لقد شاء الله تعالى ان تكون معجزة محمد صلى الله عليه وسلم نمطا مخالفا لمعجزات الرسل, وقد كان قادرا على ان ينزل معجزة حسية تذهل من يراهاان نشأ ننزل عليهم من السماء اية فظلت اعناقهم لها خاضعين).
فلو شاء الله تعالى لانزل من السماء اية قاهرة لايملكون معها جدالا.ولا انصرافا عن ايمان. ويصور خضوعهم لهذه الاية في صورة حسية فظلت اعناقهم لها خاضعين) ملوية منحنية. حتى لكأن هذه هيئة لهم لاتفارقهم.فهم عليها مقيمون. ولكنه سبحانه وتعالى شاء ان يجعل معجزة هذه الرسالة الخيرة غير قاهرة. لقد جعل ايتها القران. منهاج حياة كاملة .معجزا في كل ناحية : معجزا في بنائه التعبيري.وتنسيقه الفني.باستقامته على خصائص واحدة. في مستوى واحد . لايختلف ولايتفاوت.ولا تتخلف خصائصه.كما هي الحال في اعمال البشر.اذ يبدوا الارتفاع والانخفاض والقوة والضعف في عمل الفرد الواحد.المتغير الحالات .بينما تستقيم خصائص هذه القران التعبيرية.على نسق واحد .ومستوى واحد.ثابت لا يتخلف . بدل على مصدره الذي لاتختلف عليه الاحوال.
معجزا في بنائه الفكري. وتناسق اجزائه وتاكملها.فلا فلتة فيه ولا مصادفة. كل توجيهاته وتشريعاته تلتقي وتتناسق وتتكامل. وتحيط بالحياة البشرية. وتستوعبها. وتلبها وتدفعها . دون ان تتعارض جزئية واحدة من ذلك المنهج الشامل الضخم مع جزئية اخرى ودون ان تصطدم واحدة منها بالفطرة الانسانية .اذ تقصر عن تلبيتها…وكلها مشدودة الى محور واحد. في اتساق لايمكن ان تفطن اليه خبرة الانسان المحدودة.ولابد ان تكون هناك خبرة مطلقة . غير مقيدة بقيود الزمان والمكان هي التي احاطت به هذه الاحاطة . ونظمته هذا التنظيم.
معجزا في يسر مداخله الى القلوب والنفوس. ولمس مفاتيحها وفتح مغاليقها.واستجاشة مواضيع التاثر والاستجابة فيها.وعلاجه لعقدها ومشكلاتها في بساطة ويسر عجيبين .وفي تربيتها وتصريفها وفق منهجه بايسر اللمسات .دون تعقيد ولا التواء ولا مغالطة.
لقد شاء الله تعالى ان يجعل هذا القران هو معجزة هذه الرسالة ولم يشا ان ينزل اية قاهرة مادية تلوي الاعناق وتخضعها وتضطرها الى التسليم ذلك ان هذه الرسالة الاخيرة مفتوحة الى الامم كلها . وللاجيال كلها. وليست رسالة مغلقة على اهل زمان او اهل مكان . فناسب ان تكون معجزتها مفتوحة كذلك للبعيد والقريب. لكل امة وجيل. والخوارق القاهرة لاتلوي الا اعناق من يشاهدونها. ثم تبقى بعد ذلك قصة تروى. لاواقعا يشهد….
فاما القران فها هو ذا بعد اكثر من ثلاثة عشر قرنا كتاب مفتوح ومنهج مرسوم. يستمد منه اهل هذا الزمان مايقوم حياتهم – لو هدوا الى اتخاذه امامهم- ويلبى حاجاتهم كاملة . ويقودهم بعدها الى عالم افضل .و افق اعلى . ومصير امثل . وسيجد فيه من بعدنا كثيرا مما لم نجده نحن . ذلك انه يعطى كل طالب بقدر حاجته . ويبقى رصيده لا ينفذ بل يتجدد
بارك الله فيك اخي على الطرح المميز
فقط اضافة:
ايد الله تعالى رسله بمعجزات كل حسب مميزات عصره
فأيد موسى عليه السلام بالعصى و شق البحر حيث انه في ذلك الزمان انتشر السحر و السحرة
و في عصر سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام تطور اللسان العربي و ازدهرت الفصاحة و الطلاقة و بهذا بعث تعالى القرآن الكريم معجزا في معانيه و بنائه التعبيري وتنسيقه الفني. و تحداهم ان يأتوا بآية مثله لكنهم فشلوا.
تقبل مروري