التصنيفات
طب الصيدلة Pharmaco

الدواء والاطفال -المقال الرابع

الدواء والاطفال -المقال الرابع


الونشريس

2) توزيع الجسم للدواء " Drug Distribution "

ان معرفة توزيع الجسم للدواء تعتبر نقطة مهمة لاختيار الدواء المعطى والجرعة االتي تعطى بها ذلك الدواء، و توزيع معظم الأدوية في الجسم يتأثر بعدة عوامل مختلفة ويكون مرتبطاً بالفترات العمرية للانسان، ومن هذه العوامل ما يتعلق بالدواء نفسه والمتمثلة بخصائصه الفيزيائية والكيميائية، اضافة الى درجة ارتباط الدواء بالبروتينات وحجم الجسم من السوائل والانسجة، معدل ضخ القلب، ومعدل جريان الدم الى مناطق الجسم المختلفة، ونفاذية الأغشية البيولوجية المختلفة للدواء . و توزيع الدواء في الجسم بعد امتصاصه من منطقة اعطائه يتم عن طريق الدورة الدموية من ثم يتم توزيع الدواء في الدم ومن المعروف أن حجم الدم عند الانسان البالغ متوسط العمر هو 6 لتر، وهذا لحجم يضخ عن طريق القلب الى جميع أجزاء الجسم كل دقيقة حاملاً معه الدواء الممتص .

تعبر جميع الأدوية تقريباً بسهولة الشعيرات الدموية حيث يتم انتقال بعضها الى خارج الحيز الوعائي القلبي والذي يطلق عليه ( Extracellular Space ) ، وأن الشعيرات الدموية – عدا تلك الموجودة في الدماغ – تقوم بعملية الترشيح (Filtration ) مقارنة بالأغشية الدهنية من حيث الخاصية النفاذية، فالأدوية التي يكون أوزانها الجزئية من 500 الى 600 تنفذ بسرعة من حيز النظام الوعائي القلبي (Vascular System ) الى حيز السائل الخارجي الذي تسبح فيه الخلايا (Interstitial Fluid Bathing the cells ) ، بعض سوائل الجسم يمكن ان تكون نوعاً ما غير قابلة لدخول الأدوية فيها من مجرى الدم، وهذه السوائل تشمل سائل الحبل الشوكي المخي (Cerebrospinal Fluid CSF ) وافرازات القصبات الهوائية ( Bromchial Secretions ) والسائل المحيط بالقلب ( Pericardial Fluid ) وسائل المنطقة الوسطى للأذن ( Middle Ear Fluid ) الا أن حدوث الالتهابات في أغشية هذه المناطق من الجسم تزيد من نفاذية الأدوية لها . (2)

يعتمد تركيز الدواء في سوائل الجسم أيضاً على درجة ارتباط الدواء في ذلك السائل، لذلك نجد بأن سوائل الحبل الشوكي المخي وسائل اللعاب تفتقر الى وجود البروتينات التي ترتبط بها الأدوية، ولذلك فان تركيز الأدوية فيها يكون قليلاً وأن تركيز الأدوية بشكل عام في السوائل الخارجية بالنسبة لسائل الجهاز الوعائي القلبي يكون قليلاً لأن تركيز بروتينات الألمبيومين فيها يكون أقل من تركيزه فيها البلازما .
أما التوزيع الخلوي للأدوية ( Cellular Distribution ) بمعنى انتقال الأدوية داخل الخلايا فهذا يعتمد على عوامل مختلفة تتفق مع العوامل التي تؤثر على امتصاص الأدوية عن طريق الجهاز الهضمي، ولهذا فان الأدوية قليلة الأوزان الجزئية ، والذوابة في الماء اضافة الى الكهارل ( electrolytes ) فانها تنفذ بسهولة عبر القنوات ( الثقوب ) المائية في جدار الخلية، في حين أن الأدوية الذوابة في الدهون تخترق الجدار الخلوي نفسه بينما الأدوية المتوسطة في الأوزان الجزئية ( من 50 فأكثر ) ، والذوابة في الماء لا تنفذ بسهولة داخل الخلية عن طريق الغشاء الخلوي الا اذا كان هناك آليات خاصة ( Special Trarsport Mechanisms ) .

أما فيما يتعلق بتوزيع الدواء في الجهاز العصبي المركزي ، فان الشعيرات الدموية الموجودة في الدماغ لها خاصية نفاذية تختلف عن باقي الشعيرات الموجودة في أجزاء الجسم الأخرى لكونها تمتلك طبقة خلوية تجعلها أقل نفاذية للمواد الذائبة في الماء . هذه الطبقة من الخلايا هي التي تعرف بالحاجز الدموي الدماغي (Blood-Brain Barrier ) ، وأن عبور الأدوية الى الدماغ يعتمد على درجة تأين ذلك الدواء في البلازما وعلى ذائبيته في الدهون. فمثلاً دواء مثل الثيوبنتال (Thiopental ) يصل الى الدماغ بسرعة بعد اعطائه مقارنة بدواء له درجة عالية في الذوبان في الماء مثل باربيتال (Barbital ) والذي يصل الى الجهاز العصبي المركزي بمعدل أقل مقارنة بالثيوبنتال . الا أنه في حالة الالتهابات التي تصيب الجهاز العصبي المركزي فان نفاذية الحاجز الدموي الدماغي للأدوية تزداد .

يعتبر جريان الدم ( Blood Flow ) أحد العوامل المهمة في تحديد مدى توزيع معظم الأدوية، كذلك نلاحظ ان التوزيع يتم بسرعة الى مناطق الكلى، الكبد ، القلب والدماغ بحكم أنها الأكثر تزويداً بالدم مقارنة باعضاء أخرى تزود بالدم بدرجة قليلة مثل العضلات الهيكلية ( Skeletal Muscle ) والأنسجة الدهنية (Adipose Tissue ) . (2)

وبعد هذه الملاحظة البسيطة عن توزيع الدواء في الجسم بشكل عام، سوف نتحدث عن أهم العوامل التي تؤثر على توزيع الدواء في أجسام الأطفال الرضع .

1) التطور التدريجي للارتباط البروتيني
" Developmental Aspects of Protein Binding "

ارتباط بروتينات البلازما بالأدوية يعتمد على الكمية المتوفرة للبروتينات التي ترتبط بالأدوية وعلى درجة الارتباط بين الدواء والبروتين ، وعلى عدد مناطق الارتباط المتوفرة في البروتينات ووجود حالات مرضية أو مركبات داخلية والتي ممكن ان تؤثر على درجة الارتباط ما بين البروتينات والدواء .

وارتباط الدواء بالبروتينات تؤثر على توزيع وطرح الدواء، وأن أهم بروتين موجود في الدم والذي يلعب دوراً أساسياً في الارتباط البروتيني الدوائي هو بروتين الألبيومين ( Albumine ) لأنه يشكل نصف مجموع بروتينات البلازما، وأنه يرتبط أساساً في الأدوية الحامضية الضعيفة والأدوية المتعادلة، أما الأدوية القاعدية الضعيفة (Weak Basic Drugs ) فترتبط ببروتين يسمى ( – Acid Glycoprotein ) أو ما يعرف بالأوروسوميوكويد (Orosomucoid ) والأدوية القاعدية مثل Lidocaine , Imipramine, Quinidine, Propranolol اضافة الى وجود بروتينات خاصة مثل (الجلوبيولين ) للارتباط بالهرمونات الأستروئيدية ، والثايكروسين ، وفيتامين ب2 ولكنها قليلة الأهمية في مجالنا هذا .
لقد وجد بأن قوة ارتباط الأدوية الحامضية بالألبيومين تزداد – كما هو الحال في مستويات بروتينات البلازما الأخرى – منذ الولادة وحتى فترة الطفولة المبكرة وأنها لاتصل الى درجة البالغين الا بعد 10-12 شهراً من عمر الطفل، اضافة الى ذلك وبالرغم من أن مستوى الألبيومين قد يصل الى مستوى البالغين بفترات قليلة بعد الولادة، الا أن مستوى الألبيومين في الدم يتناسب مع العمر الحملي والذي يعكس كلاً من الانتقال المشيمي ( Placental Transport ) والتضيع الجنيني (Fetal Synthesis) ، والدراسات التي أجريت لتوضح الاختلاف في درجات الارتباط ما بين الدواء والبروتينات في بلازما الأطفال حديثي والولادة وفي بلازما البالغين لوحظ فرق كبير ما بين تراكيز الأدوية غير المرتبطة ( الحرة ) في دم الأطفال حديثي الولادة مقارنة بالتراكيز عند البالغين لكثير من المجموعات الدوائية مثل مجموعة الأدوية ضد الصرع ( Phenytion, Phenobarbitone ) ومجموعة المضادات الحيوية ( Sulphonamides, Methicillin, Nitrofurantoin, Chloramphenicol ) وكذلك الأمر لمجموعات الأدوية التالية : المسكنات، المهدئات، الأدوية النفسية وغيرها . وان هذا الاختلاف ظل ملحوظاً حتى بعد تعديل الجرعة على أساس مستوى البروتينات وتركيز الدواء .

خلصت الدراسات لوضع أربع آليات لتفسير الاختلاف في ارتباط الدواء بالبروتينات عند حديثي الولادة وعند البالغين وهذه الآليات هي :- (7,4)

1 – ازاحة الدواء من مكان الارتباط عن طريق مادة البليروبين (Bilirubin ) في الدم.
2 – اختلاف في خصائص الارتباط بالألبيومين عند الأطفال والبالغين .
3 – اختلاف خصائص الارتباط لبروتينات الجلوبيولين ( Globulins ) .
4 – تدني خصائص الارتباط للألبيومين بسبب ارتباطه بالجلوبيولين في الأطفال حديثي الولادة .

ان مستويات البروتينات في بلازما الأطفال حديثي الولادة ، أقل منه عند البالغين فهناك انخفاض حاد في مستوى ( – Acid Glycoprotein ) وانخفاض في ارتباط الأدوية القاعدية بهذا البروتين اضافة الى انخفاض مستوى الألبيومين وقلة درجة الارتباط به عند الأطفال حديثي الولادة .

تأثير مركبات الجسم الداخلية على الارتباط البروتيني
Influence of Endogenous Substances on Protein Binding .

هناك العديد من المركبات داخل جسم الانسان – ونتكلم هنا عن الأطفال – التي تصنع داخل أجسامهم ترتبط – تماماً مثل الأدوية – ببروتينات البلازما، وارتباطها هذا يجعلها تحل محل الدواء فتطرد الدواء من مكان ارتباطه في البروتينات ليصبح ازدياد في مستوى الدم من الدواء الحر- وهو هذا الجزء من الدواء المسؤول عن الفعالية الدوائية – مما يتسبب ولو بشكل لحظي زيادة في كمية الدواء في الدم فوق الجرعة المطلوبة . حلول هذه المركبات محل الدواء في مناطق ارتباطه للبروتينات له أهميته السرية اذا كانت درجة ارتباط الدواء بالبروتين تعادل 80-90% اضافة الى أنه يجب أن يكون حجم توزيع الدواء قليلاً عادة أقل من 0.15 لتر/ كغم . تحت هذه الظروف فان مجموعة من الأحداث التالية يمكن أن تحدث جراء حلول المركبات داخل جسم الطفل بمناطق ارتباط الدواء بالبروتينات، تتمثل في زيادة كمية الدواء الحر في البلازما معطية أعلى تأثير دوائي ويكون عادة لحظي لأن طرد الدواء من مكانه يجعله عرضة للاستقلاب أو الاطراح . من هذه المركبات التي تحل محل الدواء في مناطق ارتباطه في البروتينات والتي تؤدي الى رفع مستواه في البلازما، تشمل الأحماض الدهنية الحرة ( FFAs )Free Fatty Acids والبليروبين .

فلقد لوحظ ارتباط متعاكس (Reversible Binding ) بالألبيومين، وأن هذه الأحماض الدهنية الحرة غير المؤسترة (Non-Esterified Fatty Acids ) توجد بكميات عالية نوعاً ما في بلازما الأطفال حديثي الولادة ، وأن بامكانها منافسة الأدوية على مناطق ارتباطها بالألبيومين، والدراسات بينت انخفاضاً حاداً في درجة ارتباط بعض الأدوية بالألبيومين مثل هذه الأدوية حمض الصفصاف (Salicylic Acid ) والفينيل بيوتازون ( Phenylbutazone ) والديكومارول (Dicoumarol ) والفينايتون (Phenytoin )، وأن جميع هذه الأدوية كان لها مستويات عالية من أجزائها الحرة والمسؤولة عن احداث الفعالية الدوائية .

وكما ذكرنا – فان حلول الحوامض الدهنية الحرة محل الأدوية في مناطق ارتباطها بالألبيومين يكون ذا أثر سريري يؤخذ به اذا كان الدواء له درجة ارتباط عالية بالألبيومين ( أكبر من 90% ) .

ولقد لوحظ ارتفاع الحوامض الدهنية الحرة في بلازما الأطفال حديثي الولادة في الحالات التالية :- (4)

1) حالة خمج الدم الناتجة عن بكتيريا سالبة الغرام ( G-ve Septicaemia ) ولم يلاحظ ارتفاعها في حالة خمج الدم الناتجة عن بكتيريا موجبة الغرام (G+ve Septicaemia) .

2) حالة تنبيه الجهاز العصبي الودي ( Sympathetic Stimulation ) وأن هذا الارتفاع يمكن السيطرة عليه باعطاء دواء بروبرانولولPropranolol قبل عملية التنبه .

أما بالنسبة لمادة البيلروبين ( Bilirubin ) فانها ترتبط بالألبيومين برابطة عكوسة حرة (Freely Reversible Association )، وأن درجة ارتباط البيليروبين بالألبيومين عند الأطفال حديثي الولادة تكون أقل مقارنة بدرجة الارتباط عند الكبار وأن درجة الارتباط هذه تزداد بتقدم العمر، لتصل الى حالتها الطبيعية مقارنة بالكبار عند الشهر الخامس من عمر الطفل .

وانخفاض درجة الارتباط عند الأطفال حديثي الولادة يعتقد بأن لها دوراً في اصابتهم بحالة اليرقان النووي ( Kernicterus ) وهي حالة من تآكل العقد العصبية القاعدية ( نوى الدماغ ) الموجودة في الحبل الشوكي والدماغ ناتجة عن ارتفاع مادة البليروبين في الدم، وحالات الوفاة ممكن أن تحدث في الأسبوع الأول، لكن الحالات غير المميته تكون قليلة الخطورة وقد يحدث أثناؤها حالات من الحركات المتكررة غير الإرادية مع تشنجات، اضافة الى امكانية حدوث قصور عقلي يظهر في وقت لاحق .

وهناك العديد من الأدوية التي تنافس وتحل محل البيليروبين في مناطق ارتباطه بالألبيومين وزيادة خطورة اصابة الأطفال باليرقان النووي، وقد حددت الدراسات العديد من هذه الأدوية وقاموا بوضع بعض المبادئ ذات الأهمية السريرية، ومن هذه المبادئ :- (4)

أ – الأدوية التي تعطى بجرعات قليلة مثل الهرمونات، ومقويات عضلة القلب والمدرات البولية القوية لا تعتبر خطرة لأن هناك كمية يجب أن يصل اليها الدم لتحل محل البليروبين في مناطق الارتباط الموجودة على الألبيومين .

ب- الأدوية موجبة التأين ( Cationic Drugs ) والمواد المتعادلة مثل مجموعة الأمينوجلايكوسايد ( Aminoglycosidse )، ومضاد الهستامين (Antihistamines )، والمخدرات العامة ( General Anesthetics ) ومجموعة البينزوديازبين (Benzodiazepines ) جميع هذه الأدوية لا ترتبط تنافسياً بمناطق ارتباط البليروبين على الألبيومين .

جـ- مجموعة السلفوناميد ( Sulphonamides ) لها تباين في تنافسها على مناطق ارتباط البليروبين الا أن ( Sulphadiazine ) هو الأضعف من بين هذه المجموعة في تنافس مع البليروبين ولهذا يمكن اعتباره مأموناً في نطاق الجرعات العادية له .

د – معظم الأدوية المسكنة للألام والأدوية غير الستروئيدية المضادة للالتهابات (Anti inflammatory Drugs ) لها قدرة عالية على ازاحة البليروبين من مناطق ارتباطه.

هـ- أعلى مقدار من الازاحة يلاحظ عند اعطاء بعض المواد المستخدمة لتصوير قنوات المرارة تصويراً اشعاعياً .

المرجع : الحنيطي، راتب : كتاب الادوية والرضاعة الطبيعية




رد: الدواء والاطفال -المقال الرابع

مشكورييييييييييييييين اخي على الموضوع




رد: الدواء والاطفال -المقال الرابع

شكرا لك اخي الكريم زامورانو




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.