
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل وسلم على نبينا محمد
منهج الاستقامة في الحياة
{وَالْعَصْرِ(1)إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2)
إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ(3)}
{وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}
أي أُقسمُ بالدهر والزمان لما فيه من أصناف الغرائب والعجائب، والعبر والعظات
على أن الإِنسان في خسران
لأنه يفضِّل العاجلة على الآجلة، وتغلب عليه الأهواء والشهوات
قال ابن عباس: العصر هو الدهر أقسم تعالى به
لاشتماله على أصناف العجائب
وقال قتادة: العصرُ هو آخر ساعات النهار
أقسم به كما أقسم بالضحى لما فيهما من دلائل القدرة الباهرة، والعظة البالغة ..
وإِنما أقسم تعالى بالزمان لأنه رأس عمر الإِنسان، فكل لحظةٍ تمضي فإِنها من عمرك ونقص من أجلك، كما قال القائل :
إِنــا لنفـرحُ بالأيـام نقطعــها
وكلُّ يومٍ مضى نقصٌ من الأجل
قال القرطبي:
أقسم الله عز وجل بالعصر – وهو الدهر – لما فيه
من التنبيه بتصرف الأحوال وتبدلها، وما فيها من الدلالة على الصانع، وقيل:
هو قسمٌ بصلاة العصر لأنها أفضل الصلوات
{إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}
أي جمعوا بين الإِيمان وصالح الأعمال، فهؤلاء هم الفائزون لأنهم باعوا الخسيس بالنفيس، واستبدلوا الباقيات الصالحات عوضاً عن الشهوات العاجلات
{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ}
أي أوصى بعضهم بعضاً بالحق، وهو الخير كله، من الإِيمان، والتصديق، وعبادة الرحمن
{وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} أي وتواصوا بالصبر على الشدائد والمصائب، وعلى فعل الطاعات، وترك المحرمات ..
حكم تعالى بالخسار على جميع الناس إِلا من أتى بهذه الأشياء الأربعة وهي: الإِيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، فإِن نجاة الإِنسان لا تكون إِلا إِذا كمَّل الإِنسان نفسه بالإِيمان والعمل الصالح، وكمَّل غيره بالنصح والإِرشاد، فيكون قد جمع بين حق الله، وحق العباد، وهذا هو السرُّ في تخصيص هذه الأمور الأربعة.