التصنيفات
طب الصيدلة Pharmaco

التداخلات الدوائية – 9

التداخلات الدوائية – 9


الونشريس

.
التداخلات الدوائية الناتجة أثناء آلية فعل الدواء

pharmacodynamic interactions

ذكرنا أن هناك سؤالين مهمين عند أخذ الدواء من قبل المريض ، الأول هو : ماذا يفعل الجسم للدواء ؟ والجواب على هذا السؤال هو أن الجسم يقوم بامتصاص وتوزيع واستقلاب وطرح الدواء ، وذكرنا أن هذه هي معايير الحركة الدوائية التي تحكم زمن وبقاء الدواء في الجسم ، وتطرقنا الى بعض التداخلات الدوائية المتعلقة بمعايير الحركة الدوائية .
أما السؤال الثاني فهو : ماذا يعمل الدواء للجسم ؟والإجابة على هذا السؤال ، يقودنا إلى علم ودراسة التأثيرات البيولوجية التي تحدث لجسم الكائن الحي وآلياتها نتيجة أخذ الدواء ، وهو علم تأثير الدواء . وهناك تداخلات دوائية متعلقة بآلية فعل الدواء .
فمدرات البول المستخدمة في علاج ارتفاع التوتر الشرياني – ضغط الدم – مثل مجموعة ثيازايد ( thiazide ) ، فيوروزيمايد ( furosemide ) ، ودواء حمض ايثاكرينيك ( ethacrynic acid ) ، تعمل على زيادة طرح عنصري الصوديوم والبوتاسيوم من الجسم عن طريق الكلى . لقد وجد بأن مرضى القلب الذين يوصف لهم دواء ديجوكسين مع مدرات البول تظهر عليهم علامات ارتفاع مستوى دواء ديجوكسين في الدم . والسبب في ذلك هو أن زيادة طرح البوتاسيوم من الدم نتيجة إعطاء مدرات البول تزيد من حساسية القلب لدواء ديجوكسين .وللتغلب على نقص البوتاسيوم يعطى المريض مستحضرات دوائية تحتوي على البوتاسيوم و/أو أكل الأغذية التي تحتوي على كميات عالية من البوتاسيوم .كما لوحظ أن زيادة طرح البوتاسيوم من الجسم يمكن أن تزيد إذا ما أعطيت مركبات الكورتيزون مع مدرات البول التي تؤدي إلى طرح البوتاسيوم من الجسم .
تظهر سمية الليثيوم أيضا عندما يكون مستوى الصوديوم في الدم لدى المرضى متدني ، لأنه في هذه الحالة يزيد من إعادة امتصاص الليثيوم ثانية عن طريق الكلى من منطقة النبيب الكلوي الداني ( proximal renal tubule ) ، مسببة بذلك تأخيرا في طرح الليثيوم من الجسم . ومن بين الأسباب التي تؤدي إلى نقصان مستوى الصوديوم في الدم هي : الأدوية كمدرات البول مثل مجموعة ثيازايد وكذلك الحمية الغذائية التي تهدف إلى تقليل أخذ الصوديوم .

التداخلات الدوائية الناتجة عن ارتباط الأدوية بالمستقبل ( drug interactions at the receptor site )

التأثير الدوائي لأي مركب هو في النهاية نتيجة ارتباط أو ادمصاص ( adsorption ) المركب على منطقة معينة أو منطقة نشطة في الخلية الحية والتي يطلق عليها بمنطقة المستقبل ( receptor site ) ، هذا الاتحاد ما بين الدواء ومستقبله هو المسؤول عن ظهور الأثر الدوائي ، انه من الواضح أن معظم المستقبلات هي مواد بروتينية وبشكل عام من الأنظمة الانزيمية حيث تتحد مع الأدوية منتجة مركبات معقدة من ثم تعطي أثرا دوائيا .
تتحد بعض الأدوية مع المستقبلات لتشكل معقدات منتجة تأثيرات دوائية ، مثل هذه الأدوية يطلق عليها الأدوية الشبيهة ( agonists ) ، ان درجة التأثيرات الدوائية الناتجة عن هذا الاتحاد تعتمد على تركيز المادة الدوائية وتعتمد ايضا على درجة ارتباط الدواء بالمستقبل . ترتبط أدوية أخرى بالمستقبلات ولا تعطي أي تأثير دوائي ، مثل هذه الأدوية يطلق عليها الأدوية التضادية ( antagonists ) ، قد تحدث التداخلات الدوائية عندما يشغل المستقبل دواء معين لا يعطي تأثيرا دوائيا والذي عادة يرتبط بهذا المستقبل دواء يعطي أثرا دوائيا ، فإذا ما تم إعطاء مثل هذه الأدوية معا فسوف يحصل تنافس على نفس المستقبل . لكن واحد من الأدوية سوف يعطي تأثيره ، وهذا ما يطلق عليه بالتنافس التضادي ( competitive antagonism ) . فإذا كان تركيز الدواء الذي لا يعطي أثرا دوائيا نتيجة ارتباطه بالمستقبل عاليا وله درجة ارتباط بالمستقبل أعلى من الدواء الذي يعطي أثرا دوائيا فالنتيجة هي عدم حدوث أي أثر دوائي . التداخلات الدوائية يمكن حدوثها أيضا عندما يرتبط الدواء ذو الأثر الدوائي ( agonist ) بمستقبل يختلف عن المستقبل الذي يرتبط به الدواء الذي لا يعطي الأثر الدوائي ( antagonist )وهذا النوع من التداخل الدوائي يطلق عليه التضاد غير التنافسي ( noncompetitive antagonist ) .
والتداخلات الدوائية الناتجة من ارتباط الأدوية بالمستقبلات يمكن تقسيمها إلى ما يلي :
1 – التداخلات الدوائية الناتجة من إعطاء أدوية تشترك في أثر دوائي واحد أو أكثر .
العديد من التأثيرات الدوائية المتآزرة والإضافية تنشأ من اجتماع تأثيرات دوائين أو أكثر في نفس الوقت . ومثال ذلك هو الخطورة التي تكمن في تضعيف الجهاز العصبي المركزي نتيجة أخذ أدوية مختلفة لكنها تشترك في حدوث أثر سلبي مؤذي ، قد لا يكون له أهمية سريرية تذكر في حالة إعطاء دواء واحد ، مثل الأثر الجانبي المتمثل في ظهور علامات معاكسة مادة أستيل كولين عند اعطاء مريض أدوية مساعدة للنوم مثل مجموعة باربيتيورات مع أدوية مضادة للهستامين مع أدوية مرخية للعضلات مع أدوية مركزية مسكنة ، نلاحظ أن جميع هذه الأدوية مختلفة ، لكنها تنتج نفس الأثر الجانبي وهو معاكسة مادة أستيل كولين والمتمثلة بجفاف الحلق والأنف والامساك ، وغيرها . وعندما يكون المريض متقدما في السن فان هذه الأعراض تكون أكثر وضوحا .
2- التداخلات الدوائية التضادية :
هذا النوع من التداخلات يحدث عندما يكون تأثير الأدوية المعطاة متعاكس ، سواء ارتبطت بنفس المستقبل أم لا . والأمثلة على ذلك كثيرة كمنشطات ومغلقات مستقبلات بيتا ، دواء وارفارين وفيتامين ( ك ) ( vitamin k ) ، أدوية مجموعة ثيازايد المدرة للبول وأدوية خافضات سكر الدم الفموية ، تقليل فاعلية مجموعة أدوية بنسلين القاتلة للبكتيريا ( bactericidal ) عندما تعطى مع أدوية موقفة لنمو البكتيريا ( bacteriostatic ) مثل أدوية مجموعة تتراسيكلين ، حيث أن أدوية بنسيلين تعمل عندما تكون الميكروبات في طور النمو بينما تتراسيكلين تقلل من تصنيع المواد البروتينية فيتوقف نمو البكتيريا الأمر الذي يلغي فعالية أدوية مجموعة بنسلين . هذه الأمثلة من التدخلات متوقعة الحدوث ، بينما قد تكون هناك تداخلات غير متوقعة .
تداخلات أخرى كالتي تحدث بين مغلقات بيتا غير الانتقائية ( non – selective beta- blockers )مثل دواء بروبرانولول ، التي تطيل مدة انخفاض سكر الدم من خلال تثبيطها لعملية تحطيم مادة الجلايكوجين ( glycogen ) المتممة في حالة انخفاض سكر الدم المعتمد على الأنسولين ( IDDM ) وتحطيم مادة الجلايكوجين تتم بواسطة إثارة أو تنبيه مستقبلات بيتا-2 ( ***946; -2 – receptors ) ، الأمر الذي أدى إلى إيجاد أدوية أكثر انتقائية في عملها بمعنى أنها ترتبط بمستقبل بيتا- 1 بدرجة تفوق ارتباطها بمستقبل بيتا – 2 ، مثل دواء أتينولول ( atenolol ) ودواء ميتوبرولول ( metoprolol ) .

التداخلات الدوائية الناتجة بسبب الخلل في توازن الشوارد ( الكهارل ) والسوائل في الجسم . Drug interactions due to fluid and electrolyte imbalance

لقد وجد بأن نقصان أيونات البوتاسيوم من الدم ( hypokalaemia ) يعتبر عاملا مهما في ظهور علامات التسمم بدواء ديجوكسين . ذلك أن كل من البوتاسيوم والديجوكسين يتنافسان على مناطق الارتباط لانزيم ( Na+ / K+ – ATPase ) ،اضافة الى بعض الآراء التي تفيد بأن نقص البوتاسيوم من الجسم يقلل عملية الطرح النشطة للديجوكسين عن طريق الكلى . فاذا نقص تركيز البوتاسيوم زاد ارتباط الديجوكسين بهذا الانزيم بحيث تصبح الجرعة الاعتيادية جرعة زائدة . إن نقص مستوى البوتاسيوم في الدم يهيئ ظهور الآثار السيئة لدواء سوتولول ( sotolol ) ، دواء كوينيدين ( quinidine ) ، دواء بروكين آمايد ( procainamide ) ، ودواء اميودارون ( amiodarone ) وهي من أدوية تنظيم ضربات القلب . من الأدوية التي تقلل مستوى البوتاسيوم في الجسم هي : مدرات البول – باستثناء مدرات البول الحا فضة للبوتاسيوم – ( potassium – sparing diuretics ) ، الأدوية المسهلة لفترة طويلة ، مركبات قشرة الغدة الكظرية ( corticosteroids ) ، وبعض المضادات الحيوية مثل كاربنيسلين ( carbenicillin ) ، اذا أخذت لفترة طويلة .
زيادة تركيز الكالسيوم – على عكس البوتاسيوم – تعمل على زيادة حساسية دواء ديجوكسين لعضلة القلب وأن تقليل تركيز مستوى الكالسيوم تؤدي إلى تقليل فاعلية دواء ديجوكسين .
تقليل مستوى الصوديوم يساعد على ظهور الآثار السيئة لمركب كاربونات الليثيوم ( lithium carbonate ) ، ولهذا السبب لا يجوز اعطاء مركبات الليثيوم لمرضى يأخذون مدرات البول أو ممن يتبعون حمية غذائية قليلة المحتوى من الصوديوم وحتى المرضى المصابون باسهالات لفترة متكررة ومطولة أو زيادة في التعرق . إن تقليل مستوى الصوديوم نتيجة لأخذ مدرات البول يقلل من طرح الليثيوم مما يؤدي إلى زيادة فعاليته .
التداخلات الدوائية التي تحدث على المستقبل ( drug interactions at receptor sites )
الأدوية المثبطة للإنزيم المؤكسد للمركبات أحادية الأمين ( monoamine oxidase inhibitors – MAOI ) مع الأدوية المقلدة للنظير الودي ( sympathomimetic agents ).
يعمل الإنزيم المؤكسد للمركبات أحادية الأمين على تحطيم المركبات الأمينية كمجموعة مركبات كاتيكول أمين ( catecholamines ) مثل نور _ ادرينالين ( noradrenaline) . عندما يثبط هذا الأنزيم فان تركيز نور_أدرينالين في مناطق تخزينه تزداد في الأعصاب الودية ، وأن إعطاء أي دواء من شأنه تحرير هذا المركب من مناطق تخزينه سوف يؤدي إلي ظهور استجابة مضاعفة ، مثل اعطاء دواء أمفيتامين( نظير ودي غير مباشر ) مع الأدوية المثبطة لهذا الانزيم تؤدي الى ظهور علامات زيادة تركيز نور- أدرينالين المتمثلة بصداع شديد وعدم انتظام ضربات القلب وارتفاع في التوتر الشرياني ( hypertension ) وقد يصل هذا الارتفاع إلى مرحلة الخطر ( hypertension crisis ) . هناك مستحضرات صيدلانية ( مستحضرات ضد السعال والحساسية ) قد تباع بدون وصفة طبية تحتوي على مركبات أمينية أخرى ، مثل : دواء افدرين ( ephedrine ) ودواء فينيل افرين ( phenylephrine ) ،. والتي تتداخل مع الأدوية المثبطة للإنزيم المؤكسد للمركبات أحادية الأمين مثل : فينيلزين (phenezine ) ، ترانيل سايبرومين ( tranylcypromine ) ، ودواء بارجالين ( pargyline ) .
هناك تداخل قد يكون خطيرا في بعض الأحيان يؤدي إلى ارتفاع حاد في التوتر الشرياني عند الأشخاص الذين يعالجون بالأدوية المثبطة للإنزيم المؤكسد للمركبات أحادية الأمين وأكل الطعام الذي يحتوي على مادة تايرامين ( tyramine ) ، كالجبن ، وبعض المشروبات الكحولية ، والشوكولاتة ، وكبد الدجاج ، وغيرها . والمعروف بأن مادة تايرامين تستقلب بواسطة الإنزيم المؤكسد للمركبات أحادية الأمين ( MAO ) وهذا الانزيم موجود عادة في أغشية الأمعاء والكبد حماية للجسم من خطر هذه المركبات التي ترفع التوتر الشرياني . إلا أن تثبيط هذا الأنزيم يؤدي إلى زيادة في تركيز مادة تايرامين غير المستقلبة وبالتالي تراكمها في الجسم مسببة تحرر مادة نور- أدرينالين من الأعصاب الودية .

الأدوية المثبطة للإنزيم المؤكسد للمركبات أحادية الأمين مع أدوية مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات
( MAOI – Tricyclic antidepressants )

تعمل مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات ( مثل : أميتربتلين ( amitriptyline ) ودواء اميبرامين (imipramine) على توقف عملية إعادة أخذ نور- أدرينالين المحررة من مناطق تخزينه في الأعصاب ، وبالتالي زيادة تركيزه . ولذلك فان هناك تحذيرا من أخذ هذه الأدوية مع أدوية مثبطة للإنزيم المؤكسد للمركبات أحادية الأمين خوفا من ظهور آثارا سيئة تتمثل بتفاعلات شبيهة بالأتروبين ، رجفان ، تشنجات ، ارتفاع درجة حرارة الجسم .
المرجع : الحنيطي، راتب : كتاب التداخلات الدوائية




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.