التصنيفات
أخبار قطاع التربية و التعليم

تطور المنظومة التربوية الجزائرية

تطور المنظومة التربوية الجزائرية


الونشريس

تطور المنظومة التربوية الجزائرية

نظرة موجزة عن تطور المنظومة التربوية منذ 1962

تسلمت الجزائر المستقلة في سبتمبر 1962 نظاما تعليميا مهيكلا حسب الأهداف والغايات التي رسمها له النظام الاستعماري الفرنسي حتى يخدم مصالحه المختلفة والمتنوعة . وكانت ظروف هذا الاستلام صعبة للغاية إذا ما علمنا أن عدد التلاميذ الذين كانوا يزاولون الدراسة قبل سنة 1962 أي بالضبط في السنة الدراسية 16/62 لم يتجاوز 353358 تلميذا من بينه عدد ضئيل جدا من البنات ويقفز عدد الذين سجلوا في مطلع العام الدراسي 62/63 إلى 777636 تلميذا ومن بينهم عدد لا باس به من التلميذات . وهو عدد ضخم إذ يمثل نسبة تفوق 100% أي أكثر من ضعف العدد المسجل في السنة الدراسية 61/62 ، وهو عدد يفوق ما يمكن لدولة الفتية أن توفر له ما يلزمه من إمكانيات مادية وبشرية ، فقد غادر الجزائر صبيحة الاستقلال معظم المعلمين الفرنسيين إذ لم نقل كلهم ولم يبق من سلك التعليم إلا المعلمون الجزائريون وعددهم 2602 معلما إضافة إلى نحو 1000 معلم ذي أصل فرنسي ، بينما يحتاج هذا الدخول المدرسي الاستثنائي حسب التقديرات الرسمية إلى نحو 20000 معلم على أقل تقدير .
وللمواقف الاستثنائية حلول استثنائية ولذا لجأت الحكومة إلى إجراءين إثنين :
1 ـ التوظيف المباشر والذي كان في شكل تعبئة وطنية يخص كل من يتوفر على مستوى مقبول من التعلم باللغة العربية أو الفرنسية .
2 ـ اللجوء إلى البلدان الشقيقة وإلى فرنسا ذاتها في شكل تعاون ثقافي .
وأسفر الإجراء الأول على تجنيد 6695 معلما جزائريا من مستويات علمية مختلفة أغلبها يحوم حول شهادة التعليم المتوسط في أحسن الظروف .
ونتج عن الإجراء الثاني أن حصلت الجزائر على 7691 معلما فرنسيا يتوزعون كالتالي :
2600 مدرس و5091 معلما مساعدا كانوا في الأغلب يعلمون بالجزائر وغادروها بعد الاستقلال وأغلبهم كان قد وظف تطبيقا للمخطط التعليمي الخاص الذي انطلق العمل به في الخمسينات وخاصة إبان سنوات الثورة التحريرية الكبرى (مرسوم 17/08/1956) .
وغطيت البقية الباقية من الاحتياج بمعلمين من البلدان العربية الشقيقة مشرقا ومغربا وكان العدد يتراوح ما بين 2000 و 2500 .
وسار الموسم الدراسي الجديد والأول من نوعه بصعوبة كبرى ، فلم تغط بعض المناصب إلا في الفصل الثاني ورغم ذلك فقد بقيت مناصب عديدة غير مشغولة مما اضطر مديري المؤسسات إلى استعمال نظم بيداغوجية خاصة مثل تخفيف الساعات المقررة أو تجميع الأفواج في فوج واحد والتناوب على الحجرة الدراسية الواحدة مرات عديدة في اليوم أو تناوب المعلم الواحد على أفواج متعددة .
هذا من حيث الموارد البشرية أما من حيث هياكل الاستقبال فإن الحالة كانت خطيرة والحاجة كانت تتمثل في قلة عدد الحجرات التي كانت قائمة مما حدا بالمسؤولين إلى استعمال كل الإمكانيات مهما كانت فاستعملت المراكز العسكرية وأماكن المحتشدات والثكنات العسكرية والسكنات المدرسية والمحلات التجارية وحتى المساجد في بعض الجهات . ورغم هذا فإن الوضعية في المراكز الكبرى التي نزح إليها السكان الريفيون بكثرة والمشردون واللاجئون العائدون لم يستقر بها الحال كما يجب .
أما من حيث البرامج والمواقيت فإن السلطات التعليمية اضطرت إلى الإبقاء مؤقتا على الوضع السائد قبلا للتكفل بالأولويات الأساسية مثل توفير المعلمين والحجرات وتسجيل جميع الأطفال الذين تقدموا للمدرسة وأنشأت الوزارة لجنة تكفلت بإعادة النظر في البرامج والمواقيت والمواد ولغة التعليم في بعضها .
ولا ننسى أن الوزارة وزارة فتية لم تنشأ إلا في سنة 1962 بموجب المرسوم المؤسس للحكومة الأولى في عهد الاستقلال المؤرخ في 27/09/1962 الذي يحمل رقم 01/62 وأن من جملة انشغالاتها كذلك هو هيكلة نفسها وتنظيمها وتلبية الحاجات الملحة على المستويات القاعدية وسن القوانين التي تنظم التعليم بصفة عامة وإنشاء بعض اللجان المختصة والمعاهد المتخصصة مثل المعهد التربوي الوطني واستصلاح الوظيفة التعليمية وإنشاء أسلاك جديدة فرضتها الظروف الاستثنائية مثل إطار الممرنين وأعمال ووظائف أخرى لا يتسع الوقت للتعرض لها .
ولا غرو أن الانشغال الأكبر للوزارة كان المردود التعليمي وسد الحاجات الأساسية من هياكل استقبال وموارد بشرية وتكوين هذه الجحافل من المعلمين الذين كان مستواهم الثقافي والتكويني غير كاف لسد الحاجة إذ أن أغلبهم من المساعدين ومن الممرنين خاصة وحتى أن بعض الفئات من المتعاونين الوافدين خاصة من بلدان المشرق يحتاجون هم الآخرون إلى تكوين . وكان لزاما على الوزارة إذن أن تتولى تكوينهم وتثقيفهم فبادرت إلى إنشاء إطار المستشارين البيداغوجيين والموازاة إنشاء المراكز الثقافية والمهنية في 06/10/1964 والتي وظيفتها الأساسية هي التكفل بتكوين الممرنين بواسطة دروس مسائية وبالمراسلة وفي روشات صيفية لتؤهلهم إلى الارتقاء إلى مستويات التعليم مثل درجة مساعد أو مدرس .
هيكلة التعليم :
إن هيكلة التعليم أبقت على ما كانت عليه في الفترة الاستعمارية وتنقسم إلى مرحلتين إثنتين هما :
المرحلة الابتدائية .
المرحلة الثانوية التي كانت بدورها تشمل الطور الأول من التعليم الثانوي ، وتوازي مرحلة التعليم المتوسط الذي أحدث فيما بعد في 1971 ، والطور الثاني من التعليم الثانوي وهو ما يوازي التعليم الثانوي بسنواته الثلاث .
التعليم الابتدائي :
تشمل المرحلة الابتدائية ست سنوات تضاف لها أحيانا على مستوى بعض المدارس سنة سابعة تدعى سنة انتهاء الدروس . وهو مقسم إلى ثلاث إلى ثلاث درجات :
الأقسام التحضيرية و بها سنتان .
الأقسام الابتدائية و بها سنتان .
الأقسام المتوسطة و بها سنتان .
يمكن أن ينتقل التلميذ من الابتدائي إلى الطور الأول من التعليم الثانوي بشرطين ، المستوى التعليمي والسن فيجتاز امتحان التأهيل للدخول إلى السنة السادسة .
التعليم الثانوي :
يشمل التعليم الثانوي سبع سنوات بترتيب تنازلي من النهائية وهي سنة التأهيل للقسم الثاني من شهادة البكالوريا ثم على التوالي السنوات : الأولى ثم الثانية وهذه سنوات الطور الثاني من التعليم الثانوي ثم الثالثة فالرابعة فالخامسة فالسادسة وهي سنوات أربع تشكل الطور الأول من التعليم الثانوي (المتوسط)
والسنة السادسة هي السنة الأولى إذن من سنوات التعليم الثانوي وما زالت هذه التسمية مستعملة بعد أن ألغيت في تعديل 1971 .
تتوج الدراسة في هذا الطور الأول بشهادة بروفي التعليم بالطور الأول التي ألغيت في سنة 1966 بمرسوم 38/66 مؤرخ في 11/02/66 وعوضت بشهادة التعليم العام beg .
ويمكن أن ينتقل التلميذ من الطور الأول إلى الطور الثاني من التعليم الثانوي أو الانتقال من الثالثة إلى الثانية وهي أول سنة من سنوات التعليم الثانوي الثلاث بحصوله على رتبة ممتازة في الترتيب على مستوى القطاع المغذي للثانوية وبموافقة مجلس الأساتذة
وفي نهاية السنة الأولى يترشح التلاميذ إلى القسم الأول من شهادة البكالوريا وبعد النجاح فيه ينقل التلميذ إلى السنة النهائية التي يترشح منها في آخر السنة إلى القسم الثاني والنهائي لشهادة البكالوريا .
وبصدور المرسوم 495/63 الصادر في 31/12/63 ألغي العمل بالنظام الفرنسي لشهادة البكالوريا وأحدثت بكالوريا جزائرية يمتحن فيها التلميذ مرة واحدة في سنة واحدة امتحانات كتابية كلها .
وبقيت هذه الهيكلة للتعليم حتى سنة 1971 التي شهدت إصلاحات خاصة على مستوى التعليم المتوسط سابقا والذي كان يسمى قبل هذا الوقت بالتعليم التكميلي وكثيرا ما كان مستقلا عن التعليم الثانوي . وتأسست مؤسسة التعليم المتوسط بمقتضى مرسوم 188/71 الصادر في 30/06/71 وصار وصار منذ ذلك الحين ينقسم التعليم إلى ثلاث مراحل هي :
التعليم الابتدائي .
التعليم المتوسط .
التعليم الثانوي .
وأحدثت بعد ذلك بقليل شهادة التعليم المتوسط التي تلغي شهادة التعليم العام وتعوضها بمقتضى مرسوم 40/72 الصادر في 10/02/1972 .
ويستمر الحال بهذه الهيكلة إلى 1980 وهي السنة التي تطبق فيها المدرسة الأساسية ذات التسع سنوات المتعددة التقنيات ويزول التعليم المتوسط ويندمج في التعليم الأساسي ويعوض بالمرحلة الثالثة من التعليم الأساسي التي لا تشمل إلا على ثلاث سنوات فقط . ميزة التعليم الأساسي أنه يزيل عدة عقبات مثل عقبة الشعبتين (المعربة والمزوجة) وعقبة الامتحان الذي كان موجودا بين التعليم المتوسط وبين التعليم الابتدائي .
ثم في العشرية الأخيرة أدخلت إصلاحات على المنظومة التربوية حيث شرع في تطبيقه بداية من الموسم الدراسي 03/2004 في مرحلتي الابتدائي والمتوسط بتغيير في البرامج والمواقيت .
البرامج والمواقيت :
لقد شهدت المنظومة التربوية تذبذبات عديدة لانعدام سياسة واضحة ودقيقة وبعيدة المدى ومخططة بدقة . ولذا فإنه كثيرا ما تعثرت نتيجة الترقيعات وأول تعديل وقع هو ذاك الذي مس خاصة إدخال اللغة العربية في المنظومة الجزائرية فرسمت اللغة العربية في البرامج بنسبة سبع ساعات أسبوعيا في جميع الأقسام الابتدائية ومثلها تقريبا في التعليم التكميلي . وهذا بالنسبة للسنتين الدراسيتين 62/63 و 63/64 ثم ارتفعت نسبة اللغة العربية إلى عشر ساعات أسبوعيا ابتداء من السنة الدراسية 64/65 ثم عربت السنة الأولى من التعليم الابتدائي بمعدل خمس عشرة ساعة أسبوعيا وعربت السنة الثانية في السنة الموالية 65/66 مع الإبقاء على توقيت سبع ساعات في السنوات الأخرى من التعليمين الابتدائي والتكميلي . ونشير كذلك بالمناسبة إلى تعريب شامل للمواد التالية بمختلف سنوات التعليم الابتدائي والتكميلي والثانوي وهي : التاريخ والجغرافيا والأخلاق في جميع المستويات والفلسفة في التعليم الثانوي.
وصار جميع التلاميذ يخضعون في مختلف المستويات والامتحانات إلى اختبار في اللغة العربية .
التوقيت الذي كان مطبقا من سنة 1965 إلى سنة 1971 :
السنة الأولى من التعليم الابتدائي 15 ساعة أسبوعيا .
السنة الثانية من التعليم الابتدائي 15 ساعة أسبوعيا .
السنتان الثالثة والرابعة من التعليم الابتدائي 25 ساعة أسبوعيا .
السنتان الخامسة والسادسة من التعليم الابتدائي 30 ساعة أسبوعيا .
مع الملاحظة أن أنشطة اللغة العربية وكذا التربية الخلقية والدينية والمدنية والأناشيد كانت تعلم باللغة العربية في السنوات الأربع الخيرة مما يعطي مجموعا من الساعات أسبوعيا باللغة العربية يساوي 10 ساعات وتبقى جميع المواد الأخرى تعلم باللغة الفرنسية إضافة إلى اللغة الفرنسية نفسها بمعدل يساوي 15 ساعة أسبوعيا في السنتين الثالثة والرابعة و20 ساعة في الخامسة والسادسة وفي التعديل الذي طرأ في سنة 1971 صار التوقيت كالتالي :
توقيت موحد في الابتدائي لجميع السنوات 24 ساعة أسبوعيا .
مع ملاحظة أن السنتين الأولى والثانية عربتا تماما . أما باقي السنوات فإن حصة اللغة العربية فيها هي كالتالي :
ـ السنتان الثالثة والرابعة 14 ساعة باللغة العربية و 10ساعات باللغة الفرنسية .
ـ السنتان الخامسة والسادسة فحسب أن تكون معربة أو مزدوجة كما كان يقال .
فالسنوات المعربة توقيتها : 15 ساعة باللغة العربية و 9ساعات باللغة الفرنسية .
والسنوات المزدوجة توقيتها 14 ساعة باللغة الفرنسية و10ساعات باللغة العربية .
والفرق بين الشعبتين في لغة تدريس مادتي الحساب والعلوم الطبيعية .
وطبقت نفس الإستراتيجية في التعليم المتوسط وذلك بخلق هذا النمط المزدوج من التعليم : شعب معربة وأخرى مزدوجة .
وقد أحدث هذا التنظيم شقاقا وصلت إلى حد العداوة بين تلاميذ الشعبتين حيث رأى المعربون إجحافا في حقهم لأن النظام أعطى للمزدوجين امتيازا كونهم يجدون الأبواب مفتوحة أمامهم على مصراعيها وبالمقابل فهي مغلقة في وجوه المعربين في التكوين بصفة عامة وفي التكوين العالي وفي التوجيه إلى الجامعة .
وتأتي المدرسة الأساسية لتقضي على التناقض الصارخ وعربت جميع المواد وفي جميع السنوات في مختلف مراحل التعليم وفي جميع الشعب وصار التوقيت موحدا بـ : 27 ساعة أسبوعيا في جميع سنوات الطورين الأول والثاني وما بين 32و33 ساعة في الطور الثالث وفي الثانوي بينما يصل التوقيت في التعليم التقني أحيانا في بعض الاختصاصات إلى 35 ساعة وبقيت اللغة الفرنسية تدرس كلغة لذاتها مثلها مثل بقية اللغات الأجنبية الأخرى .
المصدر: منتديات طموحنا – من قسم: السنة الأولى ثانوي




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.