر أعظم من هذا على المسلم؟ وبعضهم يستعمل السحر والتنجيم وادعاء علم الغيب وهي طرق كفرية لا لشيء ولكن ليتحصل على المال، وبعضهم يقتل أخاه المسلم أو قريبه من أجل الحصول على المال. والمرأة تبيع كرامتها وشرفها فتتاجر بعرضها وتجلب على أهلها ومجتمعها العار والشنار من أجل لقمة العيش وما أكثر التنازل عن الحق باستمرار بسبب الفقر.
فالفقر خطر على الفرد والأسرة والمجتمع يجلب الشكوك والحيرة والاضطراب والفتن المتلاحقة فلا بد من الإسراع بمعالجته.
والإسلام قد جاء بالدواء الناجع للتخلص من داء الفقر،
والعلاج من داء الفقر بالآتي:
1- دعا الإسلام إلى القناعة، والقناعة هي رضا العبد بما قسم الله له. روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال (قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه)) فالفقر من صالح صاحب القناعة وقد لا يصلح إلا به. فليحذر المسلم أن يطيع غريزته فقد جبل العبد على حب الملك، فالنفس طماعة بالمال فإذا كانت النفس طماعة في المال فكلما زاد ماله زاد طمعه فهذا لا علاج له بتوافر المال ولكن بالزهد والورع والقناعة.
2- عليه أن يعلم علم اليقين أنما عند الله له خير وأبقى فربنا إذا حظر على العبد شيئاً من أمور الدنيا أعطاه بدل ذلك الجنة والتفرغ لأعمالها. قال الرسول صلى الله عليه وسلم (يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم وهو خمسمائة عام)) رواه أحمد وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وإذا كان العبد المسلم سيعطى هذا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم فما أسعده وهاهو الرسول r يقول (يؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله ما مربي بؤس قط ولا رأيت شدة قط)) رواه مسلم وأحمد والنسائي من حديث أنس رضي الله عنه.
فإذا كانت الغمسة الواحدة في نعيم الجنة تنسي المسلم كل شدائد الفقر في الدنيا ومصائب الحياة فكيف بنعيم الجنة له لمدة نصف يوم قبل الأغنياء وكيف بالنعيم المقيم أبد الآبدين اللهم هب لنا عقولا.
3- إن من واجب المسلم أن يؤمن بالقدر فإذا كان لا يخضع لحكم الله الذي نزل به وهو الفقر فهذه معارضة للقدر خطيرة على صاحبها تقذف به في مخازي الانحراف.
4- دعا الإسلام المسلم الفقير إلى المبادرة بالأعمال الصالحة لتكون زاداً له وغنى له عما في أيدي الناس. روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(بادروا بالأعمال الصالحة فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا)).
5- على المسلم أن يسعى في الأرض لطلب الرزق الحلال وبالطرق المشروعة والمباحة قال الله تعالى: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} الملك
6- استقامة المسلم على دين الله وصبره على الفقر سبب لتفريج هذه الكربة. قال الله :{ومن يتق الله يجعل له مخرجا} الطلاق.

7- على المسلم أن يتوجه بالدعاء الخالص لله في طلب الرزق الحلال. قال الله:
{ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله} فالمطلوب من الفقير أن يطهر جنانه من الأمراض وليتوجه إلى الله بالسؤال وطلب الغنى. فقد روى الإمام مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى )) وقد كان يدعو لبعض أصحابه أن يكثر الله ماله.
8- على المعنيين بالنفقة أن يهتموا بالنفقة على الوجه الذي يرضي الله في إيصالها إلى أهلها بدءاً بالفقراء فإنهم إذا أحرموا المستحقين للنفقة من حقهم فهذا ظلم وله عواقب وخيمة على الظالم والمظلوم.
9- أهل الخير المعنيون بالمساعدات لذوي الحاجات يجب عليهم أن يهتموا بإيصال الأموال إلى مستحقيها عن طريق الأمناء.
10- الموزعون يجب أن يعدلوا وأن يوصلوا الحقوق إلى أهلها.
فكل هذه البنود علاج كافٍ شافٍ وافٍ لإصلاح الأمور وجعل الفقير سعيداً.
وعلى كلٍ لا فقر إلا فقر الدين والصلاح فمن أعطاه الله الإسلام والصلاح فهو أغنى الناس ولو كان فقيراً فقراً مادياً. قال الرسول صلى الله عليه وسلم (ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس)) رواه مسلم.
ومن لم يغنه الله بالصلاح والاستقامة على الدين والقناعة فلن يكون غنياً غناءً حقيقياً ولو أعطي ملك قارون. قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لو أن لابن آدم وادياً من ذهب لأحب أن يكون له ثانيا ولن يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب)) متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه.

المصدر
تحذير البشر من أصول الشر
للشيخ محمد بن عبد الله الإمام

منقول




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.