ما مفهوم التكبر

التكبر مرض من الأمراض القلبية التي تصيب بني البشر فيحول الإنسان إلى شخص لايرى إلا نفسه ويستصغر الآخرين وهذا المرض ليس مخصوصاً بفئة معينة ولاأناس مخصصين فهويصيب العالم كما يصيب الجاهل ويصيب المثقف كما يصيب غير المثقف فهو مرض مزعج منفر للآخرين .

سوف أتحدث عن هذا الموضوع مستعيناً ببعض المصادر حول النقاط التالية:-

1- تعريف التكبر.
2- دوافع التكبر.
3- الآثار السلبية للتكبر.
4- علاج التكبر.
5- بعض الآيات والروايات حول التكبر وآثاره وعواقبه.

أولاً: تعريف التكبر:- التكبرهو:أن يرى الإنسان في نفسه علواً وتفوقاً على غيره فالتكبر يتكون من ثلاثة أركان:الأول أن يرى لنفسه مقاماً ومرتبة معينة،الثاني أن يرى لغيره أيضاً مقاماً معيناً،والركن الثالث أن يرى مقامه أعلى من مقام الآخر ويشعر بالراحة والفرح لأجل ذلك.

يقول الله تعالى على لسان إبليس عندما سأله الله تعالى عن سبب عدم امتثاله لأمر الله بالسجود لآدم : {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ }الأعراف12.

ثانياً: دوافع التكبر:- الوصول إلى حالة التكبر له عدة دوافع منها مايلي:-

Ý- تصور وجود كمال موهوم،والإبتهاج بذلك والعجب به،ورؤية الآخرين خلواً منه.

ȝ- العلم حيث يدخل في خلد من يحمل شيئاً من العلم أنه أفضل وأعلم من غيره فيرى نفسه ويتكبر عليهم.

ʝ- العمل والعبادة فقد يرى العابد نفسه على الغير وأنه أولى بالتقدير والإحترام من غيره.
˝- التكبر بالحسب والنسب فصاحب الحسب والنسب الرفيع يرى أنه أفضل من غيره وأعلى منهم مرتبة وشأناً.

̝- التفاخر بالجمال وهذا الدافع قد يكثر بين النساء فترى امرأة ذات حسن وجمال تحتقر وتستصغر

النساء الأخريات اللاتي يقل جمالهن عنها.

͝- الكبر بالمال وهذا الدافع يكثر بين الأغنياء فصاحب المال الوفير يحتقر البائس الفقير ويراه أقل منه شأناً .

Ν- القدرة والقوة البدنية أحد الدوافع للتكبر والإعتداد بالنفس فترى صاحب العضلات المفتولة يستعرض

قوته أمام الضعفاء ويرهبهم ويخيفهم.

ϝ- التكبر بكثرة الأنصار والأعوان والتلاميذ فترى رئيس مجموعة معينة يرى نفسه على الآخرين لأن

له الكثير من الأتباع .

ثالثاً:الآثار السلبية للتكبر:-

1- إن هذه الرذيلة تحول دون وصول الإنسان إلى الكمالات الظاهرية والباطنية ولا إلى الحظوظ الدنيوية والأخروية.

2- إنها تبعث في النفوس الحقد والعداوة والبغضاء وبالتالي النفرة والفرقة ففي الحديث عن الإمام علي عليه السلام :"ليس للمتكبر صديق".

3- إنها تحط من قدر الإنسان في أعين الخلق وتجعله تافهاً,وتحمل الناس على أن يعاملوه بالمثل تحقيراً له واستهانة به لذلك نجد في الرواية بما مضمونه أن:" الكبر على المتكبر عبادة".

4- إن التلوث بهذه الرذيلة لهو طريق نحو الشرك والكفر كما حصل لإبليس اللعين.

5- الحرمان من العلم والمعرفة فعندما يحمل الإنسان في نفسه مثقال ذرة من الكبر فلن يسعى لطلب العلم والمعرفة من الغير لأنه يرى نفسه أعلى وأكبر منهم وهم دونه,فعن الإمام الكاظم عليه السلام في كلام له لهشام بن الحكم يقول:"إن الزرع ينبت في السهل ولاينبت في الصفا فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ولاتعمر في قلب المتكبر الجبار,لأن الله جعل التواضع آلة العقل وجعل التكبر من آلة الجهل".

6- التكبر المصدر الأساسي للكثير من الذنوب ,ففي الحديث عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال:"التكبر يظهر الرذيلة" وقال أيضاً:"الحرص والكبر والحسد دواع إلى تقحم الذنوب".

رابعاً: علاج التكبر:- لعلاج التكبر طريقان:-

الأول:علمي: وهو أن يتفكر المتكبرون في أنفسهم من هم وإلى يذهبون وماهو مصيرهم النهائي؟ويتفكرون في عظمة الله ويشاهدون أنفسهم أمام قدرة الله وسلطانه ، كذلك عليهم أن يتفكروا فيما حل بالمتكبرين والمستكبرين على مر التاريخ أمثال إبليس ,فرعون,النمرود،قارون وكفار قريش وغيرهم ويأخذوا العبرة والعظة منهم.

الثاني: عملي: وهو أن يسعى المتكبر لمجالسة المتواضعين ومصاحبتهم والإتصاف بصفاتهم ،ويجب عليه أن ينكر ذاته ويضع في نفسه أن التقوى هي المعيار في الأفضلية على الغير وليس المال أو الجاه أو الجمال أو غيرها فإن كل هذه الأمور قد تزول في طرفة عين.

وعليه أيضاً أن لايجلس في صدر المجلس حتى لوطُلب منه ذلك ويتقدم بالسلام على الغيرولايرى امتيازاً لنفسه على الغير وغيرها من الأمور التي تزرع روح التواضع في قلب كل متكبر.

خامساً وأخيراً: إليكم بعض الآيات والروايات التي تتحدث عن التكبر وسلبياته وعواقبه الوخيمة:-

1- قال الله تعالى : {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ }لقمان18.

2- قال تعالى:{ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ{146}} سورة الأعراف.

3- قال تعالى :{ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ{13}} سورة الأعراف .

4- قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ{40}} سورة الأعراف.

5- ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : ****]«اِيَّاكُمْ وَالْكِبْرَ فَاِنَّ اِبْلِيسَ حَمَلَهُ الْكِبْرُ عَلَى أَنْ لاَ يَسْجُدَ لاِدَمَ».
6- عن الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) أنّه قال : «إِحْذَرِ الْكِبْرَ فَاِنّهُ رَأْسُ الطُّغْيَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّحْمَنِ».

7- عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنّه قال : «مَا دَخَلَ قَلْبَ امْرِء شَىْءٌ مِنَ الْكِبْرِ إلاّ نَقَصَ مِنْ عَقْلِهِ مِثْلُ مَا دَخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ ! قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ».
8- عن الإمام علي (عليه السلام) أنّه قال : «اَقْبَحُ الْخُلْقِ التَّكَبُّرُ».
وللمزيد حول هذا الداء المزعج أُحيلكم للرجوع إلى المصادر التالية:

1) الأربعون حديثاً للإمام الخميني قدس سره.
2) جنود العقل والجهل أيضاً للإمام الخميني.
3) الأخلاق في القرآن للشيخ ناصر مكارم الشيرازي.