ارجو قراءة الموضوع كاملا
إذا لم يجد العمل منفذا للقلب.. وثبت عليه النفس.. فأخذته وصيّرته جندا لها.. فصالت به وجالت.. وعلت وطغت.. فتراه أزهد ما يكون.. أعبد ما يكون.. أشد ما يكون اجتهادا.. وهو عن الله أبعد ما يكون.. فتراه يقوم الله ثم يصبح فيزني.. يصوم النهار.. ثم يسهر ليسكر.. يقرأ القرآن ولا يستطيع أن يترك التدخين.. يذكر الله ومع ذلك يعصي مولاه.. فلماذا؟؟ لماذا؟؟
لأنه حين عمل
العمل
لم يصل العمل الى قلبه..
إنه سؤال حثيث ومشكلة ملحة.. كثير من شبابنا يعاني منها.. أن يطيع ويعصي.. يتساءل أين أثر الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر.. ؟ّ الذكر الذي يطرد الشيطان..؟!
والجواب: أنه حين عمل العمل لم يصل العمل الى قلبه.. فمثلا في حضور مجالس العلم تجد بعضهم يجلس حاضر القلب.. مخبتا لله.. خاشعا.. عينه تكاد تدمع.. يحس بالسكينة.. وأول شيء يفعله بعد الخروج من المسجد أن ينظر الى امرأة متبرجة.. فما السبب..؟؟
الجواب: لأن ما سمعه من الكلام مر على ظاهر القلب فكان تأثيره وقتيا.. فعندما هجم عليه الهوى.. نسي فعصى..
حينذاك ينسى كل ما كان.. فلا بد أن يجد الكلام منفذا الى القلب..
فاللهم بلّغ الخير قلوبنا.. وأدم على قلوبنا الخير يا رب..
نعم يجب أن يثقب الكلام قلبك.. كما قال أحد الشباب.. كلام مثل الرصاص في قلوب مثل النحاس.. إننا نريد قلوبنا تقية نقية.. خاشعة حاضرة.. تتأثر فتتغير.. قال تعالى:
{إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون* الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون* أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم}[الأنفال:2-4].
نريد لهذا الكلام أن يصل الى القلب فينفذ اليه.. فإذا نفذ الى القلب دار فيه.. فوصل الى الرب سبحانه وتعالى.. فرضي الله عنك.. فأخذ بناصيتك وقلبك إليه..
اللهم خذ بأيدينا ونواصينا اليك.. أخذ الكرام عليك..
أما الآخر فتراه حفظ القرآن.. ومع حفظ القرآن لم يستطع الكف عن الاستمناء.. لأن النفس استولت على هذا الحفظ فصيّرته جندا لها.. فافتخر قائلا: أنا فلان..
افتخار.. كبر.. غرور… عجب.. رضا عن نفس.. احتقار للآخرين.. فيصير العمل وهو جند القلب من جند النفس.
يقول ابن القيّم:
فتراه أعبد ما يكون.. أزهد ما يكون.. أشد اجتهادا ما يكون.. وهو عن الله أبعد ما يكون.. وأصحاب الكبائر الظاهرة أقرب قلوبا الى الله وأجنى الى الإخلاص والخلاص منه..
فانظر الى السّجّاد الزاهد العبّاد.. الذي بين عينيه أثر السجود.. كيف أورثه طغيان عمله أن أنكر على النبي صلى الله عليه وسلم..
قال النبي صلى الله عليه وسلم:" يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" أخرجه البخاري (4351) كتاب المغازي ومسلم (1064) كتاب الزكاة.
ذو الخويصرة التميمي لما كان عبدا زاهدا سجّادا عبّادا.. علامة الصلاة في وجهه.. ومع ذلك قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:" اتق الله واعدل فهذه القسمة لم يرد بها وجه الله" لأنه رأى نفسه…
انظر الى هذا العبّاد الزاهد الذي بين عينيه أثر السجود كيف أورثه هذا طغيان عمله أن أنكر على النبي صلى الله عليه وسلم وأورث أصحابه احتقار صحابة النبي صلى الله عليه وسلم حتى سلّوا عليهم سيوفهم واستباحوا دمائهم..
وانظر في المقابل الى السّكّير الذي كان كثيرا ما يؤتى به الى النبي صلى الله عليه وسلم فيقيم عليه الحد على الشراب.. كيف قامت به قوة إيمانه ويقينه ومحبته لله وتواضعه وإنكساره حتى نهى رسول الله عن لعنه..؟!
من هنا نفهم أن طغيان المعاصي أسلم من عاقبة طغيان الطاعات..
إخوتاه.. كانت كل تلك مقدمات بين يدي سؤالنا..
كيف نتوب؟!
يا من أبعدته الخطايا عنهم.. إذا أردت لحاقهم
فهذه وصيتي:
لابد والله من قلق وحرقة
إما في زاوية التعبد.. وإما في هاوية الطرد
إما أن تحرق قلبك بنار الندم على التقصير
والشوق الى لقاء الحبيب..
وإلا فنار جهنم أشد حرا..
القلق.. القلق يا من سلب قلبه..
البكاء.. البكاء يا من عظم ذنبه..
كيف نتوب؟؟
إخوتي .. تعالوا الى التوبة ندق بابها.. ونستفتح مغاليقها..
أولا: حقيقة التوبة:
هي الرجوع الى الله.. ولا يصح الرجوع ولا يتم إلا بمعرفة الرب.. كما ذكرناه من قبل.. بمعرفة أسمائه وصفاته.. وآثاره في النفس.. ولا يصح الرجوع إلا بأن تعرف أنك كنت فارّا من الله… أسيرا في قبضة دوك.. أن تعرف إنك لكي تتوب.. فلا بد لك من اليقين.. اليقين بأنك ما وقعت في مخالب عدوك إلا بسبب جهلك بربك.. وجرأتك عليه..
لا بد للتائب أن يعرف كيف جهل ومتى جهل..
لا بد للتائب أن يعلم كيف وقع أسيرا ومتى وقع..
لا بد للتائب أن يؤمن أن التوبة إنما هي عملية شاقة.. تحتاج الى مجهود كبير.. ويقظة تامة.. للتخلص من العدو.. والرجوع والفرار الى الرب.. الرحمن الرحيم.. والعودة من طريق الهلاك الذي أخذه اليه عدوه..
لا بد أن تعرف أيها التائب.. مقدار الخطوات التي قطعتها بعيدا عن الله.. وتعود اليه بعددها..
لا بد أن تعرف المجهود والعقبات التي لا بد لك من اقتحامها للعودة الى الصراط المستقيم..
لا بد أن تعرف أيها التائب.. انك إنما أوتيت من قبل نفسك.. وبسبب متابعتك لهواك..
لا بد أن تعرف أيها التائب.. إنك أوتيت من قبل غفلتك عن الله.. وعدم اعتصامك بحبله..
ولا بد أن تعرف أيها التائب.. إنك إنما أتيت من قبل حسن ظنك بنفسك.. وعدم توبيخك لها عندما تأمرك بالسوء.. عندما استأسدت عليك ولم تردعها.. فظننت أن مكانك عند الله سبحانه وتعالى حال لمعصية.. هو حالك وأنت على الطاعة.. ولم تدر ساعتها هل يؤاخذ الحبيب بما لا يؤاخذ به غيره.. أم أنه يسامح بما لم يسامح فيه غيره..
إنّ من يدخن ويظن أن السيجارة تهدئ أعصابه.. يدخله حسن الظن بالسيجارة وتنسيه نفسه أنه إذا أمسك المصحف فإنّ أعصابه.. وقلبه.. وشيطانه.. وكل ما فيه يهدأ.. تنسيه أن يذكر الله.. فإذا ذكر الله عصمه من شيطان غضبه. وأدخله في حصنه.. وذكره فيمن عنده.. فإذا نسي.. عندها يكله الله الى نفسه فتسوء خاتمته..
لا بد أن تعرف يقينا بأن الله عندما وكلك لنفسك.. فهذا يسبب سقوطك من عينه فهل تقوى على أن تسقط من عين الله..
أخي التائب.أختي التائبة إذا تبين لك ذلك.. وعرفت أنه في طاعة نفسك عطبك وهلاكك يوم ميعادك.. وان في عصيانها نجاتك في آخرتك..
إذا عرفت أن نفسك قد اعتادت سلوك طريق هلكتها.. وألفت طول النفور والاشمئزاز عما يرضي ربك ومولاك..
ألزم قلبك العزم على تأديب نفسك.. والمواظبة على توفيقها.. والإلحاح على معاتبتها.. والدوام على موعظتها وتذكيرها.. كرر على نفسك الخطر الذي هي عليه.. وانها لا بد من المصير الى مولاها.. وأنها ستموت حتما.. وقد يكون الآن.. قل لها: يا نفس توبي قبل أن تموتي.. فإن الموت يأتي فجأة.. ذكرها بالأصحاب مات فلان وفلان.. مات رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وهو من هو بأبي هو وأمي ونفسي.. فهل لك بعد ذلك من نجاة..؟!
يا نفس سترين كل أعمالك يوم القيامة حاضرة:{ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودّ لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا، ويحذّركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد} [آل عمران:30] { إنّا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر ياليتني كنت ترابا} [النبأ: 40] {ووجدوا ما عملوا حاضرا} [الكهف:49].
يا نفس صبر ساعة.. ولا عذاب الأبد.. يا نفس هبّي الى الجد.. فإن قالت لك: في آخر العمر أتوب ـ وكثير من الشباب يقول: دعنا نستمتع بالشباب حتى إذا بلغنا المشيب تبنا كما تبتم ـ ولكن ـ اخي ـ ما يدريك أنك ستعيش.. من يعلم متى تموت.. ألديك صك بان تبلغ سن المشيب.. ألديك وعد بانك ستعيش وتبلغ من العمر ما بلغ أبوك وجدك..
اللهم اصلح شبابنا و شاباتنا يا رب
اللهم اصلح شبابنا و شاباتنا يا رب
بار الله فيك
وجزاك خير الجزاء
اللهما اهدي امة محمد عليه صلاة وسلام
وارشد شبابنا للتي هي احسن
بارك الله فيك
جزاكما الله خيرا اختاي نور و ملاك
اسعدني مروركما
اللهم إنّا نسألك الجنة وما يقرب إليها من قول أو عمل آمين
جزاك الله خيرا على هذه الرسالة الرائعة الموجّهة إلى قلوب الشباب للتوبة
بصدقأثابك الله ونفع بك وجزيت الفردوس الأعلى يا رب
اللهم انّا نسألك الإخلاص في أداء الطاعات فلا تحرمنا لذّة العبادة في التقرب إليك
اللهم إنّا نسألك الجنة وما يقرب إليها من قول أو عمل آمين
جزاك الله خيرا على هذه الرسالة الرائعة الموجّهة إلى قلوب الشباب للتوبة بصدق
أثابك الله ونفع بك وجزيت الفردوس الأعلى يا رب
|
اللهم اميـــــــــن شكرا لك اخي الغالي و اثابنا الله واياكم الفردوس
بارك الله فيك و جعله الله في ميزان حسناتك