الموسيقى في العصر الرومانتيكي
الموسيقى في العصر الرومانتيكي… التحليق!
كلمة "رومانتيكية" مشتقة من كلمة رومانس "Roamnce " أي رواية غرامية أو قصة خيالية، ولقد أطلق هذا الاسم على الإنتاج الفني الذي ولد في الفترة ما بين النصف الثاني من القرن الثامن عشر حتى نهاية القرن التاسع عشر تقريبا لما اتسمت به تلك الأعمال من الإفراط في العاطفية وسرحات الخيال البعيدة.
الموسيقى ما بين العصرين
ولما كان من العسير جدا وضع تعريف واضح موجز لسمات "الرومانتيكية" في الموسيقى فسنلجأ إلى المقارنة بين ما استحدثه وما أضافه هذا التيار الجديد، فالشكل "الكلاسيكي" مقفل محدد بينما هو في الأسلوب الرومانتيكي مفتوح ولا تبدو فيه الحدود واضحة.
أيضا فإن الأسلوب الكلاسيكي أقرب إلى الاتجاه العقلي والمنطق بينما يجنح الفن الرومانتيكي نحو آفاق الخيال الواسعة وباختصار فإن الفن الكلاسيكي يتميز بالوضوح في حين أن الفن الرومانتيكي يميل إلى الغموض.
ولقد تغير الأسلوب الموسيقي تغيراً أساسياً خلال القرن التاسع عشر نتيجة للتغيرات الكبيرة التي طرأت على المجتمع الأوروبي بسبب الأحداث السياسية والثورات الصناعية والعلمية التي حدثت في ذلك العصر.
ومن جهة أخرى لم تعد الموسيقى وقفا على الطبقة الأرستقراطية بل أصبحت تعتمد على الطبقات المتوسطة وعلى رخائها وازدهار تجارتها، ولكنها لم تصل بعد إلى الطبقة العاملة كما حدث في القرن العشرين فقد احتفظت الموسيقى بموقف وسط.
وأصبح الانتشار شرطا أساسيا لبقاء الموسيقى وفي هذا القرن ظهرت عدة عوامل ساعدت على تحقيق هذا الانتشار مثل الحفلات العامة وتأسيس الأوركسترات السيمفونية غير التابعة للأمراء والنبلاء وكذلك مجاميع الرباعيات وحفلات الغناء بأنواعه وعزف البيانو أو الآلات الأخرى وإنشاء دور الأوبرا العامة وإقامة مهرجانات الموسيقى كل هذا إلى جوار وسائل الانتقال الجديدة وصدور الجرائد اليومية التي كانت تخصص ساحات للنقد وما حدث من تحسينات في سرعة الاتصال بين الدول بواسطة البريد والتلغراف.
وترتب على ذلك ازدياد طباعة الكتب والمدونات الموسيقية وانتشار تعليم الموسيقى وإقبال الجماهير على الاستمتاع بالموسيقى والفنون عامة.
مشكلة الفن الهابط
على أن هذا الاتساع الكبير في الأنشطة الفنية كان له مساوئه وأخطاؤه، فكثيرا ما خضع الفن للتجارة واستغل من الناحية المادية أسوأ استغلال وترتب على ذلك هبوط المستوى وضياع الغاية.
وفي نهاية القرن التاسع عشر ظهرت موسيقية جماهيرية ملوثة بفساد الذوق وإلى قدر لم يسبق له مثيل من قبل، واتجه البعض بإنتاجهم نحو الآثار الحسية وإشباع الأذواق المبتذلة سعيا وراء الكسب المادي.
وعلى الرغم من كل هذه المساوئ فقد بلغ تقديم الموسيقى الرفيعة الجادة للجماهير نجاحاً لم يسبق له مثيل إذ تخصص عازفون بارعون في تقديم مؤلفات كبار الأعلام "للبيانو" أو "للفيولينة" إلى جانب العديد من مغني الأوبرا ممن حباهم الله بصوت جميل.
وهكذا شاعت معرفة التراث الموسيقي الذي تجمع خلال قرون ولم تعد معرفته قاصرة على دائرة من الهواة أو المحترفين.
ومن جهة أخرى فقد كان لعلم البحث العلمي الموسيقي Musicology”" دور هام في التنقيب في المؤلفات الضائعة أو المنسية وتفسيرها وتقييمها وفي كتابة تاريخ الموسيقى كما ازدادت أهمية النقد الموسيقي وأصبح للناقد وكاتب المقال في الجريدة قوة لا يستهان بها في توجيه الجماهير.
وكما سبق وذكرنا أن الموسيقى في العصر الكلاسيكي كانت خاضعة تماما لرعاية طبقة النبلاء أما في القرن التاسع عشر فلم تعد مهمة الموسيقي مقصورة على الترفيه عن عائلات الأمراء وسكان القصور بل أصبحت في رعاية الطبقة المتوسطة التي كانت قد نهضت اجتماعيا وثقافيا بفضل الثورة الفرنسية التي أثرت في العالم كله وكانت ثورة ضد الطغيان الإقطاعي لصالح الطبقات المتوسطة والدنيا.
وتعتبر الحركة الرومانتيكية من نتائج ظهور هذه الطبقة البورجوازية الجديدة، فكانت الموسيقى الرومانتيكية أوضح تعبيراً عن انفعالات الإنسان مع آلامه وأفراحه وتحتوي على عناصر درامية تهدف إلى التعبير عن الحياة بحلوها ومرها وأصبح دورها إنسانيا بعد أن كان في العصر الكلاسيكي جوهرا موسيقياً بحتاً.
ولعل ارتباط الحركة الرومانتيكية بالبيانو لم يأت بمحض الصدفة فلم يكن في استطاعة آية آلة أخرى القدرة على التعبير عن الموسيقى العاطفية التي كتبها مؤلفو ذلك العصر بمثل الروعة التي يحققها استعمال البيانو، فلم تكن الآلات الأخرى بأصواتها الشحيحة وألوانها الباهتة صالحة لأداء موسيقى العصر الرومانتيكي إذا قورنت مع صوت البيانو بعد أن أصبحت الأصوات أو مضاعفة قوتها ورنينها بواسطة دواسات أو بدالات البيانو وكان هذا الرنين بالذات مناسبا وروح الموسيقى للعصر الرومانتيكي ومن جهة أخرى فإن المفعول الذي تحدثه هذه الدواسات هي التي أوحت بالاسم الذي أطلق على هذه الآلة فالكلمة الإيطالية "FORTE" معناها صوت قوي و"piano" معناها صوت منخفض وهكذا سميت هذه الآلة "فورتي بيانو" و"forte Paino " وتختصر إلى بيانو.
علاقة الطغيان والخيال
وربما كانت الأحداث السياسية التي سببها طغيان نابليون بونابرت هي التي أوجدت عند الفنانين الرومانتيكيين ذلك الميل إلى اللجوء إلى عالم الخيال والعاطفة وفي هذا الوقت أيضا اشتعل كفاح اليونانيين للتخلص من الحكم التركي وكذلك قامت ثورة البولنديين ضد الاحتلال الروسي لبلادهم ووفرة من الأحداث المثيرة الأخرى.
وفي العصر الرومانتيكي اهتم المؤلفون بابتكار تركيبات صوتية من شأنها أن تصور الضوء الساطع البراق كالنهار أو الظلام الدامس كالليل وما بينهما من فجر وغسق.
وفي العصر الرومانتيكي أصبحت الموسيقى مرادفة لكلمة الشاعرية فقد كان من أهم أهداف موسيقى ذلك العصر أن تصعد بالمستمع إلى عالم الخيال الفسيح وإثارة رغبة التأمل داخله.
وفي عالم الموسيقى الرحب يندر مصادفة ألحان لها قدرة على إثارة أقوى العواطف أو إسالة الدموع أو بعض البهجة والانشراح مثل ما نجد في أعمال مؤلفي العصر الرومانتيكي.
أبرز المؤلفين في ذلك العصر:
لودفيج فان بيتهوفن 1770-1827 Ludwig Van Beethoven
ولد بيتهوفن في مدينة "بون" الألمانية، وكان والده قاسيا يجبره على التدريب على عزف البيانو ساعات طويلة دون رحمة ويضربه إذا توقف وكانت طفولته تعيسة ولما بلغ السادسة قدمه في حفلة ليعزف منفردا وفي الثانية عشرة التحق بالعمل مع صديق لوالده كان عازفا في البلاط القيصري فاكتسب خبرة كبيرة في العزف والغناء.
ولما بلغ السابعة عشرة انتقل إلى فيينا والتقى بموتسارت وأخذ منه بعض الدروس في التأليف ولفتت عبقريته نظر موتسارت فقال لأصدقائه: "التفتوا إلى هذا الشاب فسوف يحدث ضجة في عالم الموسيقى".
وفي هذه الفترة توفيت والدته فعاد إلى بون، ولما بلغ الثانية والعشرين انتقل إلى "فيينا" ثانية وتتلمذ على يد "هايدن"، إلا أن عبقريته كانت تفوق قدرات أساتذته دائمًا.
وأصبحت "فيينا" مقره الدائم، وبدأ صيته يذيع والتفت حوله مجموعة من الأصدقاء ذوي المكانة الرفيعة في المجتمع كما ارتبط بالشاعر والفيلسوف "جوته" بصداقة متينة، وبدأ الصمم يسري إلى سمعه وهو في نهاية العشرينات من عمره، وهو ما سبب له آلاماً نفسيه مبرحة. وسرعان ما برزت مواهبه كعازف ومؤلف وذاع صيته فرحبت به العائلات الأرستقراطية الكبيرة، ولكنها وضعته في منزلة الخدم كما كان بالنسبة "لهايدن"، و"موتسارت"، إلا أن "بيتهوفن" لم يقبل ذلك، فكان أول موسيقي يتمسك بتلك النزعة التحررية ويقف في وجه العادات القديمة الراسخة؛ وهو ما أدى إلى رفع منزلة الموسيقيين الألمان لا في زمانه فحسب بل بعد ذلك أيضًا، وهو ما زاد من جلال فن الموسيقى.
وكان بيتهوفن في شبابه ديمقراطيًا مقتنعًا بالنظام الجمهوري متحمسًا لشعار الثورة الفرنسية "الحرية" و"الإخاء"، و"المساواة" كما كان معجبًا إعجابًا فائقًا بنابليون حتى أهداه أحد مؤلفاته الرائعة سيمفونية "أرويكا"، ثم أصيب بصدمة عنيفة عندما وصلت الأنباء إلى فيينا بأن نابليون قد نصب نفسه إمبراطورًا على فرنسا، فمزق في ثورة غضب عنيفة ذلك الإهداء الذي كتبه على الصفحة الأولى من مخطوطة تلك السيمفونية.
ومن أشهر سيمفونياته الخامسة وقد وصفها بأنها "ضربات القدر"، وفيها يعلن انتصاره على مصاعب الحياة.
وسيمفونيته التاسعة "الكورال" التي استقرت 6 سنوات، ويعد الكونشرتو الخامس "الإمبراطوري" أعظم ما كتب للبيانو.
يوهان براهمز 1833 – 1897 HOHAN BRAHMS
أهم ما قيل عنه أنه استمرار لبيتهوفن أي أن السيمفونية الأولى لبراهمز يمكن اعتبارها السيمفونية العاشرة لبيتهوفن ولم يكن كالرومانتيكيين في نزواتهم العاطفية فقد كان يخشى أن تشغله المرأة عن فنه.
ولد يوهان براهمز في مدينة هامبورج بألمانيا وكان والده عازف "كونترباص" في أوركسترا الأوبرا بها.
تعلم العزف على البيانو من صغره، وكان في شبابه يساعد العائلة بالعزف في المقاهي وحفلات الرقص ولكنه لم ينقطع عن دراسة النظريات والعلوم الموسيقية.
ولما بلغ العشرين كانت موهبته كعازف بيانو قد نضجت فقرر أن يقوم بجولة في مختلف مدن ألمانيا يعزف منفردًا في الحفلات.
وفي عام 1859 قدم كونشرتو البيانو الأول واختلفت حوله الآراء كثيرًا وبعد فترة انتقل إلى سويسرا حيث أقام سنتين ووجد ناشرًا لمؤلفاته وطلبة عديدة له.
وفي عام 1862 عاد إلى فيينا ليستقر فيها نهائيًا بعد أن قدم كثيرًا من أعماله وتوطد مركزه الموسيقي.
كان براهمز إنسانًا بسيطًا لا يسعى وراء الدعاية لنفسه أو لأعماله يحب الطبيعة ويحب مجالسة الأصدقاء ولكن على شرط ألا يشغلوا وقته عن التأمل والتفكير فيما يكتب.
ولا تثير مؤلفات براهمز الإعجاب من أول مرة – ولكنها من النوع الذي كلما ازداد الاستماع إليها ازداد فهمها وبالتالي الإعجاب بها.
وأهم مؤلفاته تشمل على أعمال للكورال والأصوات المنفردة والأوركسترا التي كتبها على أشعار وقصائد كل من "شيللر" و"جوته"، و4 سيمفونيات و2 كونشرتو للبيانو والأوركسترا بالإضافة إلى 190 أغنية وسبعة مجلدات من الأغاني الشعبية الألمانية التي أعاد صياغتها. وفي عام 1897 تُوفي براهمز بسرطان الكبد بعد صراع مرير ضد هذا المرض.
رد: الموسيقى في العصر الرومانتيكي
***1605;***1588;***1603;***1608;***1585; ***1571;***1582;***1610; ***1593;***1604;***1609; ***1575;***1604;***1605;***1593;***1604;***1608;***1605;***1575;***1578;
رد: الموسيقى في العصر الرومانتيكي
شكرا لكم عل كل شيئ
رد: الموسيقى في العصر الرومانتيكي
بسم الله الرحمن الرحيم
بوركتم على الموضوع القيم
رد: الموسيقى في العصر الرومانتيكي
شكرا علي المعلومات والمقارنة الجميلة
رد: الموسيقى في العصر الرومانتيكي
شكرا جزيلا …………………
رد: الموسيقى في العصر الرومانتيكي
بارك الله فيك على المعلومات…
رد: الموسيقى في العصر الرومانتيكي
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااا