هو ذاك الذي هربت عنه زوجته
كانت لي زوجة كالبدر .. عشت معها سنوات بلون السحر ..ماعشت في مكان اخر غير حضنها تلك النشوة وتلك السعادة وذلك الجنون.. لكن يبقى دائما لجنون المقاهي والسجائر المحشوة سحر يجدبني رغم قسمي بربي السماء ان ابعد عنه واتفرغ لزوجتي حبيبةًً من الشروق الى الشروق.. لكني فشلت دائما في ذلك..
كنت أستيقظ الصبح على لمسة يدها ورائحة قهوتها.. وأعود الظهيرة للبيت على إشراقة وجهها ونَفَس طواجينها..كان صوت ضحكتها واحاديثها يملاء المكان عذوبة و يعطيه روحا وجمال..
أه كم اشتقت لها.. اشتقت لضحكاتها وحتى لثوارنها حين اعود متاخراَ .. كانت تغار عليّ من تسكع المقاهي ومن دخان سجائري..
كنت بارعاً في امتصاص غضبها لأسرق من جديد ضحكاتها..
كنت اقنعها اني احبها جداً لكن في قرارة نفسي كنت أعلم اني احب المقاهي بشكل اكبر ..احب السجائر اكثر واكثر.. واحب التسكع حتى طلوع الفجر..
هما حبين يسكناني وليس لي دونهما حب..من احضان المقاهي لحضنها .. ومن ارتشاف السجائر لارتشافها ..
تمر السنين وحبي لها يزيد.. وحب المقاهي في دمي يزيد ويزيد
وزاد معه حب طاولات القمار والكؤوس والاصحاب والسهر..
اعود اليها ثملا ابكي .. تثور وتثور لكنها تستسلم لحضني..
كانت تبكي على حالها.. وعلى حال رجل اتخذ المقاهي والخلان درة لها..
وتبكي على الامومة التي لم يقدرها الله لها.. كنت اشفق عليها مني.. واطلب الله ان يرزقنا بطفل يشغلها قليلا عنّي..
ادمنت هي زيارة الاطباء والمشايخ والاولياء .. كانت تاخذني عنوة معها عند كل الاطباء .. ليثبتوا لنا جميعا .. انّه ابدا ليس هناك داء.. والمسالة مسالة وقت لننعم باجمل الابناء.. كثرت المصاريف وكثرت القروض ..من اجل الاطباء والسهر والمقاهي والكؤوس والطاولات..
وكثرت الدموع والصراخات ..
كان لديها سؤال واحد لا اطيقه ودائما تردده .. لما لا تعز عليك مصاريف السهر والمقاهي كما تعز عليك مصاريف الادوية والاطباء..
وتغضب واغضب.. وتحمل حقيبتها وترحل .. و ألحق بها كالمجنون لإعادتها .. فرائحة عطرها في دمي تسري ولا أستطيع العيش بدونها
فأنا أدمنتها كإدمان السجائر و..
أدمنتها و أدمنتَها كتبي التي ترتبها وربطة عنقي التي تعقدها .. وأشيائي التي تعبق بعطر رائحتها ..
.
.
.
.
.
. ورحلت هذه المرة وأقسمت الآ تعود
أعود من عملي لأجد البيت يعج بالاشياء المتناثرة هنا وهناك
وملابسي المتسخة المتراكمة في كل الارجاء والكؤوس والصحون القذرة ، كست الكآبة البيت.. و غطى الغبار قوارير عطرها و ادوات تجميلها ..لم يعود لحياتي معنى ..اعود ثملا ولا اجد من يعد لي الحمّام .. ارتمي على فراشي و أجده بارداً كالصقيع.. أسيقظ ولا اجد كوب قهوة دافئ.. استعد للخروج ولا اجد ملابسي مكوية .. أدخل مقر عملي بين الموظفين مطأطئ الرأس و أحس كانهم سَيرو كول قميجتي المتسخ.. أحسهم يتهامسون عنّي ويقولون هو ذاك الذي هربت عنه زوجته.. لم أعد ارجع الظهيرة للبيت .. ولما أرجع و لمن ارجع..
كثرت الشكاوي في الادارة بسبب الغياب.. وادمنتُ هذه المرة الذهاب لبيتهم من اجل ارجاعها ..قلت لها بالحرف الواحد أنت لي ولن تكوني لغيري ..
ستعودي ستعودي..
قالت لي ، انا أقسمت ألا اعود.. إذا طلقني وبعدها أعود لك..
صدقتها كالمجنون وطلقتها..على أن الاتفاق بيننا ان ارجعها بعد الطلاق.. لكن هيهات فقد ضاعت مني احلام ..كما ضاعت كل الاحلام
وكما ضاع راتبي في المقاهي والحانات..وكما ضاعت الايام الجميلة
أنا الان رجل يبكي ويقول ( لقد كانت لي زوجة)
كانت لي زوجة تدفئ فراشي.. وتغسل الاوساخ التي اجرها معي بعد الفجر من الحانات.. وتعطر أنفاسي من روائح السجائر.. كانت لي زوجة تعد لي الطعام وتكمد لي العظام ..
لكني اخترت عليها المقاهي والسجائر.. وها انا الان في المقهى مع السجائر.. ولا أحد يرن في هاتفي ليسال قلقا عنّي..
لكني ساترك المقاهي يوما لأعود رجلا صالحا كما كانت تريد احلام…
::
مؤثرة حقا وهذا لاخذ العبرة منها و ادراك النعمة قبل ضياعها
بارك الله فيك
شكرا لمرورك الكريم
من أحب استبدال الفول بالقشر لن يجني من اختياره الا الصبر
ولن يفيد التآم الزجاج بعد الكسر
اشكرك على هذا الاختيار الجميل
من أحب استبدال الفول بالقشر لن يجني من اختياره الا الصبر
ولن يفيد التآم الزجاج بعد الكسر
اشكرك على هذا الاختيار الجميل
شكرا لمروركما
بارك الله فيكما