مشكلة : السؤال و المشكلة
المقالة الأولى :
نص السؤال : هل لكل سؤال جواب بالضرورة ؟
الإجابة النموذجية : الطريقة الجدلية
طرح المشكلة : ماهي الحالةالتي يتعذر فيه الجواب عن بعض الأسئلة ؟ أو هل هناك أسئلة تبقى من دون الأجوبة ؟
محاولة حل المشكلة:
الأطروحة: هو الموقف الذي يقولأن لكل سؤال جواب بالضرورة
الحجج : لأن الأسئلة المبتذلة والمكتسبةوالعملية تمتلك هذه الخصوصية ذكر الأمثلة ( الأسئلة اليومية للإنسان ) ( كل شيءيتعلمه الإنسان من المدرسة ) ( أسئلة البيع والشراء وما تطلبه من ذكاء وشطارة )
النقد : لكن هناك أسئلة يتعذر و يستعصي الإجابة عنها لكونهاتفلت منه .
نقيض الأطروحة : هو الموقف الذي يقول أنه ليس لكل سؤال جواببالضرورة
الحجج: لأن هناك صنف أخر من الأسئلة لا يجد لها المفكرينوالعلماء و الفلاسفة حلا مقنعا وذلك في صنف الأسئلة الانفعالية ( الأسئلة العلمية ،الأسئلة الفلسفية ) التي تجعل الإنسان حائرا مندهشا أمام بحر من تساؤلات الحياةوالكون ،و ما تحمله من صور الخير والشر ، ولذة و ألم ، وشقاء ، وسعادة ، ومصير … وغيرها من الأسئلة التي تنبثق من صميم وجودنا وتعبر عنه في وضعيات مستعصية حولمسألة الأخلاق فلسفيا أو حول مسألة الاستنساخ علميا أو في وضعيات متناقضة محيرة مثلمسألتي الحتمية المناقضة لمسألة الحرية أحرجت الفكر الفلسفي طويلا .كما توجد مسائلمغلقة لم تجد لها المعرفتين ( الفلسفية ، العلمية ) مثل مسألة من الأسبق الدجاجة أمالبيضة ..إلخ أو الانغلاق الذي يحمله في طياته كل من مفهوم الديمقراطية واللاديمقراطية هذه كلها مسائل لا تزال من دون جواب رغم ما حققه العلم من تطور وماكسبه من تقنيات ووسائل ضخمة ودقيقة .. ومهما بلغت الفلسفة من إجابات جمة حولمباحثها .
النقد: لكن هذا لا يعني أن السؤال يخلوا من جواب فلقد استطاعالإنسان أن يجيب على العديد من الأسئلة لقد كان يخشى الرعد والفيضان والنار واليوملم يصبحوا إلا ظواهر .
التركيب: من خلال هذا التناقض بينالأطروحتين ؛ نجد أنه يمكن حصر الأسئلة في صنفين فمنها بسيطة الجواب وسهلة ، أيمعروفة لدى العامة من الناس فمثلا أنا كطالب كنت عاميا من قبل أخلط بين الأسئلة ؛لكني تعلمت أنني كنت أعرف نوع واحد منها وأتعامل معها في حياتي اليومية والعملية ،كما أنني تعرفت على طبيعة الأسئلة المستعصية التي يستحيل الوصول فيها إلى جواب كافومقنع لها ، وهذه الأسئلة مناط اهتمام الفلاسفة بها ، لذلك يقول كارل ياسبرس : " تكمن قيمة الفلسفة من خلال طرح تساؤلاتها و ليس في الإجابة عنها " .
حل المشكلة : نستطيع القول في الأخير ، إن لكل سؤال جواب ، لكنهناك حالات يعسر فيها جواب ، أو يعلق بين الإثبات والنفي عندئذ نقول : " إن السؤالينتظر جوابا ، بعد أن أحدث نوعا من الإحراج النفسي والعقلي معا ، وربما من باب فضولالفلاسفة والعلماء الاهتمام بالسؤال أكثر من جوابه ؛ قديما إلى يومنا هذا ، نظرالما يصنع من حيوية واستمرارية في البحث عن الحقيقة التي لا تنهي التساؤلات فيها .
المقالة الثانية :
نص السؤال : هل تقدم العلم سيعود سلبا على الفلسفة ؟
الإجابة النموذجية :الطريقة الجدلية
طرح المشكلة : فهل تقدم العلوم وانفصالها عن الفلسفة سوف يجعل منها مجرد بحث لا طائل وراءه ، أو بمعنى أخر ما الذي يبرر وجود الفلسفة بعد أن استحوذت العلوم الحديثة على مواضيعها .
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة: لا جدوى من الفلسفة بعد تطور العلم
الموقف: يذهب بعض الفلاسفة من أنصار النزعة العلمية ( أوجست كونت ، غوبلو ) أنه لم يعد للمعرفة الفلسفية دور في الحياة الإنسانية بعد ظهور وتطور العلم في العصر الحديث .
الحجج:
– لأنها بحث عبثي لا يصل إلى نتائج نهائية ، تتعدد فيه الإجابات المتناقضة ، بل نظرتها الميتافيزيقية تبعدها عن الدقة الموضوعية التي يتصف بها الخطاب العلمي هذا الذي جعل أوجست كنت يعتبرها حالة من الحالات الثلاث التي حان للفكر البشري أن يتخلص منها حتى يترك للمرحلة الوضعية وهي المرحلة العلمية ذاتها . وهذا الذي دفع غوبلو يقول : " المعرفة التي ليست معرفة علمية معرفة بل جهلا " .
النقد: لكن طبيعة الفلسفة تختلف عن طبيعة العلم ، فلا يمكن قياس النشاط الفلسفي بمقياس علمي ، كما أن الفلسفة تقدمت بتقدم العلم ، فالإنسان لم يكف عن التفلسف بل تحول من فلسفة إلى فلسفة أخرى .
نقيض الأطروحة : هناك من يبرر وجود الفلسفة رغم تطور العلم
الموقف : يذهب بعض الفلاسفة من أنصار الاتجاه الفلسفي ( ديكارت ، برغسون ، مارتن هيدجر ، كارل ياسبرس ) أن العلم لا يمكنه أن يحل محل الفلسفة فهي ضرورية .
الحجج : لأن الفلسفة تجيب عن تساؤلات لا يجيب عنها العلم . فهاهو كارل ياسبرس ينفي أن تصبح الفلسفة علما لأنه يعتبر العلم يهتم بالدراسات المتخصصة لأجزاء محددة من الوجود مثل المادة الحية والمادة الجامدة … إلخ . بينما الفلسفة تهتم بمسألة الوجود ككل ، وهو نفس الموقف نجده عند هيدجر الذي يرى أن الفلسفة موضوع مترامي الأطراف أما برغسون أن العلوم نسبية نفعية في جوهرها بينما الفلسفة تتعدى هذه الاعتبارات الخارجية للبحث عن المعرفة المطلقة للأشياء ، أي الأشياء في حد ذاتها . وقبل هذا وذاك كان ديكارت قد أكد على هذا الدور للفلسفة بل ربط مقياس تحضر أي أمة من الأمم بقدرة أناسها على تفلسف أحسن .
النقد: لكن الفلسفة باستمرارها في طرح مسائل مجردة لا تيسر حياة الإنسان مثلما يفعل العلم فإنها تفقد قيمتها ومكانتها وضرورتها . فحاجة الإنسان إلى الفلسفة مرتبطة بمدى معالجتها لمشاكله وهمومه اليومية .
التركيب : لكل من الفلسفة والعلم خصوصيات مميزة
لا ينبغي للإنسان أن يثق في قدرة العلم على حل كل مشاكله و الإجابة عن كل الأسئلة التي يطرحها و بالتالي يتخلى عن الفلسفة ، كما لا ينبغي له أن ينظر إلى العلم نظرة عجز وقصور عن فهم وتفسير الوجود الشامل ، بل ينبغي للإنسان أن يتمسك بالفلسفة والعلم معا . لأن كل منهما خصوصيات تميزه عن الأخر من حيث الموضوع والمنهج والهدف وفي هذا الصدد يقول المفكر الفرنسي لوي ألتو سير : " لكي تولد الفلسفة أو تتجدد نشأتها لا بد لها من وجود العلوم …"
حل المشكلة : وفي الأخير نخلص إلى أن الإنسان يعتمد في تكوين معرفته وتطوير حياته عن طريق الفلسفة والعلم معا فلا يوجد تعارض بينهما فإن كانت الفلسفة تطرح أسئلة فإن العلم يسعى سعيا للإجابة عنها ، ثم تقوم هي بدورها بفحص إجابات العلم و نقدها و. وهذا يدفع العلم إلى المزيد من البحث والرقي وهذا الذي دفع هيجل إلى قولته الشهيرة " إن العلوم كانت الأرضية التي قامت عليها الفلسفة ، وتجددت عبر العصور ".
المقالة الثالثة:
نص السؤال:يرى باسكال أن كل تهجم على الفلسفة هو في الحقيقة تفلسف .
الإجابة النموذجية : الطريقة جدلية
طرح المشكلة : لم يكن الخلاف الفلاسفة قائما حول ضرورة الفلسفة ما دامت مرتبطة بتفكير الإنسان ، وإنما كان قائما حول قيمتها والفائدة منها . فإذا كان هذا النمط من التفكير لا يمد الإنسان بمعارف يقينية و لا يساهم في تطوره على غرار العلم فما الفائدة منه ؟ وما جدواه؟ وهل يمكن الاستغناء عنه ؟
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة : الفلسفة بحث عقيم لا جدوى منه ، فهي لا تفيد الإنسان في شيء فلا معارف تقدمها و لا حقائق .
الحجج : لأنها مجرد تساؤلات لا تنتهي كثيرا ما تكون متناقضة وتعمل على التشكيل في بعض المعتقدات مما يفتح الباب لبروز الصراعات الفكرية كما هو الشأن في علم الكلام .
النقد : لكن هذا الموقف فيه جهل لحقيقة الفلسفة . فهي ليست علما بل وترفض أن تكون علما حتى تقدم معارف يقينية. وإنما هي تساؤل مستمر في الطبيعة وما وراءها و في الإنسان وأبعاده ، وقيمتها لا تكمن فيما تقدمه و إنما في النشاط الفكري الدؤوب الذي تتميز به ، أو ما يسمى بفعل التفلسف .
نقيض الأطروحة : الفلسفة ضرورية ورفضها يعتبر في حد ذاته فلسفة
الحجج : لأن التفلسف مرتبط بتفكير الإنسان والاستغناء عنه يعني الاستغناء عن التفكير وهذا غير ممكن .ثم إن الذين يشككون في قيمتها مطالبون بتقديم الأدلة على ذلك ، والرأي و الدليل هو التفلسف بعينه . ثم إن الذين يطعنون فيها يجهلون حقيقتها ، فالفلسفة كتفكير كثيرا ما ساهم في تغيير أوضاع الإنسان من خلال البحث عن الأفضل دائما ، فقد تغير وضع المجتمع الفرنسي مثلا بفضل أفكار جون جاك روسو عن الديمقراطية . وقامت الثورة البلشفية في روسيا على خلفية أفكار فلسفية لكارل ماركس عن الاشتراكية ، وبتن الولايات المتحدة الأمريكية سياستها كلها عن أفكار فلسفية لجون ديوي عن البراغماتية .
النقد : لكن الأبحاث الفلسفية مهما كانت فإنها تبقى نظرية بعيدة عن الواقع الملموس ولا يمكن ترجمتها إلى وسائل مادية مثل ما يعمله العلم .
التركيب : إن قيمة الفلسفة ليست في نتائجها والتي هي متجددة باستمرار لأن غايتها في الحقيقة مطلقة . وإنما تكمن في الأسئلة التي تطرحها ، و في ممارسة فعل التفلسف الذي يحرك النشاط الفكري عند الإنسان. وحتى الذين يشككون في قيمتها مضطرين لاستعمالها من حيث لا يشعرون ، فهو يرفض شيئا وفي نفس الوقت يستعمله .
حل المشكلة : نعم إن كل رفض للفلسفة هو في حد ذاته تفلسف.
2 – الإشكالية :الفكر بين المبدأ و الواقع
مشكلة: انطباق الفكر مع الواقع
المقالة الرابعة :
نص السؤال :قارن بين عناصر الأطروحة التالية : " بالاستدلال الصوري والاستقرائي يتوصل إلى معرفة الحقائق "
الإجابة النموذجية : طريقة المقارنة
1 – طرح المشكلة : يسلك العقل الإنساني عمليات فكرية مختلفة في البحث عن المعرفة وفي طلب الحقيقة ومن بينها طريقة الاستدلال أهمها استخداما الاستدلال الصوري والاستدلال الاستقرائي.فأما الاستدلال الصوري (الاستنتاج) فيعتبر من أشيع صور الاستدلال وأكملها إنه في عرف المناطقة القدماء ينطلق من المبدأ إلى النتائج أو هو البرهان على " القضايا الجزئية بواسطة القضايا الكلية العامة ، باستخلاص الحقيقة الجزئية من الحقيقة الكلية العامة " ويدخل في هذا التعريف شكلا الاستنتاج الصوري أو الاستنتاج التحليلي والاستنتاج أو الرياضي ، أما الاستدلال الاستقرائي كما عرفه القدماء ، منهم أرسطو : " إقامة قضية عامة ليس عن طريق الاستنباط ، وإنما بالالتجاء إلى الأمثلة الجزئية التي يمكن فيها صدق تلك القضية العامة …" أما المحدثون فقد عرفوه " استنتاج قضية كلية من أكثر من قضيتين ، وبعبارة أخرى هو استخلاص القواعد العامة من الأحكام الجزئية ". فإذا كان العقل في بحثه يعتمد على هذين الاستدلالين فما علاقة كل منهما بالآخر في مساندة العقل على بلوغ الحقيقة ؟
2 – محاولة حل المشكلة :
كل من الاستدلال الصوري والاستقرائي منهجان عقليان يهدفان إلى بلوغ الحقيقة والوقوف على النتيجة بعد حركة فكرية هادفة ، كما أنهما نوعان من الاستدلال ينتقلا سويا من مقدمات وصولا إلى نتائج ، كما أن العقل في بنائه للقوانين العامة أو في استنباطه لما يترتب عنها من نتائج يتبع أساليب محددة في التفكير ويستند إلى مبادئ العقل .
ولكن هل وجود نقاط تشابه بينهما يمنع وجود اختلاف بينهما.
من خلال الوقوف على حقيقة كل من الاستدلال الصوري والاستدلال الاستقرائي سنجد أهم فرق بينهما في كون أن الاستدلال الاستقرائي ينطلق من أحكام كلية باتجاه أحكام جزئية ويتدرج نحو قوانينها العامة ، أما الاستدلال الصوري فينطلق من أحكام كلية باتجاه أحكام جزئية . فعملية الاستقراء تقوم على استنباط القوانين من استنطاق الوقائع ، أما عملية الاستنتاج فتقوم على انتقال الفكر من المبادئ إلى نتائجها بصورة عقلية بحتة . وقد بين ذلك برتراند راسل في قوله " يعرف الاستقراء بأنه سلوك فكري يسير من الخاص إلى العام ، في حين أن الاستنتاج هو السلوك الفكري العكسي الذي يذهب من العام إلى الخاص " هذا بالإضافة إلى كون نتائج الاستدلال الاستقرائي تستمد يقينها من الرجوع إلى التجربة أي تتطلب العودة إلى المدرك الحسي من أجل التحقق ، بينما نتائج الاستنتاج تستمد يقينها من علاقاتها بالمقدمات أي تفترض عدم التناقض بين النتائج والمقدمات .بالإضافة إلى ذلك نجد أن النتيجة في الاستدلال الصوري متضمنة منطقيا في المقدمات ، وأننا قد نصل إلى نتيجة كاذبة على الرغم من صدق المقدمات ، نجد على العكس من ذلك أن الاستدلال الاستقرائي يستهدف إلى الكشف عما هو جديد ، لأنه ليس مجرد تلخيص للملاحظات السابقة فقط ، بل إنه يمنحنا القدرة على التنبؤ.
لكن هل وجود نقاط الاختلاف هذه تمنع من وجود نقاط تداخل بينهما ؟
إن عملية الفصل بين الاستدلال الصوري والاستدلال الاستقرائي تبدو صعبة خاصة في الممارسة العملية ، فبالرغم من أننا ننساق عادة مع النظرة التي تميز بينهما باعتبارهما أسلوبين من الاستدلال .إلا أن هناك نظرة تبسيطية مثل الفيلسوف كارل بوبر الذي يرى إن العمل الاستقرائي العلمي يحتاج إلى استنباط منطقي ، يمكن من البحث عن الصورة المنطقية للنظرية ، ومقارنة نتائجها بالاتساق الداخلي وبغيرها من النظريات الأخرى .يقول بترا ند راسل: " إذا كان تفكير المجرب يتصرف عادة منطلقا من ملاحظة خاصة ، ليصعد شيئا فشيئا نحو مبادئ وقوانين عامة ، فهو يتصرف كذلك حتما منطلقا من نفس تلك القوانين العامة ، أو المبادئ ليتوجه نحو أحداث خاصة يستنتجها منطقيا من تلك المبادئ " وهذا يثبت التداخل الكبير بينهما باعتبار أن المقدمات هي في الأغلب أحكام استقرائية ويتجلى دور الاستدلال الصوري في عملية الاستدلال الاستقرائي في مرحلة وضع الفروض فبالاستدلال الصوري يكمل الاستدلال الاستقرائي في المراحل المتقدمة من عملية بناء المعرفة العلمية .
3 – حل المشكلة : إن العلاقة بين الاستدلال الصوري والاستقرائي هي علاقة تكامل إذ لا يمكن الفصل بينهما أو عزلهما عن بعضهما فالذهن ينتقل من الاستدلال الاستقرائي إلى الاستدلال الصوري و يرتد من الاستدلال الصوري إلى الاستدلال الاستقرائي بحثا عن المعرفة ويقو ل الدكتور محمود قاسم : " وهكذا يتبين لنا أن التفرقة بين هذين الأسلوبين من التفكير مصطنعة "ويقول بترا ند راسل " ويصعب كذلك الفصل بين الاستنتاج والاستقراء" و بناء على هذا فالفكر الاستدلالي يستند في طلبه للمعرفة إلى هذين الطريقين المتكاملين وبدونهما يتعذر بناء استدلال صحيح .
المقالة الخامسة :
نص السؤال : " ينبغي أن تكون الحتمية المطلقة أساسا للقوانين التي يتوصل إليها العلم " ما رأيك ؟
الإجابة النموذجية :الطريقة الجدلية
طرح المشكلة ***8592; إن الغاية من العلم هو الوصول إلى تفسير الظواهر تفسيرا صحيحا ، أي معرفة الأسباب القريبة التي تتحكم في الظواهر و أنه إذا تكرر نفس السبب فإنه سيؤدي حتما إلى نفس النتائج وقد اصطلح على تسميته من طرف العلماء بمبدأ الحتمية ؛ إلا أنه شكل محل خلاف بين الفلاسفة القرن 19 وفلاسفة القرن 20 فقد كان نظاما ثابتا يحكم كل الظواهر عند الفريق الأول ثم أفلتت بعض الظواهر عنه حسب الفريق الثاني بظهور مجال جديد سمي باللاحتمية فأي الفريقين على صواب أو بمعنى أخر :هل يمكن الاعتقاد بأن الحوادث الطبيعية تجري حسب نظام كلي دائم ؟ أم يمكن تجاوزه ؟
محاولة حل المشكلة***8592;
الأطروحة ***8592; يرى علماء ( الفيزياء الحديثة) وفلاسفة القرن التاسع عشر ( نيوتن ، كلود برنار ، لابلاس ، غوبلو ، بوانكاريه ) أن الحتمية مبدأ مطلق . فجميع ظواهر الكون سواء المادية منها أو البيولوجية تخضع لمبدأ إمكانية التنبؤ بها . ولقد أشار نيوتن في القاعدة الثانية من أسس تقدم البحث العلمي و الفلسفي : " يجب أن نعين قدر المستطاع لنفس الآثار الطبيعية نفس العلل " كما اعتبر بوانكاريه الحتمية مبدأ لا يمكن الاستغناء عنه في أي تفكير علمي أو غيره فهو يشبه إلى حد كبير البديهيات إذ يقول " إن العلم حتمي و ذلك بالبداهة " كما عبر عنها لابلاس عن مبدأ الحتمية أصدق تعبير عندما قال " يجب علينا أن نعتبر الحالة الراهنة للكون نتيجة لحالته السابقة ، وسببا في حالته التي تأتي من بعد ذلك مباشرة لحالته السابقة ، وسببا في حالته التي تأتي من بعد ذلك مباشرة "" وكلود برنار يضيف أن الحتمية ليس خاصة بالعلوم الفيزيائية وحدها فقط بل هي سارية المفعول حتى على علوم الإحياء . وأخيرا يذهب غوبلو إلى القول : بأن العالم متسق ، تجري حوادثه على نظام ثابت وأن نظام العالم كلي وعام فلا يشذ عنه في المكان حادث أو ظاهرة فالقانون العلمي هو إذن العلاقة الضرورية بين الظواهر الطبيعية "
الحجج ***8592; إن الطبيعة تخضع لنظام ثابت لا يقبل الشك أو الاحتمال لأنها غير مضطرة و معقدة وبالتالي فمبدأ الحتمية هو أساس بناء أي قانون علمي ورفضه هو إلغاء للعقل وللعلم معا .
النقد ***8592; لكن مع اقتراب القرن 19 من نهايته اصطدم التفسير الميكانيكي ببعض الصعوبات لم يتمكن من إيجاد حل لها مثلا : افتراض فيزياء نيوتن أن الظواهر الطبيعية مترابطة و متشابكة مما يقلل من فعالية ووسائل القياس عن تجزئتها إلى فرديات يمكن الحكم على كل واحد منها بمعزل عن الأخرى . ولن يكون صورة كاملة عن هذا العالم إلا إذا وصلت درجة القياس الذي حواسنا إلى درجة النهاية وهذا مستحيل .
نقيض الأطروحة ***8592; يرى علماء ( الفيزياء المعاصرة ) و فلاسفة القرن العشرين ( بلانك ، ادينجتون ، ديراك ، هيزنبرغ ) أن مبدأ الحتمية غير مطلق فهو لا يسود جميع الظواهر الطبيعية .
الحجج ***8592; لقد أدت الأبحاث التي قام بها علماء الفيزياء و الكيمياء على الأجسام الدقيقة ، الأجسام الميكروفيزيائية إلى نتائج غيرت الاعتقاد تغييرا جذريا . حيث ظهر ما يسمى باللاحتمية أو حساب الاحتمال وبذلك ظهر ما يسمى بأزمة الفيزياء المعاصرة و المقصود بهذه الأزمة ، أن العلماء الذين درسوا مجال العالم الأصغر أي الظواهر المتناهية في الصغر ، توصلوا إلى أن هذه الظواهر تخضع لللاحتمية وليس للحتمية ورأى كل من ادينجتون و ديراك أن الدفاع عن مبدأ الحتمية بات مستحيلا ، وكلاهما يرى أن العالم المتناهي في الصغر عالم الميكروفيزياء خاضع لمبدأ الإمكان و الحرية و الاختيار . ومعنى هذا أنه لا يمكن التنبؤ بهذه الظواهر ونفس الشيء بالنسبة لبعض ظواهر العالم الأكبر (الماكروفيزياء ) مثل الزلازل . وقد توصل هايزنبرغ عام 1926 إلى أن قياس حركة الإلكترون أمر صعب للغاية ، واكتفى فقط بحساب احتمالات الخطأ المرتكب في التوقع أو ما يسمى بعلائق الارتياب حيث وضع القوانين التالية :
***8592; كلما دق قياس موقع الجسم غيرت هذه الدقة كمية حركته .
***8592; كلما دق قياس حركته التبس موقعه .
***8592; يمتنع أن يقاس موقع الجسم وكمية حركته معا قياسا دقيقا ، أي يصعب معرفة موقعه وسرعته في زمن لاحق .
إذا هذه الحقائق غيرت المفهوم التوليدي حيث أصبح العلماء الفيزيائيون يتكلمون بلغة الاحتمال و عندئذ أصبحت الحتمية فرضية علمية ، ولم تعد مبدأ علميا مطلقا يفسر جميع الظواهر .
نقد ***8592; لكن رغم أن النتائج و البحوث العلمية أثبتت أن عالم الميكروفيزياء يخضع لللاحتمية وحساب الاحتمال فإن ذلك مرتبط بمستوى التقنية المستعملة لحد الآن . فقد تتطور التقنية و عندئذ في الإمكان تحديد موقع وسرعة الجسم في آن واحد .
التركيب ***8592; ذهب بعض العلماء أصحاب الرأي المعتدل على أن مبدأ الحتمية نسبي و يبقى قاعدة أساسية للعلم ، فقد طبق الاحتمال في العلوم الطبيعية و البيولوجية وتمكن العلماء من ضبط ظواهر متناهية في الصغر واستخرجوا قوانين حتمية في مجال الذرة و الوراثة ، ولقد ذهب لانجفان إلى القول " و إنما تهدم فكرة القوانين الصارمة الأكيدة أي تهدم المذهب التقليدي "
حل المشكلة ***8592; ومنه يمكن القول أن كل من الحتمية المطلقة والحتمية النسبية يهدفان إلى تحقيق نتائج علمية كما أن المبدأين يمثلان روح الثورة العلمية المعاصرة ، كما يتناسب هذا مع الفطرة الإنسانية التي تتطلع إلى المزيد من المعرفة ، وواضح أن مبدأ الحتمية المطلق يقودنا على الصرامة وغلق الباب الشك و التأويل لأن هذه العناصر مضرة للعلم ، وفي الجهة المقابلة نجد مبدأ الحتمية النسبي يحث على الحذر و الابتعاد عن الثقة المفرطة في ثباتها ، لكن من جهة المبدأ العام فإنه يجب علينا أن نعتبر كل نشاط علمي هو سعي نحو الحتمية فباشلار مثلا يعتبر بأن مبدأ اللاتعيين في الفيزياء المجهرية ليس نفيا للحتمية ، وفي هذا الصدد نرى بضرورة بقاء مبدأ الحتمية المطلق قائم في العقلية العلمية حتى وإن كانت بعض النتائج المتحصل عليها أحيانا تخضع لمبدأ حساب الاحتمالات .